Share
  • Link copied

هجرةُ الأدمغةِ و”كورونا”.. هل يحقّقُ الفيروسُ ما عجزتْ عنهُ الدولةُ؟

شكلت ظاهرة هجرة الأدمغة، في صفوف المهندسين والأطباء وخريجي المعاهد العليا، أحد أكثر المشاكل التي عانى منها المغرب في السنوات الماضية، والتي عجزت السلطات عن إيجاد حل لها، بسبب ما أسماه البعض بـ”غياب الإرادة” الحقيقية للإبقاء على الشباب المغاربة المتميزين في البحث العلمي والاختراع.

وسبق أن حذر عدد من الخبراء، من استمرار هجرة الأدمغة إلى دول أخرى بحثا عن رد الاعتبار، الأمر الذي وقع مع العديد من “العقول”، مثل الدكتور منصف السلاوي، الذي عينه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، على رأس الفريق البحثي المشرف على تجارب إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد، معيداً بذلك الجدل من جديد، بخصوص الظاهرة.

وأثبتت كورونا أن التعويل على الواردات، غير ناجح، بعدما أوقفت أغلب شركات الأدوية في العالم، تصدير أدويتها، بحكم حاجة بلدانها لها، وقد وقع مع المغرب حادث مماثل، بعد أن ألغت شركة أدوية إسبانية، تصدير شحنة كانت محل اتفاقية سابقة، بحجة أن البلاد أحوج إليها في الظرفية الراهنة.

واعتبر متابعون بأن كورونا كان بمثابة الفرصة التي منحت للأدمغة المغربية، حيث تمكنوا من ابتكار العديد من الأجهزة التي ساعدت الدولة على مواجهة الوباء، مثل صناعة طائرة من دون طيار، تساعد على اكتشاف الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس التاجي، بالإضافة لأطقم الكشف عن “كوفيد-19”.

وتمكن المهندسون المغاربة، من إنتاج ما يزيد عن 500 جهاز تنفس اصطناعي، للمساعدة في إنعاش المصابين بالفيروس، كما استطاعوا صناعة أقنعة واقية من الرذاذ، خاصة بالأطباء المشرفين على الحالات المصابة، إلى جانب تمكن المملكة من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكمامات، خلال ظرف وجيز، وتصديرها لعدة دول في الخارج.

ويرى مراقبون بأن الجائحة “بينت أهمية البحث العلمي وخطورة جعل هذا المجال، وكل ما يتصل به، في مرتبة ثانوية”، منبهين إلى أن أولى الأولويات التي يجب أن تضعها الدولة في مخططاتها، هي أن نعتمد على أنفسنا، في جميع النواحي، بعد أن أجبرتنا كورونا على الاعتماد، فعلا، على النفس”.

واعتبر آخرون، بأن الروح الوطنية التي أظهرها العديد من الشباب المغاربة، جعلت كافة المواطنين، بمثابة الأسرة الواحدة، ودفعت الكثير من المهندسين لابتكار أجهزة، لم يكونوا ليصنعوها لولا الحائحة، مشيرين إلى أن الظرفية الحالية، ستغير من خطط الحكومات المقبلة، وستجعل البحث العلمي وتشجيع الأدمغة، أحد أهم أولوياتها.

وسبق للحكومة، عبر وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني والبحث العلمي، شهر أبريل الماضي، أن قامت بتخصيص 10 ملايين درهم، أي ما يعادل مليار سنتيم، للبحث العلمي والتكنلوجي المتعلق بالجائحة، الأمر الذي رآه كثير من المراقبين، أمرا مبشرا، بأن أولويات الدولة بدأت تتغير.

يشار إلى أن المغرب، شهد في السنوات الماضية، هجرة العديد من الشباب المهندسين والباحثين خريجي المعاهد والجامعات، صوب أوروبا وأمريكا، من أجل البحث عن الاهتمام والدعم لتفجير طاقاتهم، الأمر الذي جعل المملكة تحتل المركز الثاني في ترتيب أعلى الدول من حيث معدلات هجرة الأدمغة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

Share
  • Link copied
المقال التالي