Share
  • Link copied

هل غيّر المغرب مقاربته في التّعامل مع الدّول التي تعاكس مصالحه الإستراتيجية؟

رغم أنّ ألمانيا من أهم الشركاء التجاريين للمغرب والتي سجلت العام الماضي صادرات بلغت قيمتها 1,9 مليار يورو وواردات تناهز 1,3 مليار، إلا أنّ الجانب السياسي والدبلوماسي يحكم علاقات الرباط مع عواصم العالم، حيث استدعت المملكة سفيرتها لدى برلين للتشاور بسبب “مواقف عدائية” على خلفية نزاع الصحراء.

وذكرت الخارجية المغربية في بيان لها (الخميس) أنّ ألمانيا سجلت موقفا سلبيا وعدائيا بشأن قضية الصحراء المغربية، بعد اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب العام الماضي بسيادة الرباط على هذه المنطقة، مُشددة على أن هذا “يعتبر موقفا خطيرا لم يتم تفسيره لحد الآن”.

وبسبب الـ”مواقف العدائية الألمانية التي تنتهك المصالح العليا للمملكة”، ردت وزارة الخارجية بقوة ضد برلين على خلفية عدد من الملفات المثيرة للجدل من بينها؛ محاولة استبعاد المملكة من دون مبرر من المشاركة في بعض الاجتماعات الإقليمية المخصصة للقضية الليبية، والتواطؤ مع المدعو محمد حاجب المدان بإرتكاب أعمال إرهابية، بالإضافة إلى قضية الصحراء.

وفي هذا السياق، أكد عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنّ الدبلوماسية المغربية قد بدأت في بلورت مقاربة جديدة في تعاملها مع الدول التي تعاكس مصالحا الحيوية والإستراتجية، وهي مقاربة تعتمد على  أدوات دفاعية عن حقوقه المشروعة بأدوات هجومية، تروم وضع النقط على الحروف وتوضيح المواقف.

وأوضح بنلياس في تصريح لـ”بناصا” أنّ الرباط تروم جني المكاسب السياسية والدبلوماسية من المجهودات التي تقوم بها على مستوى التعاون مع الدول الأوروبية في مواجهة الإرهاب ومحاربة الهجرة غير الشرعية، ودورها في تعزيز الاستقرار على مستوى العربي والإفريقي، فضلا عن الدور القيادي والمحوري الذي أصبحت تقوم به على مستوى القارة الإفريقية إن على المستوى الاقتصادي أو على المستوى السياسي والأمني.

وشدّد الأستاذ المتخصص في القضايا الدولية والسياسات الخارجية، على أنّ هذه الأدوار التي يقوم بها المغرب لا يمكن أن تكون من جانب واحد، بل لابد أن يكون هناك نوعا من التفاعل والاعتراف بهذه المجهودات  ومراعاة الوزن السياسي الذي أضحى يتمتع به على المستوى الإقليمي والدولي,

وأبرز المصدر ذاته، أنه لا يمكن أن تواجه هذه المجهودات بقرارات عدائية وغير مفهومة من طرف ألمانيا، لأن العلاقات الدولية هي علاقات مصالح هي أخذ وعطاء وتعزيز التعاون يقوم على مراعاة مصالح الطرف الآخر، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضية مصيرية وحيوية وهي قضية الوحدة الترابية.

فمحاولة ألمانيا تجاهل التطورات الإيجابية التي تعرفها قضية الوحدة الترابية، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وازدياد عدد الدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية، هو عمل يدخل ضمن المواقف العدائية.

وتابع بنلياس، أن هذا الأمر يتطلب الحزم في المواقف لدفع ألمانيا لمراجعة مواقفها وفتح حوار مع المغرب حول قضية الوحدة الوطنية وتطوراتها وسبل حلها، وليس الركون إلى الموقف التقليدي الذي لا يراعي التطورات الإقليمية والدولية التي تأثر في مسار الأزمات الدولية وتدفع المجتمع الدولي لحلها بناء على هذه التطورات.

كما أن تجاهل ألمانيا للدور المغربي في حل الأزمة الليبية من خلال استضافته لجلسات الحوار الليبي الليبي، ومخرجات هذا الحوار التي كان لها دورا حاسما في نزع فتيل الأزمة ووضع حد للغة السلاح، وانطلاق مسلسل بناء المؤسسات السياسية والدستورية، كلها تجعل من المغرب وسيطا ذا مصداقية وفاعلا ناجحا في حل الأزمة الليبية.

ولفت عبد العالي بنلياس، إلى أنه لا يمكن القفز على هذا الدور والالتفاف عليه، باستبعاد المغرب من اللقاءات التي عقدت في برلين، بحيث لا يمكن تفسير هذا الاستبعاد إلا بالمحاولة التي تروم قطف مجهودات الآخرين ووضعها بشكل تعسفي  في سلة انجازات الدبلوماسية الألمانية بشكل يخالف الواقع.

ومن هنا، يضيف المصدر ذاته، فإن الدبلوماسية المغربية تكون قد رمت بالكرة في ملعب الدبلوماسية الألمانية، من أجل دفع هذه الأخيرة للحوار البناء حول القضايا الخلافية التي تراعي المصالح المتبادلة للطرفين، وتأخذ بعين الاعتبار ما يشكل قضايا حيوية ومصيرية بالنسبة للمغرب والتي لا يمكن أن تكون موضوع معاكسة ولا مساومة من طرف ألمانيا.   

Share
  • Link copied
المقال التالي