Share
  • Link copied

مراقبون إسرائيليون يشككون في نجاح أهداف الحرب.. ويحذرون من مغبّة المضي في الحملة البرية على غزة

قال رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، إنه من غير الممكن محو “حركة حماس”، وإنه في دولة طبيعية كان نتنياهو ليقدّم استقالته.

وفي حديث لموقع “واينت” العبري، دعا باراك للتركيز في تصفية القدرات العملياتية لحماس داخل قطاع غزة، وحمل على نتنياهو قائلا إنه حاليا يقود المجلس الوزاري الحربي المصغّر، ولذا من الحيوي أن يكون هناك بيني غانتس وغابي آيزنكوت اللذين انضما لحكومة الطوارئ لأن ذلك يعني على الأقل شعور الجنود بالاطمئنان.

وتطرق باراك لـ”طوفان الأقصى” واعتبرها العملية الأخطر التي شهدتها إسرائيل منذ قامت عام 1948، وتابع: “لم يحدث مثل هذا الحدث أبدا، لا من ناحية حجم المصابين في يوم واحد، ولا من حيث طريقة قتل الإسرائيليين المروعة ومعظمهم مدنيون”، بحسب مزاعمه.

في المقابل، يزعم باراك أنه رغم الضربة المباغتة، نجحت إسرائيل في الاستفاقة والنهوض بسرعة، ويدلّل على ذلك بالإشارة لتجنيدها 350 ألف جندي في الاحتياط، ولذا لن تكون هناك مباغتة جديدة في مكان آخر.

ويضيف: “أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات واحدة وستتبعها ثانية، وهناك دعم واسع جدا من العالم، والأهم ربما تشكيل حكومة طوارئ”.

وحول أهداف الحرب، قال باراك “إننا لا نستطيع إبادة حماس، فهذه أيديولوجيا مستقرة في أحلام الناس وقلوبهم وعقولهم، أما الخطوة العملية التي ينبغي أن تحققها الحرب، هي تدمير كل قدرات حماس العسكرية داخل القطاع، وهذه مهمة معقدة بما يكفي وبها ينبغي التركيز”.

وبشأن الطلب الأمريكي بتجديد تزويد القطاع بالماء، قال باراك إنه لا يوجد لإسرائيل خيار؛ لأن الدعم الكبير غير المسبوق من قبل الولايات المتحدة له ثمن. وأضاف: “هذا جزء من التقاليد الأمريكية، وإسرائيل لا تنوي أن تتساوى مع حماس. نحن نريد نزع قدرات حماس العسكرية ونرجو أن تكون عودة السلطة الفلسطينية للقطاع ممكنة، أو أي جهة أخرى دون أن تشارك حماس في الحكم”.

التراشق قد يقود لنار واسعة
وردا على سؤال حول حزب الله، قال باراك إنه لا يوجد مصلحة لإسرائيل بجبهة ثانية في الشمال، وإنه يوصي المنظمة اللبنانية بعدم القيام بذلك؛ لكنه لا يستبعد أن تدفعه إيران نحو جبهة جديدة مثلما لا يستبعد أن يؤدي التراشق معه في اليومين الأخيرين لتدهور عسكري.

ويضيف في هذا المضمار متطابقا مع تقييمات مراقبين إسرائيليين كثر: “التوجهات الإسرائيلية الحالية بالتركيز في قطاع غزة وعدم توسيع دائرة الحرب في الشمال تنّم عن رأي مصيب جدا. إذا رغبتَ بتدمير حماس فهي غير موجودة في الشمال، بل داخل قطاع غزة”.

وردا على سؤال حول الانتقادات التي توجّه ضده وضد المتظاهرين في تل أبيب خلال العام الجاري احتجاجا على “الانقلاب القضائي”، قال باراك: “لقد اتهمونا بأننا نمس بجاهزية الجيش، وطالما قلت إنه في يوم الحرب سيصطف الإسرائيليون صفا واحدا من الطيارين إلى منظمة الإخوة في السلاح. الكل يتطوع ويتبرّع والمجتمع المدني يدخل الفراغ الذي تركته الدولة نتيجة الأداء الفاشل للحكومة. الكل يساهم لكن حاشية نتنياهو مشغولة في نظرية المؤامرة التي تتهم الطيارين الذين نعتوا بالفوضويين وهوجموا وتمت شيطنتهم لمجرد احتجاجهم على محاولة الانقلاب على النظام. هؤلاء الطيارون وجنود الوحدات الخاصة والمدنيون الذين شاركوا بالدفاع بأجسادهم كافتهم أبطال”، وفق تعبيره.

الطريق غير واضحة

في هذا السياق، يشير محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، إلى أنه في إسرائيل، يتحدثون عن حسم حماس وإخضاعها، لكن الطريق إلى هناك غير واضحة.

وفي تحليله، يقول هارئيل إن نتنياهو الذي لم يسارع في الماضي لحملة برية على قطاع غزة، من المحتمل أنه سيكون مضطرا لها هذه المرة. ويقول أيضا إنه في اليوم العاشر للحرب، واصلت إسرائيل الاستعدادات لحملة برية. ويتابع: “في الشمال يستمر التراشق مع حزب الله الذي لم يبادر لهجمة جدية بعد، وربما هو ينتظر تطورات الجبهة في غزة”.

ويتفق هارئيل مع تقديرات إيهود باراك حول ضرورة تحاشي الحرب في جبهتين بالقول: “يبدو أن إسرائيل مستعدة لامتصاص ضربات غير قليلة في الجبهة الشمالية والاكتفاء بـ”بينغ بونغ” كي تبقى مركزة في الحرب على غزة”. معتبرا أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة هي رسالة تحذير لحماس وحزب الله. ولفت إلى أن بايدن يصل المنطقة غدا في محاولة لمعاينة إمكانية عدم توسّع الحرب في غزة.

وتبعه زميله محرّر الشؤون العربية والشرق أوسطية، تسيفي بار إيل، الذي يشكّك بجدوى هذه الحرب بقوله اليوم الثلاثاء، إنه حتى لو فككّت إسرائيل حماس في غزة، فالحركة لها حضور إقليمي، وهي تمتلك ساحات عمل أخرى من قطر وإيران إلى لبنان.

ويرى بار إيل أن الحرب لن تنتهي بدون خطة خروج تضمن نظاما داخل القطاع، وإلا من شأن حماس أن تتحول لتنظيم إرهابي دولي تضرب كل من يساعد إسرائيل، وتقود معركة تطول سنوات كثيرة، بحسب قولهم.

ويوضح أن خطة عمل الجيش الإسرائيلي في غزة تستند على غاية مركزية واحدة: تفكيك قوة حماس وتدمير إمكانية أن تقود قطاع غزة من جديد.

ويضيف: “هذه خطة حيوية وطموحة، لكن ثمنها من شأنه أن يكون ثقيلا جدا ونتائجها غير مضمونة- هذا إذا بحال كانت أصلا ممكنة. يكفي أن نتخيل رد فعل الجمهور الإسرائيلي على قيام حماس أو الجهاد الإسلامي بنشر فيديوهات فظيعة خلال الاجتياح البري تظهر فيها عمليات إعدام الأسرى والرهائن تباعا. في كل يوم ولد وفي كل يوم سيدة مسنّة أو فتاة، وهؤلاء باتوا أقرباء لكل واحد منا نحن الإسرائيليين، فهم بناتنا وأولادنا”.

تأخر الحملة البرية

وأمام تساؤلات متزايدة حول تلكؤ إسرائيل في شن الحملة البرية التي تتوعد بها حماس والجهاد الإسلامي منذ أيام، وضغوط الشارع الإسرائيلي وقيادات عسكرية في الجنوب من أجل تنفيذها، يدعو مراقبون وعسكريون في الاحتياط، للتريث لأن “العجلة من الشيطان”، ويحذّرون من حملة متسرعة انتقامية قبل أن تكتمل جهوزية الجنود لها.

ويستدل من قراءات مواقف الكثير من التعليقات الإسرائيلية على هذه المسألة، أن إسرائيل تنتظر استكمال التدريب ونضوج الصورة الاستخباراتية والتسليح، وهي تخشى من التصرف بحماقة وانفعال علاوة على فقدان الخرائط العسكرية الموجودة بيد قيادة الجيش قيمتها، وتحولها لخرائط صماء نتيجة اختلاف تضاريس القطاع جراء القصف وأكوام الركام.

كذلك ترغب إسرائيل بالتثبت من نوايا حزب الله ومن عدم اندلاع حرب في جبهة الشمال، وهذا بمثابة “مصيدة” كما يقول رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينيت.

ولابد أن هناك تأثيرا لمسألة الأسرى الإسرائيليين والأجانب في قطاع غزة، ورغبة الولايات المتحدة بمحاولة الإفراج عنهم أولا، ومن غير المستبعد أنها غير مطمئنة أيضا على قدرة إسرائيل بالقيام بحملة برية ناجعة، وتخشى من تكرار سيناريو الحرب الروسية في أوكرانيا، أي حرب طويلة ومكلفة بكل المستويات بما يهدد المصالح الأمريكية والدولية.

هذا الخوف الأمريكي الدفين، ربما يرتبط ويتجلى بمخاوف بعض الأوساط الإسرائيلية التي ترى أن وجود بوارج أمريكية في البحر المتوسط مع إرسال جنود وأسلحة وذخائر وغيره، يعكس صورة سلبية لإسرائيل ويفقدها هيبتها وقوة ردعها وكأنها تختبئ خلف الولايات المتحدة وتحتمي بالأخ الأكبر، رغم الدعم العملي الذي تحظى به.

كما تخشى هذه الأوساط الإسرائيلية من تحول الدعم الأمريكي الواسع إلى وسيلة ضغط على إسرائيل لكبح عملياتها العسكرية، وإلى نوع من “عناق الدب” كما هو الحال مع الممر الإنساني في غزة الذي تتجه إسرائيل للقبول به بضغط من واشنطن.

Share
  • Link copied
المقال التالي