سعيد ألعنزي تاشفين
في نقاش معمق مع صديق مثقف ، و هو دكتور متمكن علميا و أنيق فكريا ، حول قضايا متعددة ، منها ما هو حقوقي و منها ما هو سياسي، وأنا في معرض التفاعل مع النقاش الساخن الذي كان فيه صديقي يبدو متمرسا جدا، تبين لي أننا نحتاج مغربيا إلى ضرورة ممارسة النقد المركب من خلال خلخلة الكثير من المسلمات المغشوشة التي تقدم صورا مزيفة عن حقيقة القيم و منظومتها التي تسيج حياتنا العامة.
ومن خلال تتبع واقع السلوكات لدينا، ومهما يتبين شكلا أننا حداثيين و منسجمين مع العصر ، فإن كل ذلك، يبدو مجرد آليات بسيكو – اجتماعية دفاعية تحمي التقليد فينا، وكأننا أمام ما يسميه جيمس سكوت بالمقاومة بالحيلة. إننا مجتمع تقليداني جدا وأصولي حتى إن السلوك الجمعي، رغم ما يبدو من تحولات فيه و من انزياحات، يلتصق بقيم ما قبل الحداثة.
ومن تمظهرات الزور الجمعي المتوافق عليه أننا جميعا نتماهى شكلا مع قيم الحرية و المساواة و مقاربة النوع ، و غيرها من قيم ما بعد الحداثة ، لكننا في السلوك اليومي بالحياة الخاصة نحتكم الى قيم رجعية نكوصية تعادي كل ما ندعيه شكلا.
و يبدو من خلال تتبع خطابات النخبة أن محاولة التماهي مع قيم الغرب الحداثية ليست سوى أساليب تدليسية تخفي العمق الرجعي الذي يحول دون الإمتثال لقيم العصر.
و تعزى حقيقة ما أصابنا من فصام جماعي و فردي إلى كون منظومة الحداثة جاءت معطوبة منذ البداية ، بحيث إن المغرب استقبل فكرة الحداثة تاريخيا كرد فعل متأزم حيال انتصار الغرب منذ معركة إسلي ، أربعة عشر سنة بعد احتلال الحداثة للجزائر ، عندما أصيب ” المخزن “( استعمل عبارة المخزن في سياقها التاريخي العلمي لا السياسي ) ، و معه أهل الحل و العقد ، بخيبة أمل كبيرة جراء انتصار 《الكفار》على ” دار الإسلام ” ، وفق ما تسميه الأدبيات التاريخة خلال القرن التاسع عشر بـ”صدمة الحداثة “.
فالمغاربة كانوا بمنأى عن التحولات الحاصلة بضفة شمال البحر المتوسط، واحتفظوا في المخيال الجمعي بالإنتصار الحاصل منذ انتصار وادي المخازن، فأصيب المغرب الرسمي بعقدة تضخم الذات، أو بغرور تاريخي على حد قول العربي الصقلي ، بما عمق المتاجرة بالوهم حتى أصيب المغرب الشعبي كذلك ب ” الباناروا ” وتضخم الذات محققا إشباعا سيكولوجيا وهميا أملته هزيمة “الكفار” بوقعة 1578.
وبعد حرب إسلي انكشفت عورة المغرب الرسمي / الشعبي، وتأكد له حجم التطور التاريخي المحقق لدى “دار الكفر ” بعد مسلسل مضن انطلق على أشلاء العصور الوسطة المنتهية، ومن ردود الفعل إزاء ذلك ميلاد إصلاحات مستعجلة لإنقاذ ماء الوجه، سيما مع محمد بن عبد الرحمان بن هشام بعد 1859.
وما يهم في هذا التحليل هو أن محاولة معانقة قيم الحداثة لم يتم من منطلق فكري – ثقافي/ حضاري، بل من موقع سياسي جعل التهامي مع الغرب توصيفة لتفادي منطق المواجهة و الصدام بشكل جعل التقليد يتأقلم مع الخداثة ليضمن استمراريته.
ولذلك فبداية الحداثة مغربيا كان من باب رد فعل ظرفي جامح و متأزم و مسنود بخطة دفاعية بسيكو – اجتماعية متوافق عليها بين المغربين الرسمي ( المخزن ) و الشعبي (النخب المدينية و أهل الحل و العقد) ، وبذلك ظلت كل خطواتنا، إلى الأن، مجرد انفعالات وجدانية و حسية لا ترقى إلى مستوى الإنبعاث الفكري المطلوب حسب تراكم حضاري ايجابي مفعم باستلهام روح التاريخانية وفق تحول البنى السوسيو – ثقافية.
ومن نتائج سوء الفاتحة هذه، أو ما أسميه بـ” شبهة البدايات ” أن ظلت الحداثة مجرد تمظهرات برانية دون مضمون جواني مؤسس على أرضية الثقافة و القطيعة الإبيستيمولوجية مع انماط التفكير التقليدية، وهو ما يفيد كوننا نعانق قيم العصر من باب قوالب استهلاكية تخضع منظومة القيم لاقتصاد السوق كرها كنتيجة طبيعية لانتصار الميتروبول الرأسمالي على مجتمعات الجمود، ولقد كان محمد سبيلا دقيقا في استعراضه لزخم من فتاوي الفقهاء بما يبرز حجم التخلف الذي لازم دار الإسلام بالمفرب الأقصى، في مضمار “المغرب في مواجهة الحداثة ” ، دون أدنى تراكم إيجابي مناسب لفلسفة الحداثة كرؤيا جديدة للتاريخ و للإنسان و للوجود.
ومن أسف نلمس أن نخب “الحداثة ” مغربيا تتماهى مع قيم الغرب الرأسمالي شكلا وبمضمون ثقافوي استهلاكي، محاولة المبالغة في تقديس الغرب كنمودج مطلق، كأداة اجرائية لضحد دعاوي الأصوليين، بما يسقط نظرتهم من حيث لا يعلمون، في أصولية جديدة تناقض نفسها ضمنيا، حتى إن المبالغة في معانقة قيم الإستهلاك توطد عرى التحديث على حساب قيم الحداثة كنمط جديد في التفكير قائم على النسبية و العقلانية والغيرية ونزع الطابع السحري عن العالم . فالغرب نجح في استلهام فكرة الحداثة بعد عمليات مكلفة منذ بحر القرن الرابع عشر الميلادي ، مع الإرهاصات الأولى للثورة على قيم الفيودالية المتواطئة مع الكنيسة وفق عقد زواج كاثوليكي أساسه المتعة و الربح.
و مع نجاح الاكتشافات الجغرافية نجحت جرءة الملكية و التجار في خلخلة السياقات المكانية التقليدانية التي لازمت عقدة تضخم الذات الأروبية منذ اللحظة الهلينستية ، لذلك نجح اكتشاف العالم الجديد في تحرير العقل من بؤس المحدودية الزمكانية ، لصالح عوالم جديدة منفتحة على كل الإمكانات القابلة للإدراك العقلي .
وبفضل ما تراكم من معادن، استطعت الحركة الميركنتيلة تحرير الجغرافيا من بؤس التاريخ، فتشكلت طبقة جديدة مرنة تمتح من الإرادة اليقظة في الثورة على عنف اللاهوت المدعم فيودياليا.
و بتمزيق المكان تحرير الجغرافيا، تأكدت حرية العقل في الذهب بعيدا نحو معانقة أفق التفكير الحر الفسيح.
ومع نجاح البرهنة على كروية الأرض تحديدا تواثرت على أروبا جملة من التحولات العميقة بفضل طبقة التجار/ البورجوازية، التي كانت خلف نزع السلطة من بين مخالب زوج الإقطاع/ الكنيسة، مع ما تبع ذلك من الانتقال من الحس التاريخي الذي يفهم هولاميا الوجود إلى وعي تاريخي يبدأ من كريستوف كولومبوس نحو إيرازم في اتجاه ماركس مكتشف قارة التاريخ بقلب الفكرة الهيغلية المطلقة بفأس البراكسيس.
ومع رواد الحركة الإنسية بدأ التفكير خارج سياجات اللاهوت الذي كان يعادي العقل حتى إن إحراق شهيد العقل كان دليلا على حجم الضريبة التي قدمها الفكر في سبيل التحرر، ومحنة “جيوردانو برونو” المعدم حرقا كانت دليلا على رغبة العقل في تكسير الأغلال مهما كانت التكلفة و الضريبة في كنف العنف المقدس الذي مارسته محاكم التفتيش.
ومع ايرازم و كوبرنيك و كاليلي، وغيرهم من فحول العقل نحو روني ديكارت الذي حرر الوجود من نمطية التحديد التقليداني للفكر ، نحو بناء نظيمة جديدة تجعل الفكر أساس الوجود بما يجعلنا أمام “الفكرة المطلقة” قبل أن يجيء بها فريدرك هيغل، وكانت الذات المفكرة تجليا رائعا للحداثة المؤسسة للعهد الجديد وفق أطروحة الكوجيطو التي حسمت مع المقدس المطلق بفضل الشك الميتودولوجي المهيأ لفك ألغاز اليقين الكاتوليكي ، عهد الحداثة و الإنعتاق من براثن الفهم القروسطي للوجود و للتاريخ.
ولا يمكن تجاوز مرحلة الحركة الإنسية و انبلاج نجم ديكارت في التقعيد لفكرة الحداثة، والتي أضحت أكثر نضجا مع ميلاد الحركة اللوثرية التي امتلكت الجرءة في إخضاع النص المقدس لروح النقد، هدما لدوغمائية الشرعنة اللاهوتية للاعقل باسم الغلو في الإيمان بالإيمان المسيحي الكاتوليكي المنحرف عن روح الكتاب المقدس كما كان يؤكد “كالفان” و “انجليكان”.
و لذلك فرفض صكوك الغفران هو انتزاع حقيقي لشرعية احتكار الله من لدن الإكليروس لصالح ممارسة نقدية تطهر الدين من ” بدع ” التحريف الذي كان يخدم شرعيات الإستبداد و التحكم الذي مارسته سلطة الرجعية بتواطؤ مكشوف بين المقدس و المدنس ؛ او لنقل زواج السلطتين الزمنية و المكانية لهدر فرص العقل للإنعتاق من قيود الظلام و الرجعية.
ومنذ الحركة الإنسية والنهضة في اتجاه الثورة الكوبرنيكية نحو مرحلة ما بعد الحداثة Post modernité ؛ تعمقت بأروبا نسقية الحداثة التي كانت ثورة جديدة شاملة مانعة مركبة خلخلت كل بؤر الشبهة التي أساءت للإنسان عبر تلطيخ المقدس بتأويلات التسلط الذي كان يخدم السلطة السياسية التي كانت تمتح شرعيتها من الجهل المقدس الذي كان يبرر بالكذب المقدس ، لدرجة أن رجال الدين الكهنوت كانوا في وفاق مع النبلاء لطمس حرية العقل.
ومن أخلاق الحداثة، التي وثقت للعهد الجديد نحو قيم ما بعد الحداثة، بعد القرن التاسع عشر، مرورا بلحظة التنوير الكبرى التي كانت فتحا مبينا مع رواد الأنوار بفرنسا وانجلترا خلال القرن الثامن عشر ، تحررت أروبا من مختلف أشكال الوصاية التي كانت تمارس الإزدراء على الإنسان و تعتبره ذات ناقصة لا تكتمل إلا بمعانقة المقدس كما تريده سلطة السياسة المحرفة لشرعية الله.
وكل هذه المحطات بالنسبة لي تشكل ثورة ثقافية شاملة و مركبة لم يشهدها العالم قط، منذ الثورة النيوليتية، واعتبرها ثورة مشكلة لما أسميه باليسار الفكري الذي انتفض على اليمين الإرتكاسي المحافظ عبر نضال مدني بورجوازي عقلاني مرن.
وما قبول السلوك الجمعي بأروبا لقيم ما بعد الحداثة سوى تجل لعمق ما راكمته الثورة الثقافية، على نقيض بلدان جنوب المتوسط حيث لا يمكن البثة ضمان نجاح الحداثة من دون ثورة ثقافية تخلخل أخلاق المجتمع العشائري الذي يتبجح بقيم ما بعد الحداثة ، رغم أن العمق الجمعي يعكس تحايلا و تدليسا على الحداثة لصالح الفهم الإرتكاسي الباطرياركي الفيودالي للوجود، بشكل يجعل التقليد يظهر حديثا، بما يؤصل لحداثة مغشوشة تزكيها نخب ناجحة في جعل قيم ما بعد الحداثة مجرد وهم مؤسس على قاعدة الزور بما يخفي أصولية التفكير لدى “العقل” المغربي الجمعي المعتقل في زنزانة النكوصيات المحنطة في قوالب القبيلة والعائلة والعرق ، رغم بريق الحداثة وطبعا ليس كل ما يلمع ذهبا.
والأنكى هو عندما نصطدم بنخب تتماهى كليا مع الغرب دون فهم كاف لما حققته أروبا من ثورة ثقافية هائلة قبل ان تعانق زخم الحريات الفردية المشكلة لفلسفة القيم لأزمنة الحداثة و ما بعدها. وما يثار مغربيا من قضايا مثل نفاق المجتمع، أشكال التدين / العلاقات الرضائية / الحريات الفردية / العلمانية / نظام الحكم .. وغيرها من الأسئلة التي تستهلكها النخبة المتبرجزة، ليست سوى بدخا فكريا مجتثا عن عمق اهتمامات المجتمع في سلوكاته اليومي.
وبمنطق القياس، نجد أروبا قامت بثورة مجتمعية شاملة مركبة بفضل البورجوازية الوطنية المواطنة، بيد أننا نمتلك طبقة أثرياء بما يفند فرضية وجود طبقة بورجوازية رافعة للقيم الحداثية ، مهما ازداد بريق الخطاب “الحداثي “.
فالبورجوازية أروبيا كانت ثورية ضد فلول الإقطاع و متنورة ضد أخلاق الكنيسة ، بيد ان سؤال الفرز الطبقي هنا مشلول ، رغم أن الكولونيالية خلخلت البنى الإجتماعية ؛ لدرجة أن روبير مونطاني كتب عن “ولادة البروليتاريا المغربية” محاولا فهم الميكرو – سوسيولوجيا وفق ضغط الحداثة، لذلك لا يستقيم حديث النخبة “المتنورة ” مغربيا عن قيم الحداثة ، وفق “بريستيج ” التحديث الشكلاني للأسئلة المعروضة في أرصفة السوق الثقافية الموجهة بماكينة دعائية سياسية تسوق للتحول بنظاهر TGV و اكبر برج بإفريقيا و .. و غيرها، من مظاهر التحديث المخالف لروح الحداثة، دون ثورة ثقافية تبدأ بإصلاح حقيقي جريء لمؤسسات التنشئة الإجتماعية بدء بالمدرسة و الإعلام، ولسان الحال يؤكد أن الواقع المادي للسواد الاعظم لا ينسجم مع اهتمامات النخبة التي تبحث عن التميز من مدخل التماهي مع مثل الحداثة و شعاراتها في تناقض صارخ من منسوب الجهل و التقليد الذي يميز المجتمع.
فكيف يمكن لمجتمع جائع ما يزال ينتظر “البون” لاقتناء كيس دقيق مدعم فهم مغزى الحريات الفردية في الجنس و المثلية !! وما هي الضمانات المتوافرة لجعل فئة الأغنياء المكبوتين قادرين على فهم العلاقات الرضائية بعيدا عن الفوضى الجنسية التي تعتبر مرادفا لتحرير سوق اللذة لدى مجتمع مكبوت لا يعرف من الحب سوى الجنس بنهم يجعل حتى الزواج عاجزا عن تحقيق الإشباع الجنسي لجحافل المتزوجين جسدا والمطلقين طلاقا بائنا عاطفيا و وجدانيا، حتى إن وضع السلوك العاطفي للمتزوجين محط ملاحظات سوسيولوجية يبين أنك أمام كبت جنسي وعاطفي كبير ومركب يظهر عبر عدة أشكال، حتى أن ملاحظة حجم “لمصاحبة” عند المتزوجين و كيف تتم عملية “الأطوسطوب” لمجرد أن الواقف على قارعة الطريقة أنثى ، وحجم الخيانة الزوجية … بما يكشف أننا نحتاج جميعا إلى ثورة كوبرنيكية متعددة تعيد تقييم أعطابنا الجماعية وتقومها بما قد يحررنا من كبت وجوع تاريخيين بما يضمن تصنيفنا كمجتمع جائع ومكبوت ومحروم، وهو ما يسائل الدولة في ضرورة رد الإعتبار لمؤسسات التنشئة الاجتماعية، عبر جبر الضرر الجماعي لما لحق الإعلام والمسجد و المدرسة والشارع وكل مؤسسات إنتاج السلطة الرمزية .. من تبخيس و تسفيه، وهو ما يجعلنا أمام سياسات عمومية دينية وإعلامية وتعليمية فاقدة لروح الحداثة كثورة جنسانية تحرر الجسد، كمعطى أنثروبولوجي متحول، وكثورة عقلانية تثور ضد قيود المجتمع العشائري لصالح الفرد المواطن الحر كا قعد له ماكس فيبر من داخل “السوسيولوجيا البروتيستانتية”، وكثورة كوبيرنيكية تخلخل تلك الدوغمائيات النمطية التي تقدس زمانا مضى فيزيقيا و ما يزال حيا في بنية الزمن الجمعي المدرك الذي يشرعن التخلف والجهل بالعودة الرومانسية لـ”العصور الذهبية”، عندما كنا مجتمع النبوة وأخلاق الوهم الجمعي المخفف عن المجتمع عقدة الذنب، عبر طوبى الفقهاء والمتصوفة.
ومهما كانت مطالب النخبة متنورة في قضايا الحريات الفردية و قيم الحداثة ، فيبدو أنها مجرد هوس نخبوي مجثت و مجرد هراء متبرجز يقفز على ألياف الواقع السوسيو – مادي و البسيكو – اجتماعي المحاصر لطموح المجتمع . ولكل ذلك نحتاج، من دون شك، إلى ثورة ثقافية تنطلق من حفريات عميقة تفضح عنا هوس التشدق بعكس ما نخفيه بتحايل جمعي تزكيه نخب التحديث الشكلاني المبثوت ، ثورة تعمق الإنتفاضة على الباطولوجيات البئيسة التي تخفيها خطابات النخبة و تجليات البريق المنحرف عن مضمون الحداثة.
ومن خلال رد الإعتبار لمؤسسات التنشئة الاجتماعية، والمدرسة تحديدا، وبوضع سياسات ثقافية عمومية تنتصر للعقل . و برفع الوصاية عن الأفراد القابعين في كهوف القبيلة / العشيرة / الجماعة / الدولة اليعقوبية / قمعية الظاهرة الإجتماعية / تقسيم العمل / النمط التسلطي/ جهل السياسة / الميتوس المتعالي .. يمكن أن نص الحداثة على سك المصالحة، ومنحى التحليل يسائل الدولة هل اللجنة المكلفة بإعداد النمودج التنموي قادرة على امتلاك اسئلة حضارية كبرى مؤسسة لأسئلة الانعتاق والتحرر من مستنقع التقليد والرجعية ؟.
نزعم أن الفهم النخبوي المتبرجز للجنة سيدفعها نحو بناء متون شكلانية غير وجيهة سوسيولوجيا، وهو عائق منهجي سيعمق فحوى الإخفاق في بناء مخرجات لائقة تناسب تطلعات الشعب في معانقة دفء الحداثة على لبنات المواطنة العادلة والمنصفة. ولأن كل الحركات الإصلاحية مغربيا كانت تولد كردود فعل حيال الإخفاق، فلجنة النموذج التنموي لا تبتعد عن ذلك مهما كانت قوة التبريرات المتاحة إعلاميا و سياسيا.
مقال رائع وتحليل بارع من أستاذ مقتدر. شكرا لكم