Share
  • Link copied

هل تستهدف حكومة العثماني كليات الحقوق في زمن “كورونا”؟

لا زالت تبعات مشروع بنعبدالقادر لم تنته حتى أطلت حكومة العثماني بمرسوم صادق عليه مجلس الحكومة يهدف إلى تغيير وتتميم المرسوم رقم 2.90.554 المتعلق بالمؤسسات الجامعية والأحياء الجامعية، المرسوم الذي بُرر تعديله بمجموعة أفكار منها تحسين ظروف التأطير البيداغوجي والإداري بالمؤسسات والرفع من الطاقة الاستيعابية ،وكذا ملاءمة الخريطة الجامعية مع التقسيم الجديد ،ومباشرة شرعت الحكومة في تقسيم كليتين للحقوق في سطات والقنيطرة اللتان باتتا تضمان كليتين : كلية العلوم القانونية والسياسية وكلية الإقتصاد والتدبير .ويطرح هذا التقسيم التساؤلات والملاحظات التالية التي تهم مستقبل كليات الحقوق بالمغرب:

أولا ،هل يحق لحكومة العثماني أن تصدر هذا النوع من المراسيم في حالة الطوارئ الصحية ؟وهل توجد مبررات لهذا النوع من المراسيم في زمن كورونا سبقه زمن أخر كانت فيه وزارة سعيد أمزازي بصدد مناقشة مقتضيات نظام الباشلر الذي لم يعد ممكنا تطبيقه في السنة المقبلة إلا إذا غامرت الوزارة بالجامعات والكليات، وهي مغامرة إذا ماتمت ستكون تبعاتها خطيرة جدا ،فالزمن الجامعي السابق على كورونا كانت تروج فيه مسألة تقسيم كليات الحقوق ولكنها لم تحسم ،فلماذا شرعت وزارة أمزازي في التقسيم قبل تنزيل نظام الباشلر الجديد؟وهل يمكن إصدار مرسوم من هذا النوع قبل اكتمال منظومة نظام الباشلر بكافة مكوناتها؟

ثانيا ، هل يحق لوزارة سعيد أمزازي أن تصدر هذا النوع من المراسيم دون استشارة مجالس الكليات في كلية الحقوق ومجالس الجامعات التي تضم ممثلين عن أساتذة كليات الحقوق، ففكرة التقسيم تروج من سبع سنوات تقريبا، فلماذا شُِرع في تطبيقها خلال زمن كرونا الذي تشتغل فيه الكليات عن بعد، ولم تجتمع فيه لامجالس الكليات ولامجالس الجامعات لأنه من الصعب جمعها مادامت الجامعات لم تكن مهيئة للعمل بالتكنولوجيا الرقمية ،بل أن مجالس الجامعات يصعب جمعها بعد أن حولها قرار الضم الذي قام به الويز السابق لحسن الداودي إلى “برلمانات جامعية” بأعداد تمثيلية كبيرة يصعب معها أحيانا حسم النقاشات طيلة يوم كامل.

ثالثا ، هل استشارت وزارة أمزازي النقابات التمثيلية للأساتذة حول هذا التقسيم ؟وهي النقابات التي ظلت رافضة إلى حدود ماقبل جائحة كورونا الطريقة التي يدار فيها موضوع نظام الباشلر.

رابعا ، قد تكون وزارة أمزازي تعتمد في هذا النوع من القرارات الرامية إلى تقسيم كليات الحقوق على ندوة رؤساء الجامعات التي باتت تشكل حكومة داخل الوزارة نظرا للصلاحيات الكبيرة التي منحت لها ،لكن ينبغي ملاحظة أن الأمر يتعلق بكليات الحقوق ذات الإستقطاب المفتوح لعدد كبير من الطلبة مقابل قرارات تتخذ في ندوة رؤساء جامعات كلهم ينتمون إلى كليات العلوم والتقنيات ،بل أن العديد من رؤساء الجامعات الحاليين لم يسبق لهم زيارة كليات الحقوق أو الإجتماع بمجالس كلياتها لمعرفة حاجياتها وتقييم إمكانية التقسيم من عدمه ،فهم لايعرفون مثلا أن هناك أساتذة من شعبة التدبير أو الاقتصاد يُدَرسون المالية ومواد أخرى لها علاقة بالقانون الخاص والعام ،فهل ستقوم الوزارة بفصل الأساتذة في هذه الحالة إلى شطرين نصفه في كلية العلوم القانونية والسياسية والنصف الثاني في كلية العلوم الإقتصادية والتدبير؟

خامسا ،هل فكرت الوزارة في البنايات ؟ هل ستضع أسوارا بين المدرجات في كليات الحقوق السابقة لتحديد أين تبدأ كليات العلوم القانونية والسياسية وأين تقف كليات الإقتصاد والتدبير؟ وهل فكرت ،وهي في زمن كورنا ، في من يُسير هذه الكليات بعد فصلها الى شطرين ؟ فمسطرة تعيين العمداء تستمر على الأقل لستة أشهر في حالة ما إذا لم تكن هناك طعون أو تعاد المباريات ،وهناك كليات ظلت بدون عمداء لسنتين وتوقفت كل المساطر ،وحدث تراكم لازالت لم تتحرر منه لحد الآن رغم تعيين العمداء.

سادسا ،تسمى كليات الحقوق بكليات العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية ،فأين اختفي مفهوم الاجتماعية بين القانونية والسياسية من جهة والإقتصادية والتدبير من جهة ؟ومن هو هذا الخبير الذي أفتى بإلغاء مفهوم الإجتماعية؟ وهل يعرف حجم الخطأ الذي ارتكبه في زمن كورونا ونحن مقبلون على تحولات اجتماعية كبيرة؟ ألا يعرف هذا الخبير أنه في كل الدول توجد البنية الإجتماعية ثم النظام الاجتماعي ثم القيم والتقاليد والثقافة الإجتماعية وبعدها الظاهرة الإجتماعية ثم يأتي القانون أو السياسة أو الاقتصاد والتدبير في نهاية المطاف، لأنه لن تكون هناك وظيفة معرفية لهذه التخصصات إلا انطلاقا من فهم كل هذه المكونات الإجتماعية ،وأوضح هنا، أن خبراء وزارة التعليم العالي سبق أن ارتكبوا خطأ في الماضي لما حدفوا مواد منها تاريخ النظم والمؤسسات الإجتماعية من كليات الحقوق.

سابعا، وهذه ملاحظة تهم رئيس الحكومة ،لماذا توقع مذكرات من طرف الوزير المنتذب في التعليم العالي السيد ادريس اعويشة ويخرج الوزير سعيد أمزازي ليشرحها ويدافع عنها، ماهي وظيفة الوزراء المنتدبين ؟ إننا نريد سماع رأي الوزير المنتدب في التعليم العالي ،وينبغي الإنتباه أنه لايمكن أن يخرج الوزير سعيد أمزازي ليتحدث من المدرسة الإبتدائية إلى الجامعة مع التلميذ والطالب، فالعديدون باتت لديهم صعوبة في التمييز بين قرارات التعليم الثانوي والجامعي والإبتدائي والإعدادي، فالأمر يتعلق بمشكل خطير في التواصل ولايوجد في حكومات العالم وزير يوقع مذكرات ووزير ثان يترأس الإجتماعات بخصوصها ويخرج أمام الرأي العام لشرحها.

لقد شرعت الحكومة في تقسيم كليات الحقوق بدون استشارة المعنيين ،وعلى الوزارة الإنتباه إنها الجامعة والزمن زمن كورونا، ولا أحد يعرف كيف سيكون المجتمع بعد كورونا؟ وفي كل دول العالم انكبت الحكومات على تدابير الطوارئ ولا أعتقد أن تقسيم كلية سطات و كلية القنيطرة تدخل ضمن الطوارئ أو له علاقة بوباء كورونا إلا إذا كان لدى الحكومة ولدى ندوة رؤساء الجامعات أسرار لها علاقة بكورنا وزمن الطوارئ لانعلمها نحن أساتذة الحقوق موضوع التقسيم .

*أستاذ العلوم السياسية ،أكدال ،الرباط

Share
  • Link copied
المقال التالي