شارك المقال
  • تم النسخ

هل يبشر موقف البرلمان الإفريقي بقرب مناقشة وضع سبتة ومليلية المحتلتين؟

مباشرة بعد صدور قرار البرلمان الأوروبي الرافض لما أسماه بـ”استغلال القاصرين في الهجرة”، من طرف المغرب، في أزمته الدبلوماسية ضد إسبانيا، بادر برلمان عموم إفريقيا، إلى إصدار مراسلة لنظيره في القارة العجوز، يدعوه فيها لعدم التدخل في الخلاف الثنائي الحاصل بين الرباط ومدريد.

وخلّف موقف البرلمان التابع للاتحاد الإفريقي تساءلات واسعة في أوساط نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين طرحوا إمكانية دخول هذه المؤسسة القارية، على خط حلّ مشكل المناطق التابعة لها جغرافيا، والتي ما تزال خاضعة للاحتلال الأوروبي، مثل مدينتي سبتة ومليلية وبقية الجزر المغربية التي تسيطر عليها إسبانيا.

وفي هذا السياق، استبعد محمد المرابطي، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بكلية الحقوق بفاس، مطالبة برلمان عموم إفريقيا التابع للاتحاد الإفريقي، باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، على المدى المنظور على الأقل، بالرغم، يضيف، أن “من بين أهدافه المنشأ بمقتضى المادة 17 من القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي، تحقيق السلام والأمن والاستقرار في القارة وتنفيذ سياسات وأهداف الاتحاد الإفريقي”.

وأضاف المرابطي، في تصريح لجريدة “بناصا”، أن من بين أهداف الاتحاد الإفريقي، “الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، وفق ما تنص عليه المادة الثالثة في فقرتها الثانية بالقانون الأساسي للاتحاد الإفريقي”، متابعاً بأن المادة الرابعة من البروتوكول المنشئ لبرلمان عموم إفريقيا، تخول له “فحص ومناقشة وإبداء الرأي بشأن أي مسألة تهم الدول الأعضاء وتقديم توصيات بشأن ذلك”.

وبخصوص الأسباب التي جعلته يستبعد هذا الأمر، يوضح المرابطي، أن المغرب، “لم يسبق له المطالبة رسميا باسترجاع سبتة ومليلية، ولم يقدم أي طلب لدى اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتصفية الاستعمار، عدا بعض التصريحات حول الموضوع المقدمة في مناسبات مختلفة، ونذكر ما صرح به الحسن الثاني بدعوته لإحداث خلية تفكير مشتركة بين البلدين لبحث الحلول المناسبة لهذا الموضوع، وكذا تصريحات رئيس الحكومة المغربية ومناقشات البرلمان والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإعلام”.

وأردف أن “تريث المملكة المغربية في المطالبة الرسمية باسترجاع المدينتين السليبتين، أدى إلى عدم تصنيف منظمة الأمم المتحدة المنطقة ضمن المناطق المحتلة والواجب تحريرها لحد الآن، اعتبارا لكون إسبانيا الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، وتحين الفرص لنضج الظروف لطرح ملف سبتة ومليلية في حوار هادئ”.

وأوضح المتخصص في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن المغرب تحاشى “الدخول في نقاش رسمي حول هذا الموضوع في أكثر من مناسبة، حيث لم يثر قضية تحرير الثغرين المحتلين في بيان وزارة الشؤون الخارجية الأخير المعقب على بلاغ البرلمان الأوربي، الذي اعتبر سبتة ومليلية تقعا داخل الحدود الأوربية”.

وتابع أن المغرب أيضا “لم يرد كذلك على تصريحات مدريد عندما طالبت باحترام سيادة أراضيها لما استدعت السفيرة المغربية لطلب إيضاحات حول تصريحات صحفية لرئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني”، والتي كان قد اعتبر فيها سبتة ومليلية مدينتين مغربيتين محتلتين، واعتبر أن طرح موضوعهما سيحين وقته.

وأشار المرابطي إلى أن الغرب في الوقت الراهن، منشغل “بتدبير القضية الوطنية الأولى لملف وحدته الترابية في الصحراء، وما يستلزم ذلك من نشاط سياسي ودبلوماسي من مرافعات ومفاوضات وحشد الدعم القاري والدولي لتعزيز مغربية الصحراء، ولا يمكن له تشتيت جهوده بفتح ملف آخر في نفس الوقت”.

ونبه إلى أنه، من بين الأسباب التي تجعل من المستبعد أن يناقش البرلمان الإفريقي موضوع الثغرين المحتلين، التزاماته “المتمخضة عن الاتفاق خلال قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي التي انعقدت بأبيدجان في 2017، بعدم: إثارة أية مشاكل بين دولتين تدخل في إطار العلاقات الثنائية، وأنه لا يمكن للبرلمانين التدخل إلا إذا ناقش الطرفان هذا المشكل سلفا”.

إلى جانب، يتابع المرابطي، أن “الاتحاد الإفريقي بمثابة انعكاس للوضعين القاري والإقليمي وللاصطفافات السياسية بين الدول في المشهد الإفريقي، وبالتالي مبادراته وقرارات أجهزته مرهونة بموازين القوى ونفوذ الدول الأعضاء في الاتحاد”، مختتماً: “كما أن قضايا تصفية الاستعمار لا يطالها التقادم، وبالتالي للمغرب ومعه الاتحاد الإفريقي أن يطالب بذلك في المستقبل، خاصة أن هناك حالات مشابهة كاسترجاع هونغ كونغ من بريطانيا لصالح الصين وغيرها”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي