أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، اليوم الجمعة بمراكش، على التزام المغرب بتعزيز القيم الروحية المشتركة وبناء جسور التعاون الديني والعلمي بإفريقيا مما يسهم في نشر السلام والاستقرار وتحقيق التنمية في ربوع القارة.
وأضاف ميراوي، خلال ندوة حول موضوع “أحمد بابا التمبكتي.. نموذج للدبلوماسية الحضارية في غرب إفريقيا” منظمة من قبل مركز الحوار الحضاري للإيسيسكو ضمن احتفالية مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024، أن المملكة أصبحت مرجعا في مجال تكوين الأئمة والمرشدين الدينيين في إفريقيا، وذلك من خلال إنشاء مراكز تكوين أبرزها معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، ومؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
وأبرز أن التكوين في هذه المعاهد لا يقتصر على الأئمة المغاربة فقط، بل يشمل أيضا طلابا من مختلف الدول الإفريقية الشقيقة، خصوصا دول غرب إفريقيا، مشيرا إلى أن هذه المؤسسات تهدف إلى توحيد جهود العلماء الأفارقة والمغاربة للتعريف بقيم الإسلام السمحة وترسيخها، وإقامة المراكز والمؤسسات الدينية والعلمية والثقافية وإحياء التراث الإفريقي الإسلامي المشترك.
وأكد ميراوي، على أن هذه المبادرات ومثيلاتها أسهمت في إرساء قواعد متينة للحقل الديني بإفريقيا، من خلال التمكين لإسلام وسطي يراعي الخصوصية الإفريقية ويعترف بالتنوع الذي يميز المجال الإفريقي الواسع.
وشدد على أن الرؤية المستنيرة للملك محمد السادس لطالما أكدت على أهمية الاستثمار في المجال العلمي كركيزة أساسية للتنمية، وأن الجامعة توجد في صلب هذا التوجه باعتبارها الفضاء الأمثل لإعداد رأس مال بشري قادر على مواكبة الأوراش التنموية الكبرى وعلى مواجهة تحديات العصر والمساهمة في بناء مستقبل البلاد.
من جهته، أبرز وزير التعليم العالي والبحث العلمي بجمهورية مالي، السيد بوريما كنسالي، أهمية هذه الندوة التي تساهم في تعزيز العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية مالي، مشيرا إلى أن أحمد بابا التمبكتي يعد علما شامخا في التاريخ العلمي والثقافي لمالي، ومكتبة لا تنضب ومصدر فخر واعتزاز خاص.
وقال إن سيرة هذا العالم يستحيل فهمها دون الإلمام بتاريخ امبراطورية “الصنغاي” ومدينة تمبكتو الملهمة، مشيرا إلى أن نفي أحمد بابا إلى مراكش ساهم في تعزيز التبادل الفكري بين مالي والمغرب، حيث استمر خلال إقامته في المدينة الحمراء في التدريس واصدار الفتاوى والكتابة، مما ساعد على نشر المعرفة وإغناء التراث الفكري لكلا البلدين.
أما رئيس جامعة القاضي عياض بلعيد بوكادير، فأبرز من جانبه، أن هذا العالم يمثل رمزا مشرقا للدبلوماسية الحضارية والتواصل العلمي بين الثقافات، مذكرا أن مراكش، التي تأسست على قيم الانفتاح والتسامح، لطالما كانت مركزا حضاريا يقصده العلماء والمفكرون من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
وتروم هذه الندوة الدولية المنظمة بشراكة مع جامعة القاضي عياض، التعريف بجهود علماء إفريقيا في خدمة الثقافة الإسلامية وتجديد أوعيتها الحضارية، في تأكيد للأدوار الرائعة التي حاز بها المساق المعرفي قصب السبق في إشاعة روح التسامح والعطاء والانفتاح، بوصفها عناصر حاسمة في المنجز الحضاري.
وتأتي الندوة استنادا إلى مفهوم “الدبلوماسية الحضارية”، الذي أطلقته منظمة الإيسيسكو حديثا، بما تجسده المبادلات العلمية والمعرفية من ركن أساسي في البناء الإنساني، واعترافا بالدور البارز الذي اضطلع به العلامة أحمد بابا التمبكتي في الوصل العلمي الاجتماعي بين حواضر الساحل والصحراء الإفريقيين، فضلا عن الخدمات الجليلة التي أسداها للثقافة الإسلامية بإسهامه في ترسيخ الثوابت الدينية من خلال تعميق قيم المشترك الحضاري، وإبراز نجاعتها للعامة قبل الخاصة.
وتناول المشاركون في هذا اللقاء مواضيع همت على الخصوص “الأثر المغربي في تكوين أحمد التمبكتي في الموارد وطرق التلقي”، و”التواصل الحضاري بين المغاربة وإفريقيا جنوب الصحراء كما تعكسه الرحلات والمراسلات العلمية” و”التواصل الثقافي والاجتماعي بين شمال إفريقيا وجنوبها”.
تعليقات الزوار ( 0 )