شارك المقال
  • تم النسخ

مربيات التعليم الأولي.. صرخة ضد الاستغلال وهضم الحقوق

قبل أن تقرر وزارة التربية الوطنية إحداث أقسام للتعليم الأولي بمؤسسات التعليم العمومي تنفيذا لأحد أهم الأهداف التي تسعى الرؤية الاستراتيجية إلى تحقيقها وهو تكافؤ الفرص، كانت العديد من مؤسسات التعليم الابتدائي العمومي، وخصوصا تلك المتواجدة بالمناطق النائية، تضم أقساما للتعليم الأولي يشرف عليها مربون ومربيات بعد الحصول على ترخيص من مديريات وزارة التربية الوطنية، ودخل هذه الفئة كان يتمثل في المبلغ الشهري المتفق عليه بينها وبين الأسر التي قررت استفادة أبناءها من دروس التعليم الأولي.

لكن المربون والمربيات الذين تطوعوا لتقديم حصص دراسية لتلاميذ تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات مقابل تعويضات شهرية بسيطة نظرا للوضعية المادية الصعبة لجل الأسر وجدوا أنفسهم عرضة للاستغلال وهضم الحقوق نتيجة لقرار الوزارة القاضي بتنزيل مشروع التعليم الأولى بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني التي تسهر على أداء أجور المربين والمربيات بعد الحصول على دعم التعليم الأولي.

الصمت أو الطرد

سعاد فراح، أستاذة مربية بدائرة إملشيل، المحسوبة إداريا على إقليم ميدلت، قالت إن سلوكات الاستغلال والاحتكار التي يتعرضون لها من طرف الجمعية المفوض لها تدبير الملف تلخص ما يحدث بأغلب مناطق المغرب.

وأوضحت في تصريحات لجريدة “بناصا” عبر تطبيق التراسل الفوري “واتساب” أن المربين والمربيات يلتزمون الصمت إزاء معاناتهم مع الاستغلال والحرمان من الحقوق خوفا من أن تقوم الجمعية بطردهم من العمل، وبالتالي توقف مصدر عيشهم الوحيد.

صلاحيات غير قانونية

وفيما إذا كانت الجمعيات التي تربطها شراكة التعليم الأولي مع مديرية التعليم تملك حق اختيار المدرسين وتوقيفهم عن العمل، قالت فراح إن دور الجمعيات يقتصر على لعب دور الوساطة بينهم وبين المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية فيما يخص دفع رواتب المدرسات والمدرسين، “وليس من حقها اختيار الأطر التربوية والدولة هي التي لها حق توظيفي أو توقيفي عن العمل”، وفق تعبيرها.

وأوضحت أكثر بالقول إن الجمعيات ليس من صلاحياتها تقييم أداء المربين والمربيات لمعرفة ما إذا كانت تتوفر فيهم شروط الاستمرار في العمل، “ولكن من سيطلع المربيين والمربيات الخائفين من الطرد على هذه الأمور؟”، مشيرة إلى أنهم لازالوا يتلقون تهديدات بالطرد من طرف الجمعية الوحيدة بالمنطقة المشرفة على الملف بالرغم من شروع وزارة التربية الوطنية في تعميم التعليم الأولي بالمدارس العمومية.

وكشفت أنه لا يمكن للقانون أن ينص على توقيف مدرسي التعليم الأولي عن العمل دون تمتيعهم بحقوقهم، معبرة عن ذلك بالقول: “أنا لم أطلع على اتفاقية الشراكة بين مديرية التعليم وجمعية المجتمع المدني، ولكن لا يمكن للقانون أن يشرعن مثل هذه الأشياء”.

تزوير ملف التعويضات

قالت متحدثة “بناصا” إن قصص الاستغلال والابتزاز و”الوجهيات” تختلف من مربية إلى أخرى، “لكن قصتي مع ذلك تتمثل في حصول سيدة أخرى لا علاقة لها بالتعليم الأولي على تعويضاتي كمربية بالتعليم الأولى، وذلك بعض أن قامت الموظفة بالجماعة الترابية المكلفة بملف التعليم الأولي بتزوير وثائقي حتى تتوصل السيدة التي تربطها بها علاقة صداقة بتعويضات التعليم الأولي”.

وردا على ذلك، دافعت فراح عن حقها بمساعدة مديريها في التوصل بشيك المستحقات المالية باسمها، الأمر الذي أغضب الجمعية إلى درجة أنها قررت بداية الموسم الدراسي الحالي “الإنتقام” منها عبر تعويضها بمربية أخرى.

وتعليقا على ذلك، قالت فراح إنها لم تقم بأي شيء يستدعي التخلي عنها، مضيفة: “أنا فقط طالبت بحقي المتمثل في رفض حصول سيدة أخرى على تعويضات هي في الأصل مخصصة لي”، قبل أن تتساءل: “هل الدولة هي التي منحت الجمعية السلطة لتتصرف معنا بالطريقة التي تحلو لها أم أن ذلك راجع إلى كونها الجمعية الوحيدة بدائرة إملشيل؟”

جمعية الإنقاذ

كشفت أستاذة التعليم الأولي أنها تتوفر على أدلة عن تعرضها للتزوير، لافتة إلى أنها في آخر المطاف توصلت بشيك التعويضات باسمها، ورفضت اقتسامه مع السيدة التي تم تزوير الملف لصالحها رغم التهديدات التي تعرضت لها والتي وصلت إلى حد التهديد بتوقيف خدمات التعليم الأولى بالمؤسسة الابتدائية حيث تدرس.

وختمت المتحدثة ذاتها تصريحاتها بالقول إنه في حال ظلت نفس الجمعية هي الساهرة على تدبير ملف التعليم الأولى بالمنطقة، فإنه من المحتمل جدا أن يكون مصيرهم الطرد ، مشيرة إلى أن الحل لكي لا يتحقق ذلك هو دخول جمعية أخرى على خط ملف التعليم الأولي لإنقاذهم من الطرد.

حالة اللإستقرار

من جهته، قال عبد الرحيم أبو شيل، الكاتب الإقليمي للإدارة التربوية بميدلت التابعة للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي إن مربيات التعليم الأولي يعشن حالة اللإستقرار وذلك راجع إلى أن أي جمعية تحصل على صفقة التعليم العمومي تقوم بتعويض المربيات القدامى بمربيات جدد، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتكرر سنويا ولن يكون مفيدا للتعليم الأولي.

وتساءل ضمن تصريحات لجريدة “بناصا” عما إذا كان تعويض مربية بمربية يخضع لمعايير أم مجرد مسألة حسابات وزبونية، معبرا عن عدم اتفاقه مع إقدام الجمعيات على جلب أطرها التربوية، وذلك لتجنب “الوضع المتشنج والصراع المجاني” في صفوف المربيات اللواتي ينحدرن من نفس الدوار، بالإضافة إلى أن “المربيات خضعن لتكوين بيداغوجي لمدة سنة ويجب أن يستمرن في العمل لكي تتحقق المردودية التربوية”، وفق تعبيره.

خرق مدونة الشغل

أوضح نفس الفاعل النقابي أن الإدارة التربوية يتوقف دورها على ضمان توصل المربيات بمستحقاتهن المالية، مبرزا أن مدير المؤسسة التعليمية لا يمكن له أن يضمن استمرار نفس المربيات في العمل بعد فوز جمعية أخرى بصفقة تدبير ملف التعليم الأولي “لأن المذكرة المنظمة تنص على أن للجمعية حق استقدام أطرها التربوية”.

وردا على خرق الجمعية لأحد أهم بنود مدونة الشغل وهو الاستقرار المنهي حينما تتخلى عن المربيات القدامى وتعوضهن بمربيات جدد، قال أبو شيل إن الجمعية مطالبة باحترام مدونة الشغل في علاقاتها بالمربيات، معترفا بوجود بعض الفراغ على هذا المستوى.

واعتبر أن مشروع التعليم الأولي خلال سنته الثانية كشف عن مجموعة من العيوب التي وصفها ب “عيوب البداية”، لكن استمرار نفس “المرضيات” بعد عقد أو عقدين من انطلاق المشروع يفقدها توصيف “عيوب البداية”، معربا عن أمله في أن يتم تجاوز هذا الوضع.

ولتجاوز هذا الوضع، دعا متحدث “بناصا” إلى البحث عن صيغة لإدماج المربيات ضمن أطر وزارة التربية الوطنية “لأنه لدي إيمان قاطع بأن الجمعيات غير مؤهلة لتدبير هذا الملف ذات الصبغة التربوية مع استثناءات قليلة”، على حد قوله.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي