شارك المقال
  • تم النسخ

نيوزويك: العالم يعيش في خضمّ حرب عالمية ثالثة رغم إنكار واشنطن لوجودها

جاء في مقال مجلة “نيوز ويك” الأمريكية الشهيرة، تحت عنوان “نحن لسنا على “حافة” الحرب العالمية الثالثة، بل نحن فيها”، أنه بينما تلقي الولايات المتحدة بثقلها خلف إسرائيل، فإن إيران تقوم بتسليح حماس وحزب الله، وقد يقول بعض النقاد إننا على شفا حرب عالمية، لكن تلك الحرب قد بدأت بالفعل، رغم إنكار واشنطن، لكن روسيا والصين وإيران في حالة حرب علنية مع الولايات المتحدة.

وأوضح صاحب المقال، جوزيف إبستاين، أن هذه ليست حربًا شاملة، ولكنها حرب لا مركزية ذات جبهات تبدو غير متصلة وتمتد عبر القارات، ويتم خوضها بأسلوب هجين، أي بالدبابات والطائرات وحملات التضليل والتدخل السياسي والحرب السيبرانية، وتطمس الاستراتيجية الخطوط الفاصلة بين الحرب والسلام والمقاتلين والمدنيين، ويضع الكثير من الغموض في “ضباب الحرب”.

وتختلف الصين وروسيا وإيران حول أشياء كثيرة، لكن جميعهم لديهم نفس الهدف: تخليص مناطقهم من النفوذ الأمريكي وإنشاء نظام حكم عالمي متعدد الأقطاب، وتعرف طهران وبكين وموسكو أن القوة السياسية والعسكرية الأمريكية هي القوة الوحيدة التي تمنعهم من فرض إرادتهم على جيرانهم، وكل دولة تلعب دورها.

وشنت الصين حملة تجسس غير مسبوقة ضد الولايات المتحدة، وأنفقت روسيا مليارات الدولارات على نشر الدعاية المؤيدة للكرملين والمعادية للغرب داخل حدودها وخارجها، بينما تحتفظ إيران بشبكة من الوكلاء المتشددين الذين يعيثون فساداً في الشرق الأوسط، وقد هاجموا القوات الأمريكية علناً، كما نفذت إيران وروسيا والصين جميعها أو استعدت لتنفيذ هجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة.

وبحسب صاحب المقال، فإن هذه الدول السالف ذكرها، تلجأ إلى أنواع مختلفة من حرب العصابات لأنها لا تستطيع الفوز في صراع مباشر مع الولايات المتحدة، حيث إن شن الحرب بهذه الطريقة المخادعة يساعدهم على تجنب المساءلة، وفي حرب المعلومات، لا تتمثل الإستراتيجية في خلق الانقسامات، بل في التغلب على الانقسامات الموجودة.

وقامت كل من الصين وروسيا بتكوين علاقات مع المتطرفين المتمركزين في الغرب على اليسار واليمين، على أمل توسيع الهوة المجتمعية وزيادة عدم الاستقرار، وعلى سبيل المثال، في يناير، قام الكرملين مؤقتاً بعرقلة محاولة السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي من خلال تمويل مواطن دنماركي يميني متطرف يحرق القرآن الكريم خارج السفارة التركية.

ويستخدم المسؤولون المتورطون لغة تهدف إلى استمالة المتطرفين. وعلى الرغم من غزوه الإمبريالي لأوكرانيا، أعلن بوتين نفسه “زعيم حركة التحرير المناهضة للاستعمار”، وقد استخدم لغة مماثلة في أفريقيا للتحريض على المشاعر المعادية لفرنسا، بينما عرض في الوقت نفسه على روسيا دور الضامن البديل للأمن.

وبينما تستمر الحرب الكلامية، تستمر كذلك المواجهات المسلحة، حيث غزت روسيا أوكرانيا، وهاجم وكلاء إيران باستمرار الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، بما في ذلك حماس، التي نفذت الهجوم الأكثر دموية على الأراضي الإسرائيلية في تاريخ البلاد، بحسب المصدر ذاته.

وكانت إدارة بايدن سعيدة حتى الآن بالسماح لهم بالخروج من هذا المأزق، فمباشرة بعد “طوفان الأقصى”، سارع المسؤولون الأمريكيون إلى الادعاء بأنه لا يوجد دليل على تورط إيران في الهجمات على الرغم من حقيقة أن وكلاء إيران لا يتصرفون بشكل مستقل في الأمور التي تؤثر على الاستراتيجية الجيوسياسية الإيرانية.

ومن المرجح أن الحلفاء الإيرانيين، الذين شعروا بالضعف، هاجموا القوات الأمريكية في الشرق الأوسط حوالي 30 مرة في الشهر الماضي، وردا على ذلك، نفذت القوات الجوية الأمريكية ضربتين على منشآت تخزين الذخيرة، وهو ما وصفته إدارة بايدن بأنه دفاع عن النفس، وكان ضعف بيانه واضحا، وأعقبه على الفور تقريبا المزيد من الهجمات المدعومة من إيران.

وعندما يتعلق الأمر بهذه الحرب، فإن الولايات المتحدة نائمة خلف عجلة القيادة، وكانت استراتيجية الولايات المتحدة تدور حول الاستعداد لحرب تقليدية كبيرة، والاحتواء، والردع الضعيف، وكانت واشنطن غائبة بشكل مؤسف في مجال الحرب غير النظامية، حيث لا توجد تقريبًا أي عقوبات أو مساءلة إلى جانب العقوبات غير الفعالة للدول التي تهاجمها.

وفي أكتوبر، أعلنت وزارة العدل الأمريكية أن الشركات الصينية كانت ترسل الفنتانيل والميثامفيتامين إلى الولايات المتحدة، وكان الرد عبارة عن لوائح اتهام فردية، وكأن هذه الشركات يمكنها إرسال هذه الأدوية المدمرة دون إذن من السلطات المركزية، وفي وقت لاحق من الشهر، أجرى رؤساء المخابرات الغربية مقابلة في برنامج 60 دقيقة قالوا فيها إن الصين شنت حملة تجسس غير مسبوقة على الولايات المتحدة.

ويرى الكاتب، أن تجنب الصراع لن يؤدي إلا إلى المزيد من العدوان من هذا المحور، وفي السنوات القليلة الماضية، نفذت إيران والصين وروسيا عمليات على الأراضي الأمريكية، وخططت إيران لاغتيال مسؤولين أمريكيين سابقين ومنشقين إيرانيين، وقامت الصين بترهيب المنشقين وحتى أحد المرشحين لعضوية الكونجرس الأمريكي، وحاولت روسيا اغتيال منشق في ميامي وفشلت.

وإذا استمرت إدارة بايدن في مسارها غير الفعال، فلن تؤدي هذه الدول إلا إلى تعزيز جرأتها، وإذا فشل دعم إسرائيل أو أوكرانيا، فمن المرجح أن تقوم الصين بغزو تايوان، حيث إن الردع استراتيجية عظيمة ولكنها لا تنجح إلا عندما يعتقد الطرف الآخر أنك ستنفذ تهديداتك، وأنه يجب عليك إثبات هذا الفهم من خلال محاسبة أعدائك على التحركات التي يقومون بها ضدك.

وتساعد إيران روسيا في أوكرانيا من خلال إرسال طائرات بدون طيار وتقديم الدعم السياسي، وتساعد روسيا إيران ضد إسرائيل من خلال حرب المعلومات، وحشدت أجهزتها الدعائية الضخمة ضد إسرائيل في أعقاب الهجوم، وقدمت الدعم السياسي للفلسطينيين، وبعد أن حركت الولايات المتحدة سفينتين حربيتين إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لردع إيران ووكلائها من مهاجمة إسرائيل، حركت الصين ست سفن حربية قبالة سواحل عمان.

في الشهر الماضي، أخبر وزير الخارجية الصيني وانغ يي نظيره الروسي سيرجي لافروف أن روسيا والصين يجب أن تعملا معًا لتشكيل عالم متعدد الأقطاب، وفي يونيو 2020، وافقت الصين على استثمار 400 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني الذي كان على وشك الانهيار، وفي عام 2022، أصدر الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيانا مشتركا أعلنا فيه عن شراكة استراتيجية “بلا حدود” بين بلديهما.

وأشار جوزيف إبستاين، إلى أن دعم إدارة بايدن لأوكرانيا كان بمثابة استعراض نادر للقوة بعث برسالة قوية إلى العالم، ولكن هذا ليس كافيا، فيجب على مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية أن تعترف بالحرب الهجينة التي تُشن ضدها وأن تظهر في ساحة المعركة غير النظامية، معتبرا أن الولايات المتحدة هي الضامن للاستقرار في العالم، ومن خلال تراجعها عن مسؤولياتها، فإن الشيء الوحيد الذي تضمنه واشنطن هو الأوقات المظلمة المقبلة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي