Share
  • Link copied

محمد ساجد يحل ضيفا على “حوارات جامعة فاس”

حل الأمين العام للاتحاد الدستوري، محمد ساجد، ضيفا على حوارات جامعة سيدي محمد بن عبد الله/فاس، وذلك في إطار سلسلة حوارات الجامعة التي ينظمها مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، حيث احتضن مركز التكوين والندوات التابع للجامعة مجريات هذا اللقاء التاسع يومه الأربعاء 9 يونيو 2021 على الساعة العاشرة صباحا، فتمحور النقاش حول قضايا متعددة كمسيرة الأمين العام السياسية ومرجعية الحزب والبرنامج الانتخابي والتعليم.

وقد افتتح هذا الحوار الذي حضره، الدكتور رضوان مرابط، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله/فاس، بكلمتين لكل من، الدكتور محمد بوزلافة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية/ فاس، والدكتور سعيد الصديقي، مدير مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، كما أشرف على إدارة النقاش ومحاورة الأمين العام الأستاذان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية/ فاس، الدكتور أحمد أتباتو، والدكتور بدر الخالدي.

على هذا الأساس، أكد الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري بأنه ليس من السياسيين الذين يلجون العمل السياسي في وقت مبكر من العمر عبر الانتماء للتنظيمات الحزبية الموازية، بل أنه دخل السياسة عبر الانتماء لحزب الاتحاد الدستوري وهو في سن 45 سنة، مؤكدا بأن دخوله السياسة في بداية التسعينات كان عن طريق الصدفة، ولم يكن ضمن أولوياته ممارسة السياسة، لأنه كان في ذلك السن رجل أعمال ولا يعرف ما هي السياسة ولا الانتخابات، مشيرا إلى أنه كباقي أبناء بعض الأسر المغربية، فإن السياسة كانت فعلا مرفوضا في تربيته العائلية، إذ كان يطلب منه أن يفعل أي شيء إلا السياسة.

وتابع القول بأن علاقته بالسياسة جاءت بمحض الصدف، وذلك حينما طلب منه الترشح سنة 1993 للبرلمان في سياق تاريخي اتسم بتجديد النخب، بل أعطيت له مدة 24 ساعة للجواب بالرفض أو القبول؛ وبعد تلك المدة القصيرة، قرر الدخول لغمار المنافسة الانتخابية، لقناعة لديه مفادها، أن سر نجاحه كرجل أعمال يعود بدرجة أولى إلى الدولة التي ربته واحتضنته، ولابد من تقديم خدمة لهذا الوطن الذي ساهم في صنع نجاحه، لهذا دخل العمل السياسي كنائب برلماني عن منطقة تارودانت، باعتبارها منطقة نائية كانت تفتقد لكل مقومات الحياة (غياب التجهيزات الضرورية والبنيات التحية اللازمة من طرق وماء وكهرباء وثانويات..)، الأمر الذي دفعه للتفكير مليا حول ما ينبغي القيام به بهذه المنطقة تنفيذا للوعود الانتخابية التي قدمها في حملته الانتخابية للساكنة.

واسترسل الأمين العام حديثه، بأنه وجد المدخل الأساسي لخدمة الساكنة في القيم الاجتماعية المتوارثة بالمنطقة من قبيل التضامن والتعاون، وذلك عبر استثمارها للمساهمة في خدمة المنطقة بشراكة مع مؤسسات الدولة وفعاليات المجتمع المدني المحلية، فأدى ذلك إلى تحقيق نتائج في مستوى تطلعات الساكنة، سواء من خلال المشاريع المنجزة بالتعاون مع الشركاء (فك العزلة عبر مشاريع تهتم بالبنيات التحية كالطرق وغيرها) أو من خلال المرافعة على ساكنة المنطقة بغية أن يصلها حقها من التنمية.

علاوة على ذلك، اعتبر الأمين العام لحزب الحصان بأن نجاح تجربته كنائب برلماني بإقليم تارودانت أعطته الثقة أكثر لخوض مغامرة ثانية على مستوى مدينة الدار البيضاء، وذلك من خلال تدبيره للشأن العام المحلي بهذه المدينة، مؤكدا بأنه يعتز بهذه التجربة، بالنظر لما أسداه لهذه المدينة طيلة فترة توليه التدبير والتسيير للشأن العام المحلي.. حيث أحال إلى هذه التجربة السياسية التي ستعرفه وتقربه أكثر من قادة حزب الاتحاد الدستوري وعلى مرجعيته ومبادئه؛

علاقة بذلك، أكد الأمين العام بأن الاتحاد الدستوري هو حزب أسسه الراحل المعطي بوعبيد، باعتباره أحد المؤسسين للحركة الوطنية، حيث كان من بين مؤسسي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لهذا فإن تجربة مؤسسيه ستنعكس على مرجعية الحزب، إذ رغم أنه حزب يميني بأفق ليبرالي، فإن له أيضا البعد الاجتماعي في مرجعيته؛ كما أشار إلى أن الحزب شارك في العديد من الحكومات وتقلد قادته الكثير من مناصب المسؤولية، حيث كانت بصمته في بعض الإصلاحات واضحة، نموذج، تحرير قطاع الاتصالات سنوات التسعينات، أي نقل القطاع من مرحلة الاحتكار إلى الانفتاح رغم أنه كانت هناك مقاومة لهذا الورش الإصلاحي، وهو الأمر الذي انعكس إيجابا على هذا القطاع الحيوي الذي يعد الآن من أهم القطاعات الناجحة.

علاوة على ذلك، أكد الأمين العام بأن فلسفة الإيديولوجيات تم تجاوزها في هذا العصر، وينبغي العمل بواقعية وبراجماتية لمواجهة التحديات التي “نواجهها”، فهناك تحدي المشاكل الاجتماعية، كخلق فرص الشغل وإصلاح التعليم والصحة، وجعل القطاع العام أكثر حيوية وقوة، فمثلا، في الجامعات كيف يمكن مواجهة تحدياتها، كيف يمكن لهذه الجامعات أن تكون متوفرة على الوسائل والتجهيزات الكافية، فهذه التحديات مشتركة، لكن كل هيئة سياسية لها مدخلها الخاص لمواجهتها، موضحا بأن حزب الاتحاد الدستوري يركز على العنصر البشري من خلال التأهيل والتكوين، ومشيرا – في ذات الوقت – إلى أن البلاد عرفت تطورا، إلا انه ما زال هناك نقص، فالمغرب – من منظوره – تطور اقتصاديا وديمقراطيا، لكن هناك عجز كبير في قطاعات أساسية، ولابد من جعلها في “برامجنا” المقبلة كأولويات.

من جانب أخر، قال الأمين لاتحاد الدستوري بأنه كان له الشرف لترأسه جماعة الدار البيضاء سنة 2003، فهي المدينة التي كانت آنذاك تتكون من أربعة مليون نسمة، وكانت تضم حوالي 27 جماعة، مؤكدا بأن التحدي كان حول كيفية تجميع هذه الجماعات وفق رؤية تنموية موحدة، بحكم أن المدينة كانت تعاني من عجز في التجهيزات الأساسية، كما كانت تعرف نموا وتوسعا ديمغرافيا وعمرانيا، حيث أشار إلى أن أول خطوة مهمة تم القيام بها أثناء توليه المسؤولية هي إطلاق مشروع لشبكة متكاملة من النقل في أفق 2030، حيث تم تقييم الحاجيات والإمكانيات المادية لإنجاز المشروع الذي تم تحديد مبلغه آنذاك في 60 مليار درهم، إلا أن هذا الرقم – حسب قوله – كان مفاجأة للجميع، سواء المسؤولين على المستوى المحلي أو الإدارات المركزية، بحكم غياب برمجة ميزاناتية من القطاعات الوزارية، الأمر الذي سيواجه من خلاله إشكالا في كيفية إقناع الشركاء بإنجاز هذا المشروع، وتابع القول، بأن المشروع بدأ مرحلة بمرحلة إلى أن وصل حوالي 35 مليار درهم في ما بعد.

وأضاف الأمين العام، بأن مدينة الدار البيضاء كانت تعاني من إشكال أخر أكثر تعقيدا وهو المتعلق بأحياء الصفيح، حيث كان الرقم المقدر هو 100 ألف عائلة تقطن في بيوت صفيحية، الأمر الذي جعل سياسة إعادة الإسكان من بين الأولويات، موضحا بأنه بدأ العمل على إيجاد حل لهذه الظاهرة من خلال منح بقع أرضية للساكنة، وقد تغلبت المدينة على هذه الظاهرة في فترة عشر سنوات، معتبرا بأن ما تم إنجازه خلال عقد من الزمن لم ينجز طيلة ستون سنة، حيث أشار إلى أن هذا المشروع هو الأخر كانت تواجهه صعوبات كثيرة، خصوصا عامل الوقت، إذ أن تقديرات حل إشكال الصفيح في مدة 30 سنة مثلا، كانت ستكلف المدينة زيادة عددية في العائلات المعنية بثلاثة أضعاف أو اثنين.

على غرار ذلك، قال الأمين العام بأن المنظومة الانتخابية كان حولها نقاش بين مختلف الهيئات السياسية، فالقاسم الانتخابي هو تقنية تعتمد حسب إرادة المجتمع، إذ قبل 20 سنة كان النظام الانتخابي فردي ولم يكن نظام الانتخابات باللائحة، فكان هذا النظام يساعد الأحزاب الكبرى على الحصول على الأغلبية، وبعد مراحل بدا بأن نتائج هذا النمط غير عادل، حيث نتج عنه هيمنة بعض الأحزاب، خصوصا على مستوى الجماعات، ففي بعض المدن أو الجماعات هناك الهيمنة المطلقة، مؤكدا بأنه حينما يتم الوصول إلى الهيمنة المطلقة، فإنه لا يبقى أي دور للهيئات الأخرى، الأمر الذي يتنافى مع قيم الديمقراطية، لأنه عندما تتخذ القرار لوحدها فإنها تناقض مفهوم التعددية.

وتابع القول، بأنه على المستوى البرلماني، فأكبر حزب له 125 مقعد، حيث حصل على 1 مليون و600 ألف صوت، بينما ثاني حزب هو حزب الملغاة بمعدل “مليون صوت..”، وهذا الأمر يقتضي حلا، لأن هناك نوع من الإقصاء، بحكم أن نمط الاقتراع المعمول به حاليا كان يعتمد على الأصوات الصحيحة وليس المعبر عنها، أي أن تلك النسبة الكبيرة من الأصوات الملغاة لم تكن تحتسب، وهذا أمر غير منصف حسب رأيه، مؤكدا بأن القاسم الانتخابي المعتمد سيضمن التعددية والإنصاف، لأن “ديمقراطيتنا” تفترض أن يتم الاعتماد على نظام يضمن حقوق الأطراف الأخرى، بما في ذلك الأحزاب الصغرى، وليس هناك ما يثبت بأن النظام الانتخابي المعتمد سيكرس البلقنة؛ كما وضح بأن القاسم الانتخابي الحالي سيغير من الخريطة السياسية وسيعزز التعددية، خصوصا أن يوم الاقتراع سيجرى في يوم واحد (الجماعات والجهات والبرلمان)، وذلك لغاية الرفع من نسبة المشاركة والمساهمة أكثر في العملية الانتخابية.

وفي سياق حديثه عن التحالفات، أكد الأمين العام بأن هناك نظام انتخابي يكرس للتعددية، ولا يفرز أغلبية واضحة ومطلقة، لهذا فإن التحالفات تتحكم فيها نتائج الاقتراع، أي أنه لا يمكن تحديد طبيعة التحالفات التي ستشكل الحكومة أو ستتموقع بالمعارضة إلا بناء على نتائج التصويت، بينما أشار إلى أن الأساس من التحالفات هو أن تتشكل وفق المرجعيات، وليس فقط تكميلا للأغلبية العددية، خصوصا أنه قد تجد تحالفات بين حزبين أحدهما من أقصى اليمين والأخر من أقصى اليسار، وهذا الأمر – في نظره – يترك نوع من التشويش لدا المواطن، حيث ألح على ضرورة أن تكون التحالفات على أهداف وبرامج مشتركة.

وقد أحال الأمين العام لتوصيات النموذج التنموي التي تتماشى مع تطلعات المواطن، مبرزا بأنها تشخص العجز القائم في قطاعات متعددة كالصحة والتعليم والقطاع العام الذي يتطلب إعادة التأهيل، ملحا بأن هذه المطالب يؤمن بها الحزب ويطالب بها منذ سنين، وأضاف بأن المغرب الآن له تحديات خصوصا بعد جائحة كورونا، حيث ركز حديثه على المؤسسات العمومية، التي تعمل بمنهجية غير سليمة، مطالبا بضرورة أن تكون لهذه المؤسسات توازناتها المالية، فمثلا، المكتب الوطني للسكك الحديدة يحقق أرقام خيالية في العجز، متسائلا، كيف يمكن معالجتها، هل عن طريق ميزانية الدولة أم أن ميزانية الدولة تقتضي أن تذهب إلى القطاعات الاجتماعية وقضايا أخرى؟ حيث ألح على ضرورة أن تتولى هذه المؤسسات معالجة مشاكلها من دون اللجوء إلى ميزانيات الدولة.

فمثلا، مؤسسة المكتب الوطني للسكك الحديدية لها رصيد عقاري خيالي، إذ يقدر بمئات المئات من الهكتارات، لكن هذا الرصيد الموجود لا يستفاد منه، حيث لا يظهر في حسابات المكتب الوطني للسكك الحديدة، وبما أنه غير مرصود فلا يمكن أن يستعمل، لهذا لابد من إعادة النظر في طريقة تدبير وتسيير المؤسسات العمومية من خلال الاستثمار في الرصيد الموجود لديها، أو أن تلتجئ إلى تمويلات أخرى بغية التخفيف من ميزانية الدولة، حيث قال “إذا أردنا أن نوظف إمكانياتنا فينبغي أن توظف في القضايا الحيوية”؛

في سياق أخر، اعتبر الأمين العام بأن هناك نظرة غير إيجابية للفاعل السياسي، قائلا بأنه “علينا كأحزاب أن نغير” هذه الصورة النمطية والسلبية عن السياسة والسياسيين، حيث أكد بأنه داخل جميع الهيئات السياسية هناك شرفاء ونزهاء يشتغلون بجدية وصدق بما يخدم الوطن وقضايا المواطنين/ت؛ إلا أنه لم ينفي وجود بعض الحالات التي تقدم صورة سلبية عن الفاعل السياسي، محيلا في ذات السياق، بأن التحدي الأساسي الآن هو في كيفية إقناع المواطن بالثقة في الفاعل السياسي/الحزبي وفي الخطاب.

من جانب أخر، وضح الأمين العام بأنه في سنة 2008 تم التوقيع على خط الترامواي، حيث ألقى كلمة أمام عاهل البلاد، والتي أعلن فيها بأن الخط الأول للترامواي بالدار البيضاء سيفتح يوم 12.12.12، ورغم أن هذا الالتزام كان صعبا أمام أعلى سلطة بالبلاد، خصوصا إذا لم يتحقق، إلا أن المفاجأة هي أن الخط افتتح بنفس التاريخ الذي حدد في الكلمة السالفة الذكر (12.12.12)، موضحا بأنه لم يكن يتوقع بأن الأمور ستسير بهذه الوثيرة.

فضلا عن ذلك، أكد الأمين العام بأنه لابد من تحقيق قفزة نوعية جديدة في الاقتصاد، فقد قطع المغرب خطوات مهمة، خصوصا في قطاعات معينة (الطيران؛ السيارات..)، لكن بالمقابل فالقطاعات الأخرى كالصناعات التقليدية انهارت، ومعناه أنه ألاف مناصب الشغل لم تعد قائمة، كما أنه لابد من تطور جديد للاقتصاد كي لا يبقى مبني على الرخص والامتيازات، وذلك بغية تحقيق توزيع عادل للثروة، وهذا يقتضي إرادة سياسية قوية، قائلا بأن عاهل البلاد له رؤية منفتحة، إستراتيجية، حيث طالب بهذه الإصلاحات في العديد من المرات.

وعلاقة بالقضية التعليمية، فقد قال الأمين العام بأن المغرب ضيع 20 سنة من النقاش حول التعليم وضاعت معه أجيال، إذ منذ سنة 1999 والتعليم يتبوأ قضايا النقاش العمومي، كما طالب بأن يكون للتعليم العمومي نفس الظروف والإمكانيات المتوفرة عند التعليم الخصوصي؛ بينما أكد بأن أمام الجامعة تحديات كثيرة، حيث اقترح بأن تقدم للجامعة العديد من الإمكانيات الإضافية، خاصة الموارد البشرية، لكي تشتغل في أريحية، في حين ألح على ضرورة توفير الإمكانيات والمرافق الضرورية للطلبة، بما في ذلك التفكير في كيفية إدماج الخريجين من الجامعات بسوق الشغل، وقد تفاءل بمستقبل الجامعة المغربية، بالنظر إلى الأرقام والنجاحات التي تحققها والكفاءات المتواجدة داخلها، وأيضا لارتفاع في عدد الجامعات..

باحث في سلك الدكتوراه، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس.

Share
  • Link copied
المقال التالي