أثار قرار الجزائر، الانسحاب من الموائد المستديرة لمناقشة حل نزاع الصحراء المغربية، العديد من الشكّوك بخصوص نوايا الجارة الشرقية من وراء هذه الخطوة التي تناقض تصريحاتها التي تقول فيها إنها ترغب في التوصل إلى حل عاجل للملفّ، وإنهاء معاناة “الصحراويين”.
وصرح المبعوث الجزائري لملف الصحراء، عمار بلاني، أن بلاده أبلغت مجلس الأمن بانسحابها من المشاركة في مائدة مستديرة ستبحث فيها مفاوضات ثلاثية حول قضية الصحراء، مضيفاً أن الخطوة تأتي إلى ما أسماه بـ”حقيقة أن هذه الصيغة لم تعد طريقة مثالية للمساعدة في حل النزاع، حيث تم استخدامها من قبل المغرب سياسيًا، وبسوء نية لإظهار الجزائر، على أنها دولة طرف في النزاع”.
واعتبرت جريدة “أتالايار” الإسبانية، أن الانسحاب الجزائري، يأتي “استجابة لمخاوفها من أن تؤدي القرارات إلى حلول وسط تجبرها على التحرك في إطارها”، متابعةً أن “مراقبون دوليون يعتقدون أن الجزائر تضررت من الانقطاع الدبلوماسي المنفصل عن الجزائر العاصمة”، مضيفةً أن “الخطوة الجديدة من جانب الجزائر، تعرقل المفاوضات من أجل حل النزاع وتواصل خلق مسافات جديدة مع المغرب”.
وأوضحت الصحيفة الإسبانية، أن الجزائر، شاركت في أول لقاءين بالموائد المستديرة حول الموضوع، بجنيف سنتاي 2018 و2019، بحضور ممثلين عن المغرب والجزائر والبوليساريو، متابعةً أن مراقبين يرون أن الجزائر، تهدف من خلال انسحابها من الموائد المستديرة، لإرباك المبعوث الأممي الجديد للصحراء المغربية، ستيفان دي ميستورا، وعرقلة مساعي التقدم في قنوات التفاوض.
وأبرزت الصحيفة الإسبانية، أن بهذه الطريقة، “تصبح المسافة بين الجزائر والمغرب أكثر من سيئة، ففي غشت الماضي، قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بعد أن زعمت أن الرباط قامت بسلسلة من الاعتداءات عليها”، مسترسلةً أن القرار كان مفاجئاً، خصوصاً أن المملكة حاولت من خلال الخطاب الملكي، مدّ اليد وتأكيد الأخوة.
وكان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، قد طالب، الجزائر، بعد إعلانها عن قرارها القاضي بالانسحاب من الصيغة التي بدأها المبعوث الأممي السابق، كوهلر، بـ”العودة إلى المائدة المستديرة”، من أجل استئناف العملية السياسية، بغية محاولة إيجاد حل وفقا للقرارات التي صادق عليها مجلس الأمن”.
ورأى مراقبون أن الجزائر تحاول لعب إحدى آخر أوراقها من أجل عرقلة التقدم الكبير الذي حققه المغرب في ملف النزاع، خصوصاً بعد قراره تأمين معبر الكركارات الحدودي، في الـ 13 من شهر نوفمبر من السنة الماضية، وهو ما سبق لسلطات “قصر المرادية”، أن أعربت عن انزعاجها ورفضها له.
وما يعزّز هذه الفرضية، وفقهم، هو تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، الذي طالب فيه القوات المسلحة المغربية بالانسحاب من منطقة الكركارات، من أجل العودة إلى المسار السياسي لتسوية النزاع، بعد تعيين المبعوث الأممي الجديد ستيفان دي ميستورا.
يشار إلى أن المغرب سبق له،أن قال، عبر ممثل في الأمم المتحدة، عمر هلال، إن الجزائر “هي الطرف الحقيقي المسؤول عن خلق والحفاظ على الخلاف الإقليمي المصطنع حول قضية الصحراء المغربية”، وأنه “مدعو إلى الانخراط بشكل كامل في عملية المائدة المستديرة بروح الواقعي والتوفيق”، مطالباً إياها بالاعتراف بمسؤوليتها كطرف في النزاع، لتسهيل مهمة الأمم المتحدة”.
تعليقات الزوار ( 0 )