تسود مخاوف واسعة في أوساط الأسرة التربوية في المغرب، من أن يتمخض عن النموذج التنموي الجديد الذي أعدته لجنة شكيب بنموسى، قانون إطار جديد للمنظومة التربوية في البلاد، وهو ما من شأنه، حسبهم، أن يتسبب في ضرب مجانية التعليم، والانتقال إلى المرحلة التي سيتجبر فيها الأسر على الدفع مقابل تعليم أبنائهم.
ويخشى الأساتذة من أن تصدر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قانوناً إطاراً جديداً، بناء على خلاصات التقرير العام للجنة الخاصة بالنموذج التنموي، الذي يعتبرون بأن مضامينه لا تخدم مصلحة المدرسة العمومية، والاستقرار المهني والوظيفي لنساء ورجال التعليم، بعدما أضافت مهاما إضافية لهم، إلى جانب فرضها لرسوم لمتابعة التعليم الجامعي.
وفي هذا السياق قال عبد الوهاب السحيمي إن “التقرير العام للنموذج التنموي تطرق للتعليم في محوره الثاني، ومن خلال اطلاعي عليه، فإن العنوان الحقيقي الذي يجب أن يحمله هذا التقرير هو التقرير الوطني لتسريع ضرب مكتسبات الشعب المغربي في التعليم والصحة وعموم الخدمات الاجتماعية، وهو العنوان الحقيقي له بدون أي عباراة رنانة أو مزيفة”.
وأضاف السحيمي في تصريح لجريدة “بناصا”، أن هناك إجهازاً كبيراً على عموم مكتسبات الشعب المغربي في التعليم والصحة وبقية الخدمات التي يقدم الشعب المغربي نظيرها الضرائب بانتظام وباستمرار، معرباً عن أمله في ألا يتبلور التقرير إلى قانون إطار للتعليم، وإلا، يتابع المتحدث: “فسنكون أمام مصيبة كبيرة جدّاً”.
واعتبر السحيمي أن التقرير كله، إجهاز على المكتسبات، وهو “دس للسم في العسل، يبدأ وينطلق من فقرات وعبارات رنانة جميلة ومغرية، وينتهي بإجهاز كلي على المكتسبات”، مردفاً: “التقرير يشترط أنه لكي يستفيد أبناء وبنات الشعب المغربي من التعليم العالي بالجامعات، يجب أن يؤدوا، ويقول إن الأمر يخص الأسر القادرة على الأداء”.
وتابع: “نحن نعرف أن الأسر القادرة على الأداء لا تذهب إلى الجامعات العمومية، بل إلى المؤسسات والمعاهد الأخرى التي هي أصلا ليست مجانية”، موضحاً: “من يأتون للجامعة العمومية هم أبناء المستضعفين، وبالتالي هذا يعدّ دسا للسم في العسل، لأنه بعدها قد تقول إنه ليس لدينا أصلا أسر قادرة على الأداء، وبالتالي سيعودون لأبناء الفقراء للتئدية”.
ونبه إلى أن هذه المادة “سبق وأن أقطت في البرلمان من القانون الإطار السابق 51.17، واليوم يتم تضمينها مرة أخرى، يعني أنها خرجت من القانون الإطار وعادت للدخول من جديد عبر تقرير النموذج التنموي، يعني هناك توجه لضرب مجانية التعليم”، مردفاً بأن التقرير أيضا، يضرب الاستقرار المهني والوظيفي لعموم نساء ورجال التعليم.
وأشار إلى أن التقرير “أنهى عهد الوظيفة العمومية من خلال إعلانه عن إخضاع جميع الأساتذة، سواء النظاميين أو المتعاقدين، لنظام أساسي سماه بالنظام الموحد لمهن التدريس، وهو نظام تعاقدي، وبالتالي ضرب الاستقرار المهني، وضرب مكانة رجل التعليم وضرب دور المدرسة العمومية”، وفق السحيمي.
وأوضح المتحدث، أن التقرير “ربط الترقي بالمردودية، والأخيرة لا يتدخل فيها رجل التعليم وحده، لأنها تعرف تدخل العديد من الجهات مثل الأسرة والوزارة، والإداريين والمحيط بشكل عام”، مسترسلاً: “المردودية ونسبة نجاح المتعلمين من فصل لفصل، لا تتعلق بدور الأستاذ لوحده، هناك عدة متدخلين”.
وواصل السحيمي أنه “يمكن أن يقوم الأستاذ بدوره على أكمل وجه، ولكن في مقابل ذلك لا تكون هناك مردودية، لأن أطراف أخرى لا تقوم بدورها، والوزارة مثلا لا تقوم بواجبها، والسياسات التعليمية الفاشلة تنزل باستمرار، وهناك دور الأسرة، وهناك الفقر والتهميش، فلا يمكن في حي هامشي أو في منطقة نائية حيث لا يجد الآباء ما يأكلونه، أن تطلب منهم توفير الأجواء المناسبة لدراسة أبنائهم”.
واستطرد الفاعل التربوي نفسه، أن التقرير أثقل كاهل الأساتذة بمهام إضافية، موضحاً أن “رجل التعليم الآن هو مثقل بمهام إضافية، هناك أساتذة يدرسون 6 ساعات إضافية خارج ما يفرضه عليهم القانون، وهناك أساتذة للابتدائي والإعدادي يحرسون امتحانات الباكالوريا، وهذه مهام إضافية، والتقرير فرض مهاما أخرى أيضا، مثل الإشراف وتكوين الزملاء”.
وشدد على أن الوزارة تحاول “التنصل من التكوين ودفع الأساتذة لتكوين بعضهم البعض، علماً أن الأساتذة أصلا مثقلون بمهام إضافية، والتقرير يريد منهم القيام بأخرى أيضا”، مسترسلاً: “التقرير جاء بعدة إجراءات في إطار برنامج عمل النهضة التربوية، نحن نقول إن هناك عدة إجراءات متراكمة لسنوات في الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار والمخطط الاستعجالي ولم تطبق، وكنا نتمنى أن يدعو لتنفيذ الإجراءات السابقة”.
تعليقات الزوار ( 0 )