الحكومة- السلطة التنظيمية- الجهاز التنفيذي، تعمل على تفعيل القوانين وسن ضوابط لإشباع الحاجات العامة للأفراد وضبط الحياة العامة عبر مرافق عمومية تشرف عليها، والحكومة هي ائتلاف بين أحزاب الأغلبية وفق برنامج انتخابي يجمع بين أطيافها، ولكون الخريطة الانتخابية لا تمكن من إفراز أقطاب حزبية مكشوفة مما ينعكس سلبا على بنية التركيبة الحكومية المتعددة في إطار تفعيل مبدأ ” الترضيات ” وبالتالي خللا وظيفيا في تدبير الشأن العام إبان الزمن العادي فما بالك خلال الزمن الاستثنائي؟!.
الحكومات المغربية المتعاقبة عرفت توزيعا كبيرا للحقائب وصل إلى حد الإسهاب نظرا لتعدد الأحزاب السياسية المشكلة إضافة إلى – شبكة الوزراء “التقنقراط” -، لا يمكن تبرير هدا الانفجار في الحقائب بكونه تفعيل لنظرية التحالفات الحزبية ولكن يمكن اعتباره بالأساس بحثا عن الهمزة السياسية والتي يتحول فيها الحزب من وسيط ونقطة عبور المطالب والتقائيتها مع التوجهات العامة إلى خادم للمصوتين له ووسيط لمناضلي الحزب المنتمين له عبر البحث عن موقع لهم ضمن الخريطة الإدارية بالأساس.
المواطن/الناخب، في زمن جائحة كورونا استشعر تقلص الوزراء المتواجدين بالفضاء العمومي، مما عجل بطرح السؤال القديم-الجديد: أي هندسة حكومية لمغرب ما بعد كوفيد19؟ أو بصيغة أخرى: ما هي القطاعات الحكومية الأساسية التي يجب أن تشتغل تحت طائلة أي ظرف؟ وما هي القطاعات التي يمكن ليس ‘ الاستغناء ‘ / ‘تجميدها’ و إنما لا يشكل توقفها ضررا سواء على المواطن أو الاقتصاد؟.
الإجابة على هذا السؤال قد تكون سهلة وقد تكون معقدة، حسب المقاربة التحليلية المعتمدة خصوصا إذا ما تم استحضار أن القطاع الذي يمكن تجميد عمله فهو يدبر بمال عام منبعه الوعاء الضريبي المستخلص من المواطن وفي هده الحالة نكون أمام غياب الحكامة وبالتالي استثمار فارغ؟!.
الحقيقة أن الإجابة تكمن في ندين، من خارج العلبة عبر متغير أصلي وهو الفاعل السياسي الذي يجب أن يغير زاوية رؤيته للحكومة باستحضار الفرص المتاحة المهدورة ومن خلال النظام الانتخابي الذي وان كان يفرز تعددية حزبية فهو لا يعبر عن تعددية سياسية حقيقية، بينما الجانب المرتبط من داخل النافذة المكسورة مجسد في الهندسة الحكومية والتي يجب أن تأسس على تجميع القطاعات ضمن الأقطاب والتي ستساعد حتى ولو في زمن الطوارئ من جعل الحكومة مقلصة وجاهزة للطوارئ عبر اليقظة القطاعية التي ستصبح منسجمة ومجمعة نتيجة الترابط الوظيفي، خصوصا أن سياسة الأقطاب القطاعية أبانت عن نجاعتها في مجموعة من الدول المتقدمة والمغرب مطالب باعتمادها في سبيل التغلب على مشاكل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيقا لأهداف التنمية المستدامة.
الأقطاب ليست ترفا لتدبير الحكومة كمنظمة ولكن فرضها السياق، فبين التقائية الظروف الصحية والاقتصادية التي تعرفها المملكة ألان والتي تسترعي ترشيد النفقات والتقائية القرار العمومي بل ونجاعته عبر التقليص من المخاطر، كما أنها ليست نموذج جاهز يمكن تحميله وإسقاطه ولكن وجب ملاءمته مع البنية العامة للدولة ومن بين هذه الفرضيات التي يمكن اعتمادها:
*وزارة الشؤون العامة: الداخلية، الدفاع، الخارجية، الأوقاف.
*وزارة المالية: المالية، الوظيفة العمومية، الشغل.
*وزارة البنية التحتية: النقل، الطاقة، البيئة.
*وزارة الحياة الاجتماعية: الأسرة، الشباب و الرياضة.
*وزارة الاقتصاد: التقليدية، المتوسطة، الثقيلة، الرقمية.
*وزارة المجال الحقوقي: الأمانة العامة للحكومة، العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، العدل، النيابة العامة.
*وزارة الشؤون المجتمعية: التعليم، الصحة، الثقافة.
* وزارة الفلاحة و الصيد البحري و المياه و الغابات.
*وزارة التدبير الترابي: الجماعات الترابية، التعمير،السياحة،
كملاحظة:
حكومة 2021 هي حكومة الخروج من تبعات ألغام جائحة كورونا وتقعيد النموذج التنموي الجديد وما يقتضيه دلك من انسجام بل وترشيد للمال العام.
استنتاج :
التقليص من الحقائب الوزارية لن يكون حلا مادامت مجموعة من المصالح القطاعية يتم تهريبها نحو نظام المؤسسات العمومية كالوكالة الوطنية للتجهيزات العامة التي حلت محل مديرية التجهيزات العامة بوزارة النقل و التجهيز مؤخرا، وفتح المجال أمام القطاع الخاص في مجالات تمس الأمن العام ك مصفاة ‘لاسامير’ وانعكاسها على الأمن الطاقي واحداث مؤسسات كأنها موازية للقطاع الحكومي و ليست تابعة له كحالة وزارة الأسرة و التضامن مع وكالات التهيئة الاجتماعية وأيضا عدم تطبيق مبدأ دستوري واضح لا تشوبه بياضات وهو المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة رغم تعدد هيئات الرقابة.
خلاصة:
الإرادة السياسية الشفافة هي مفتاح إقلاع مندمج.
*باحث في القانون العام والعلوم السياسية
تعليقات الزوار ( 0 )