تتواصل معاناة سكان مجموعة من البوادي والقرى الجبلية بالمغرب، مع مقالع الحجارة التي يتم إنشاؤها على مقربة من المناطق المأهولة، دون مراعاة ظروف المواطنين النفسية والصحية وحتى المادية، ما يتسبب في أضرار جسيمة للإنسان والبيئة.
من ضمن الجماعات القروية التي ما يزال سكانها يعانون مع مقالع الحجارة القريبة من مقر سكناهم، قاطنو عين تيزغة التابعة ترابيا لإقليم بنسليمان، الجماعة التي لم تتخلص من هذه الظاهرة، بالرغم من الاحتجاجات المتكررة للساكنة، والتي وصلت في وقت سابق، إلى وسائل إعلام دولية.
وشهدت الجماعة المذكورة افتتاح مقلعين جديدين للحجارة، يوم أمس الخميس، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة الجدل بقوة، بشأن الأضرار التي يمكن أن تتسبب فيها الخطوة، ودفع العديد من المواطنين والحقوقيين وجمعيات المجتمع المدني، للاعتراض ومطالبة الجهات المختصة بالتدخل.
وفي هذا الشأن، أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع بنسليمان، بلاغا للرأي العام، اعترضت فيه على افتتاح “شركوة الخريبكي وأبنائه”، لمقلعين “بجوار أولاد يونس الواقع بجماعة عين تيزغة بإقليم بنسليمان”، نظرا للأضرار التي تسببها هذه الخطوة للمواطنين والمواطنات بالمنطقة.
وأوضحت الجمعية، بأنه سبق لها أن اعترضت على “إعادة فتح مقلعين منذ أسبوعين بذات الجماعة، رفقة المواطنين وجمعيات مدنية تعنى بالبيئة، وتم رفض الترخيص لذات المقلعين بعد انتهاء 15 يوما لتحديد الأضرار والمنافع بالسجل المخصص لذلك بمقبر الجماعة بمنطقة القرية لعيون”.
ومن بين الأضرار الجسيمة التي تتحجج بها الجمعية والساكنة، تأثير عودة مقلعي الحجارة للعمل على الفرشة المائية، خاصة أن سكان دواوير بالمنطقة يعانون من أزمة عطش، وسبق لقاطني بني موسى، أن خرجوا مؤخرا للاحتجاج على استمرار مشكل العطش.
وأضاف بلاغ الجمعية:”الخطير في الأمر، أن جماعة عين تيزغة، أغرقت بالمقالع ولم تعد تهدد فقط الطبيعة، بل وحتى حياة الإنسان، حيث توفي بالمقلعين المراد الترخص لاستمرارهما، أكثر من شخص”، بسبب ما أسمته بـ”التسيب والاستقواء وعدم احترام مدونة الشغل ودفتر التحملات وانعدام التأمين”، إلى جانب عشرات الوفيات الناجمة عن “تهور سائقي الشاحنات”.
وفي ذات السياق، يقول محمد (54 سنة)، الذي استقر لسنوات سالفة في دوار يدعى فرحية نواحي مدينة زايو، حيث كان يتواجد مقلع للحجارة، قبل أن يغلق منذ حوالي عقد من الزمن، في تصريح لجريدة “بناصا”:”إن المقالع لها أضرار حتى على نفسية الأشخاص، فما أزال أذكر أن أبنائي، كانوا يفرون من البيت حين يسمعون انفجارا للديناميت، معتقدين أنه زلزال، بل وصل الأمر في بعض الأحيان لوقوع تشققات في البيوت القريبة”.
وتابع:”لسنا وحدنا من عانينا الأمرين قبل أن يتم إغلاق أغلب المقالع التي كانت منتشرة نواحي زايو، بالمجال الترابي التابع لجماعة أولاد داوود ازخانين، خاصة سكان منطقة أرييون، وسيدي عبد الله، التي كانت تعرف ولسنوات، تواجد ما يزيد عن 10 مقالع للحجارة، منتشرة في مساحة صغيرة لا تتعدى الـ 50 كيلومترا مربعا”.
ويعاني سكان العديد من الجماعات القروية منذ فترة طويلة، مع ظاهرة إنشاء المقالع قرب المناطق المأهولة بالسكان، والتي تنتشر بشكل كبير في مجموعة من البوادي والقرى المغربية، وتسبب أضرارا جسيما للبيئة، كما تثير الرعب في نفوس السكان المحليين الذين لم يجنوا سوى الضجيج من هذه المشاريع.
تعليقات الزوار ( 0 )