Share
  • Link copied

هكذا أوقفت المحكمة العليا الإسبانية عربدة البوليساريو فوق التراب الإسباني

من الواضح أن البوليساريو دخل مرحلة النهاية التي تحدث عنها القيادي امحمد خداد في رسالته لابراهيم غالي وقادة مليشيات البوليساريو قبل موته في ظروف غامضة، ذلك أن البوليساريو يفقد بصدور قرار المحكمة العليا الإسبانية مجالا ترابيا ظل يعربد فيه لعقود طويلة ،فالأمر يتعلق بقرار صادر عن قضاء إسبانيا الدولة الأكثر فهما لنزاع الصحراء، إسبانيا أحد مكونات مجموعة أصدقاء الصحراء والتي تعرف جيدا من هو البوليساريو وكيف تمت صناعته، لذلك فالقرار القضائي الصادر عن المحكمة العليا الإسبانية يعد حدثا كبيرا لأنه يصدر عن أحد أقدم المحاكم في العالم التي تتشكل من جهاز قضائي يضم 79 قاضيا وقاضية ،المحكمة التي لها تأثير في المنظمات الإقليمية الأوروبية وأمريكا اللاثينية.

ويظهر بوضوح أن المحكمة العليا الإسابنية أختارت حيثيات قرارها بدقة لتبعث رسالتين مركزيتين تتجاوزان إيقاف عربدة البوليساريو فوق التراب الإسباني لتصلان إلى نفي قانوني لوجود شيء إسمه البوليساريو أو شيء يسمى “علما” لكيان وهمي يسمى البوليساريو، فالمحكمة في حيثيثها الأولى تقول أنه “لايمكن القبول بوجود مايسمى بعلم البوليساريو سواء بشكل مؤقت أو دائم إلى جانب علم إسبانيا أو الأعلام الأخرى القانونية والرسمية “، فالمعنى هنا واضح بأن إسبانيا ترفض كيان وهمي لاوجود له أصلا، فبالأحرى أن يضع هذا الكيان خِرقته إلى جانب العلم الإسباني.

وفي حيثية ثانية تمنع المحكمة استخدام “علم“ أو شعارات أو رموز يستخدمها انفصاليو البوليساريو في الأماكن العامة، فالمحكمة العليا تقول بوضوح أن عربدة البوليساريو بخِرقته لا يتلائم مع “الإطار الدستوري والقانوني الإسباني”، والحيثية تشير بذلك إلى رفض واضح لكيان البوليساريو ،فهي تضع بذلك حدا لعربدة البوليساريو أمام المؤسسات وفي الأماكن العامة فوق كل التراب الإسباني.

ويتصادف سياق هذا القرار القضائي مع موقف سيادي إسباني ثاني صدر في الأيام القليلة الماضية عن وزارة الخارجية الإسبانية لما مسحت كيان البوليساريو من قائمة أعضاء الإتحاد الإفريقي معتبرة أنه غير موجود ،وهو تأكيد جديد على رفض إسبانيا لخطأ الاتحاد الإفريقي الذي تقف وراءه الجزائر بالدفع بكيان وهمي نحو منظمات إقليمية.

ويبدو أن هذا التصحيح الإسباني لمجموعة من السلوكات التي كان يغض عنها الطرف ،جاء نتيجة فك ارتباط اسبانيا لعلاقتها بالغاز الجزائري الذي كان يستعمله جنرالات الجزائر للدفاع عن البوليساريو فوق الأراضي الاسبانية ،وهو الضغط الذي لم تعد له فعالية اليوم في مواجهة إسبانيا.

ويفتح هذا القرار والموقف الإسباني الجديد فرصة للمزيد من المكتسبات المغربية في النزاع داخل الإتحاد الأوروبي والجمعية العامة للأمم المتحدة ،فقرار المحكمة العليا الأسبانية ينضاف إلى مضمون قرارات مجلس الأمن التي تطورت في لغتها القانونية منذ سنة 2007 بشكل كبير، وتجاوزت كل الأساطير التي كانت تدعيها الجزائر والبوليساريو، كما أنه قرار محكمة إسبانية ينضاف الى قرار المحكمة الأوروبية لما أوقفت انتحال البوليساريو لصفة لا يملكها واعتبرت أنه بدون صفة وبدون تمثيلية، ويفتح هذا القرار فرصة لفتح نقاش داخل الإتحاد الإفريقي حيث من المتوقع أن يكون هناك أثر لقرار المحكمة العليا الإسبانية على علاقات الإتحاد الافريقي بالأوروبيين ومنظومة أخرى مثل اليابان التي دأبت على تنبيه الإتحاد الإفريقي حول عدم قانونية حضور البوليساريو في لقاءاتها بالأفارقة.

ومطلوب من الخارجية المغربية اليوم استعمال هذا المكتسب الجديد في كل ماهو قادم من موائد مستديرة، إذا ما قررت الأمم المتحدة تنظيم هذه الموائد، ويجب ربط هذه المقتضيات القضائية والقانونية الجديدة بموقف جزائر عبدالمجيد تبون الذي تطور ووصل لدرجة تبني البوليساريو وجعله شأنا داخليا جزائريا، فسواء في أخر ندوة صحفية للرئيس الجزائري أو في خطاب وزير خارجيته يوم الإثنين الماضي أمام البرلمان الجزائري يوجد لدينا من الحجج مايكفي لتقديمها أمام المجتمع الدولي لرفض الجلوس مع كيان يسمى البوليساريو في مائدة رباعية الأطراف وإنما يجب تكون ثنائية الأطراف: الجزائر والمغرب فقط، مع وجود موريتانيا كطرف ملاحظ ومراقب أما قادة البوليساريو فإما أن لايسمح لهم بالحضور أو أن يحضروا ضمن مكونات الوفد الجزائري، فتبون وبوقادوم صرحا، والتصريح مكون من مكونات السياسة الخارجية الذي يعد موقف دبلوماسيا ،صرحا أن البوليساريو شأن داخلي جزائري، ولا يمكن الجلوس مع الجزائر ومكونها الداخلي البوليساريو في نفس الطاولة، فالبوليساريو اليوم هو كيان وهمي في العالم وكيان جزائري داخلي شبيه بورغلة أو غرداية أو تمنراست ليس له علم، فعلمه هو العلم الجزائري، لذلك رفضت المحكمة العليا الإسبانية خِرقته التي يسميها “علم “، وهذا ينضاف إلى المعطيات الموجودة حول تصويت ساكنة مخيمات تندوف وقيادات البوليساريو منذ سنوات في كل الانتخابات الرئاسية الجزائرية وحدها لكونها شأنا سياديا جزائريا، ومن المتوقع أن يصوتوا على دستور تبون كما صوتوا على دساتير بوتفليقة قبله.

رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني

Share
  • Link copied
المقال التالي