لقي موقف الرئيس التونسي الأسبق، منصف المرزوقي، من قضية الصحراء المغربية، إشادة واسعة في المملكة، بعدما اعتبر بأن مقترح الحكم الذاتي تحت راية المغرب هو الأكثر واقعية، مشدداً على أنه لا يمكن التضحية بمصلحة 100 مليون مغاربي، في سبيل 200 ألف صحراوي.
وقال المرزوقي، في حوار أجرته مع جريدة “القدس العربي”، إني مغاربي إلى حدٍّ بعيدٍ، و”سعيت وأسعى إلى الدفع بهذا المشروع. لكن من الواضح أن هناك قوى مصممة على إجهاضه. وبالتالي فكلما تقدمنا ووجد حل معقول للمشكل الصحراوي في إطار الحكم الذاتي داخل المغرب واتحاد مغاربي كبير، إلا تقوم قوى معينة بنوع من الضربات الإرهابية لمنع ذلك”.
وأضاف المرزوقي، بأن من يتحمل مسؤولية فشل المشروع المغاربي، هم من يقفون وراء “عمليات البوليزاريو الأخيرة، التي لا هدف من ورائها إلا منع أي تقارب أو تحقيق للحلم المغاربي”، متابعاً: “لدي أمل في أن التغيير الذي سيحصل في الجزائر (…) بالحراك وبالديقراطية، سيأتي بجيل جديد من الحكام تكون لهم الشجاعة والوطنية ليفهموا أن هذه السياسة التي ضيعت علينا أربعين عاماً، يجب أن تنتهي، وينبغي علينا اليوم أن ندخل في عملية إيجابية للتقارب بين الشعوب”.
وأردف أول رئيس تونسي بعد الثورة التي أطاحت ببن علي: “لا يمكن أن نضحي بمستقبل مئة مليون مغاربي لأجل مئتي ألف صحراوي (ليست هناك أرقام رسمية في ظل رفض الجزائر إحصاءهم، ولكن المرجح هو أن عدد المتواجدين في مخيمات تندوف لا يتجاوز 80 ألفاً على أبعد تقدير)، في حين إن هؤلاء يجدون أنفسهم معززين ومكرمين داخل اتحاد مغاربي وضمن الحكم الذاتي في الدولة المغربية”، مبرزاً: “نحن نريد توحيد الدول ولا نريد إعادة التقسيم. لأنه إن قبلنا بذلك فما الذي سيمنع غداً من المطالبة بتقسيم الجزائر أو تونس؟”.
وأوضح المرزوقي: “لقد كنا للأسف الشديد رهائن لدى مجموعة في النظام الذي ثار ضده الشعب الجزائري. وأملي الكبير في أن الجيل الجديد من الحكام الجزائريين الذي سيأتي به الحراك والديمقراطية هو من سيسعى إلى إنهاء هذه المشكلة، وأن نبني اتحاد المغرب الكبير الذي لن يكون بالبوليزاريو وبتقسيم المغرب”.
وشدد المرزوقي على أن موقف بلاده وموريتانيا، المحايد، من قضية الصحراء المغربية، لم يعد له معنى، مشيرا إلى أن “مستقبلها في الاتحاد المغاربي، والاتحاد معطل، بسبب هذه المسألة، طيب كيف نتجاوزها؟ هناك حل وهو الحكم الذاتي داخل المغرب، ثم بناء اتحاد مغاربي أوسع يضم الصحراويين وباقي مكونات الشعوب المغاربية”.
ونبه المتحدث ذاته، بأن بعبع الدولة المخابراتية العسكرية في الجزائر، قد انتهى، و”أنه مات في عقول وقلوب الجزائريين، وأنهم لم يعودوا يشعرون بالخوف من الدولة العميقة، ولدي قناعة أن الجزائر في السنوات العشر المقبلة، ستكون جزائر مختلفة بحكم تجديد الطبقة السياسية، وأنا لدي ثقة تامة في الشعب الجزائري سيقدم لنا في السنوات العشر المقبلة قيادة سياسية جديدة، ستبني الاتحاد المغاربي وستفتح الباب للأحلام التي أمني بها نفسي منذ سنوات”.
موقف المرزوقي، من قضية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، ووضوحه في المسألة، مع تحميله الجزائر ونظامها العسكري، بشكل صريح، مسؤولية تأخر بناء صرح الاتحاد المغاربي، لاقى إشادة واسعة في المملكة، حيث اعتبر نشطاء، بأن الرئيس التونسي الأسبق، قال كلمة الحق ولم يخش فيها أي شيء، مع اتهامه الجزائر بسعيها لتمديد أمد الصراع.
وشارك الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بجامعة الحسن الثاني، رشيد باجي، موقف الرئيس التونسي الأسبق، الذي أكد فيه عن ثقته في أن التغيير الذي سيحدثه الحراك في الجارة الشرقية للمغرب، سيفرز قيادات سياسية تنهي الأزمة المفتعلة التي كلفت شعوب المنطقة الكثير ولعقود طويلة.
ونشر الصحافي محمد أبويهدة، رابط حوار الرئيس التونسي الأسبق مع “القدس العربي”، معلقاً فوقه: “صباح الحقيقة الجميلة على لسان الحكماء.. صباح وضوح الشمس ف نهار جميل.. صباح إياك أعني واسمعي يا جارة.. صباح من غنت: يا جارة وادينا هذي روابينا… ترجو تدانينا… وهذي أيدينا”.
أما الناشط “الفيسبوكي” المصطفى الأنصاري، فقد في تعليقه على موقف المرزوقي: “تحية للسيد الرئيس صاحب بعد النظر والرؤية الثاقبة، الأكيد أن كلام الحق لا يستصيغه من هو على خطأ، لكن واجب الناطق بالحق قوله مهما كان المقام، ولأن الدكتور منصف المرزوقي صاحبذ كلمة حق فهو يقولها ولا يبالي. مجددا كل الشكر والتقدير لكم السيد الرئيس”.
ومن جهته قال “فيسبوكي” آخر، يدعى هشام شعا، إن “كلام الحق لم يعد يقبله المتعجرفون الذين يحاولون تقسيم المغرب، لا لشيء سوى للكره والحقد الذي تتبناه أنظمة عسكرية مبدأها هو التدمير”، فيما اختار حسن بن علي، تنبيه المرزوقي إلى أن الصحراويين الحقيقيين، “وهم الغالبية العظمى يعيشون داخل المغرب.. يمارسون مواطنتهم كالباقي..”.
أما دمى البوليساريو، يضيف “الفيسبوكي” الأخير، “فهم مرتزقة دولة معادية.. مع أقلية قليلة من المحتجزين وأفارقة مجنسين.. أما الصحراء المغربية فهي قضية مفتعلة في حقبة قد ولت، لم يعد حبيس تلك الحقبة سوى ديناصورات الجيش الجزائري الذين فاتهم القطار..”، كما نوه الناشط محمد نضيف، بموقف المرزوقي.
ويضيف بأن ما جاء على لسان الرئيس التونسي الأسبق “كلام حق في الوقت الذي اختار فيه الكثيرون الصمت والتودد للنظام العسكري الجزائري الغاشم، الذي وصف زعيمه المغرب كعدو كلاسيكي في خطابه أمام الجيش، متناسيا فرنسا التي قتلت فيهم الآلف وقامت بنهبهم وأجرت تجارب نووية فوق أراضيهم”.
تعليقات الزوار ( 0 )