يُواصِلُ المغرب عبر الآلة الدبلوماسية الهادئة التي يقودها وزير الخارجية، ناصر بوريطة وفريقه، قطع الطريق أمام أطماع القوى الدولية المختلفة الساعية إلى استنزاف خيرات البلاد واستفزازه بشتى الطرق في محاولات فاشلة من أجل تحقيق بعض المصالح الاقتصادية في المنطقة.
وأعزى عدد من المتتبعين أسباب الفجوة الأخيرة في العلاقات بين الرباط وبرلين، إلى رغبة الأخيرة في الاستحواذ على ثروات جبل “تروبيك” المغربي، الغني بالمعادن التي تدخل في صناعات مُتعددة، إضافة إلى معارضتها لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه.
وحاولت بعض الشركات المختصة في مجال صناعة السيارات، ممارسة ضغوطات على المستشارة السابقة أنجيلا ميركل لفرض اتفاقية على الرباط تحصل بمقتضاها برلين على حصة الأسد من معدن “الكوبالت” الذي يعتبر عنصرا أساسيا في صناعة الإلكترونيات وتحديد البطاريات.
ورغم رفض ناصر بوريطة في وقت سابق، الكشف عن تفاصيل وخلفيات الخلافات التي أدت إلى قطع العلاقات مع سفارة برلين، مكتفيا بالقول في رسالة موجهة إلى أعضاء الحكومة،، إنّ الأمر يتعلق بخلافات عميقة تهم قضايا مصيرية، إلا أنّ بعض الحقائق بدأت تطفو على السطح.
وقال عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إنّ الصيغة التي جاءت في رسالة وزير الخارجية المغربي إلى رئيس الحكومة والوزراء، حول وجود خلافات عميقة بين المغرب تهم قضايا مصيرية، تحتمل تفسيرات مختلفة.
وأوضح بنلياس، في حديث مع “بناصا” أنّ قضية الوحدة الترابية تأتي في المقدمة، وفي نفس الوقت لا يمكن استبعاد عوامل أخرى لهذا التوتر الديبلوماسي في العلاقات المغربية الألمانية، (التروبيك مقابل الاعتراف).
ويرى المصدر ذاته، أنّ الحديث عن أطماع اقتصادية للدول الكبرى في الثروات المعدنية، والمائية الموجودة في الصحراء المغربية، تدفع بكل تأكيد هذه القوى للبحث عن الاستفادة من استغلال تلك الخيرات والكنوز الموجودة في جبل التروبيك.
وأبرز أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن كل الدول تحاول استعمال ضغوطاتها المختلفة للفوز بجزء من تلك الخيرات السالف ذكرها، وذلك بإبرام اتفاقيات اقتصادية وتجارية ومالية تستغلها لتدعيم تواجدها الاقتصادي والسياسي بالمنطقة.
ولفت المصدر ذاته، إلى أن الحديث عن الثروات المعدنية المهمة المتعددة الاستعمالات في جبل التروبيك أو جبل “الكنز” كما يطلق عليه، سيجعل الدول الاقتصادية الكبرى توظف مختلف الوسائل السياسية والاقتصادية والدبلوماسية للفوز بجزء من هذه الثروات.
وأضاف عبد العالي بنلياس، أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، سرع من عملية انتباه الدول الكبرى للأهمية الإستراتجية للمغرب ولهذه المنطقة، ولهذا الجبل الخامذ بعمق ألف متر تحت سطح البحر قبالة السواحل المغربية الجنوبية، وغرب جزر الكناري.
لذلك فإن عددا من الدول بدأت تفتح بعثات قنصلية لها في الصحراء المغربية، لدعم المغرب في وحدة أقاليمه، وفي نفس الوقت متابعة تطورات المنطقة، وربط قنوات رسمية مع السلطات المغربية للتشاور والتعاون حول القضايا المشتركة السياسية والاقتصادية والأمنية.
وخلص المتحدث ذاته، أنه لا غرابة أن تكون المصالح الاقتصادية والرهانات الجيو سياسية لألمانيا وراء مواقفها من قضية الوحدة الترابية، والضغط على الرباط من أجل التفاوض لتحقيق بعض المآرب والأطماع الاقتصادية في المنطقة.
وأشار أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى أنه يجب التذكير أنه في العلاقات الدولية، المصالح الدائمة هي المحدد في تعزيز العلاقات بين الدول، وأن الدبلوماسية الاقتصادية تدعم وتعزز الدبلوماسية السياسية.
تعليقات الزوار ( 0 )