Share
  • Link copied

مَوَاقِفُ مُتَبَايِنَةٌ تَعْقُبُ قَرَارَ وِزَارَةِ التَّعْلِيمِ بِخُصُوصِ الْمَوْسِمِ الدِّرَاسِيِّ الْجَدِيدِ

قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، برئاسة سعيد أمزازي، اعتماد التعليم عن بعد كصيغة تربوية لبداية الموسم الدراسي 2020-2021، مع إمكانية الدراسة حضوريا، في حال رغب آباء وأولياء التلاميذ بالأمر، وذلك على خلفية التطورات الوبائية التي يعرفها المغرب.

وخلف القرار مواقف متباينة، حيث رحب به العديد من الأساتذة والأكاديميين، في مقابل انتقده، وبشدة، آخرون من الوسط التربوي الذين اعتبروه عبثا يأتي في وقت يفترض فيه الوضوح في المواقف، واتخاذ قرارات صارمة، لا لبس فيها، في إشارة إلى الغموض الذي يلف الصيغة المعلنة من طرف الوزارة.

واعتبر عدد من المراقبين، بأن إمكانية دراسة التلاميذ حضوريا، في حال سمح أولياء أمورهم بذلك، جاء من أجل إرضاء لوبيات التعليم الخصوصي، في ظل الصراع المحتدم الذي عرفه الموسم المنقضي، مع آباء وأولياء الأمور، الذين رفض العديد منهم أداء مستحقات دراسة أبنائه، لأسباب منها أن ذوييهم لم يستفيدوا من التعليم عن بعد.

عمر الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، قال في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، معلقا على قرار الوزارة:”أظن أن بلاغ وزارة التربية كان واقعيا للغاية وفتح إمكانيات متعددة لدخول الموسم الدراسي”، مستدركا:”طبعا سيحتاج تنزيلها الى بلاغات وتوضيحات اخرى بحسب السياق ومنحنيات الوباء”.

وتابع الشرقاوي في التدوينة ذاتها:”المؤكد أنه من الصعب جدا أن تتخذ الوزارة قرار بتعليق السنة الدراسية أو تاخير انطلاقها أو المغامرة بانطلاقها دون احترازات”، لأن “كل السيناريوهات الممكنة غير صافية المكاسب وتتوفر على إيجابيات ومخاطر محتملة فنحن في ذروة الوباء وهوامش المفاجآت التي يخلقها الوباء تتسع يوما بعد يوم”.

وواصل المتحدث ذاته، استدلاله بأن قرار الوزارة كان في محله، بقوله، إن العالم لا يدري كيف سيقضي على الوباء، “ولا يمكن أن نغامر بحياة أطفالنا بدخول غير آمن رغم ضعف إمكانيات التعلم عن بعد، ومتاعبها وجدواها البيداغوجي”.

واستطرد الشرقاوي:”طبعا سنكون كآباء أو رجال تعليم أمام نوع من الارتباك والغموض بسبب قرارات مفاجئة التي تتحكم فيها مقاصد أخرى، غير المقصد البيداغوجي مقاصد مرتبطة بالأمن العام والصحة العامة وتجنب الكارثة”.

من جانبه كتب الأستاذ الجامعي، عبد النبي الحري، مدرس مادة الفلسفة، إن “قرار وزارة التربية الوطنية متناقض، فهو يقر نوعين من “التعليم الحضوري” بشروط احترازية عادية وفي الوقت ذاته يؤجل الامتحان الجهوي إلى وقت غير محدد دون مراعاة الحالة النفسية لمن قضوا صيفهم يستعدون لهذا الامتحان.. وقد كان بإمكانها إجراءه بتدابير احترازية صارمة!!!”.

أستاذ علوم التربية، الحسن اللحية، علق هو الآخر على القرار، لكن بنوع من السخرية، حيث كتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”:”وقف حمار الشيخ في العقبة… داخت الحلوفة بين العام والخاص و الحضوري وعن بعد”، مضيفا في تدوينة ثانية:”الانتقال من مذكرات معلم في البادية إلى مذكرات معلم يشتغل عن بعد”.

من جهته أيضا، كتب الأستاذ العياشي فرفار، في مقالة له، إن القرار “تقني يؤشر على جهل مركب بطبيعة المدرسة كمؤسسة سياسية لها رهانات كبرى”، ويعمل على “ـكريس الحصار على النظريات المغضوب عليها، مثل نظرية موت المدرسة ومجتمع بلا مدرسة ومدرسة الصراع”، إلى جانب أن البلاغ “يكشف أننا أمام مسؤول لا يملك القدرة على اتخاذ القرار”.

وشدد المتكلم ذاته في مقاله، بأن القرار يدعو إلى الفوضى، لأن “عدم الذهاب إلى المدرسة معناه البقاء في الشارع، وهو ما يشكل وظيفة معاكسة لوظيفة المدرسة والتي تتحدد في إبعاد الأطفال عن الشوارع، وهو إجراء خطير له نتائج سلبية لاسيما في ظل انهيار سلطة الأسرة وأزمة القيم داخل المجتمع”.

وأكد العياشي، بأن قرار الوزارة رسخ موقف الانسحاب، فقوة أي مؤسسة “ينبغي أن تظهر في وقت الشدة وليس ترسيخ سلوك الانسحاب وتحميل المسؤولية للأسر والآباء”، إلى جانب أنه يرسخ “منطق اللاتكافؤ بين المتمدرسين بين من يحضر ومن لا يحضر”، واصفة الإجراء بأنه “في غاية الخطورة”.

يشار إلى أن التطورات الوبائية التي عرفها المغرب في الشهر الأخير، بعد أن ارتفعت الصحيلة اليومية بمعدل قياسي وبدأت تتجاوز الـ 1200 كمعدل متوسط، إلى جانب ارتفاع الحالات الحرجة ومعها الوفيات، الأمر الذي فرض على وزارة التعليم تغيير مخططاتها، واعتماد التعليم عن بعد، مع منح إمكانية التعليم الحضوري.

Share
  • Link copied
المقال التالي