يمرُّ العالم، ومعه المغرب، بصيف استثنائي بكل المقاييس، في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي أجبر غالبية الدول على فرض إجراءات صارمة للتصدي له، من أبرزها تشديد القيود على السفر المحلي والإقليمي والدولي، أو منعه بشكل نهائي، كما حدث في الشهور الثلاثة الأولى لانتشار الوباء في أوروبا.
وتسبب فيروس كورونا في إفقاد العديد من أسواق الشمال والشرق، للمنتوجات الإسبانية، التي كانت تدخل المغرب عن طريق المعابر الحدودية لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، بالإضافة إلى إضراره الجسيم بمختلف القطاعات، التي سقط بعضها دون أن يتمكن من النهوض، فيما اضطر آخرون للبحث عن قروض للاستمرار.
وجعل الفيروس التاجي، من صيف السنة الحالية، استثنائيا، بعد أن تسبب في ركود اقتصادي غير مسبوق، عقب شلّه للعديد من الأنشطة الاقتصادية، بالإضافة إلى وقوفه وراء غياب الجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي وجدت نفسها هذا العام، محرومة من العودة لأرض الوطن، بسبب القيود المفروضة على السفر.
وفي السياق نفسه، كرست ندرة التين الشوكي بالأسواق المغربية هذا الاستثنائي، حيث باتت أغلب الأسواق بالمملكة، خالية، على غير عادتها في فصل الصيف، من فاكهة “الهندية”، التي ألفها المواطنون في هذه الفترة من كل سنة، غير أن انتشار الحشرة القرمزية، واجتياحها لمساحات شاسعة من الصبار، تسبب خسائر فادحة لإنتاج التين الشوكي.
وبالرغم من أن كورونا، ليس له علاقة مباشرة بندرة التين الشوكي في الأسواق المغربية، إلا أن الفيروس التاجي، له ارتباط غير مباشر بالوضع، في ظل القيود المفروضة على السفر، والتوجه إلى مدن مثل الدار البيضاء ومراكش وطنجة وفاس ومكناس وتطوان وبرشيد وسطات، التي حرمت سكان هذه العمالات والأقاليم من وفرة هذا المنتوج.
ويعود السبب الرئيسي لهذه الندرة التي مست فاكهة الصيف، إلى تفشي الحشرة القرمزية، التي ظهرت في المغرب لأول مرة قبل 6 سنوات، في محاصيل الصبار، ما أضر بها بشكل كبير، خاصة بعد تزامنها مع انتشار كورونا، والتركيز الكبير الذي انصب على مواجهته، الأمر الذي منح فرصة لـ”الكوشني”، للانتشار بمختلف جهات المملكة.
وعن هذا الموضوع، قال محمد، وهو مواطن من مدينة الناظور، إن الصيف الحالي “استثنائي، ولم يسبق لي أن عشت مثله، كورونا تسببت في أضرر جسيمة لمختلف القطاعات، وحرمت المنطقة من الانتعاشة التي تمنح لها بعودة الجالية، بالإضافة إلى غياب التين الشوكي، الذي اعتدنا عليه كل صيف”.
وتابع المتحدث نفسه:”هناك مناطق بالإقليم لم تصلها الحشرة القرمزية، مثل حاسي بركان، فلم تتأثر الجماعة القروية التابعة للناظور، من الكوشني، غير أن القيود المفروضة على التنقل، وتضاعف التسعيرة، تسببت في غياب الفاكهة عن المدن المجاورة، مثل زايو أو الناظور أو العروي”.
وأضاف محمد:”في السابق كان التين الشوكي متوفرا، والتسعيرة منخفضة، فكان العديد من الأشخاص يأتون من نواحي مدينة زايو، ليبيعوها، أما في زمن كورونا، فقد وصلت تسعيرة النقل، من حاسي بركان لزايو مثلا، لـ 10 دراهم، أي 20 درهما للذهاب والإياب، علما أن ثمن الكيلوغرام الواحد من الهندية من 5 لـ 7 ويمكن أن تزيد، وهو ما لا يشجع على التوجه للمناطق المجاورة لبيعها، حيث يكتفي سكان حاسي بركان، التي لم تضرر من الحشرة، بعرضها في جماعتهم فقط”.
يشار إلى أن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بقيادة عزيز أخنوش، حولت إيجاد حلول لظاهرة تفشي الحشرة القرمزية في التين الشوكي، سواء عبر الاقتلاع، أو التعقيم، غير أن التأخر، في ظل الظرفية الاستثنائية التي تسبب فيها كورونا، جعل الخسائر كبيرة، وأسفر عن ندرة الفاكهة في الأسواق المغربية.
تعليقات الزوار ( 0 )