شارك المقال
  • تم النسخ

لماذا تتكتم الجزائر عن تسلل كورونا إلى السجون والمحاكم؟

تتكتم السلطات الجزائرية عن وجود حالات إصابة بفيروس “كوفيد 19 ” في المؤسسات السجنية، لكن الفيروس الخطير تسلل إلى المؤسسات العقابية والمحاكم أيضا، عقب الإعلان عن وفاة وزير سابق وإصابة جنرال موقوف بهذا الفيروس ووفاة قضاة .

ويبدو أن وزارة العدل في الجزائر ترفض الخوض في الموضوع وتعتبره خطا أحمر مادام أنها سبق وأن اعلنت عن ترسانة من الإجراءات الوقائية للتصدي للوباء والحد من وصوله للسجون ما جعلها تعجل بإطلاق سراح الكثير من المحبوسين وتعليق المحاكمات إلى غاية الخروج من الأزمة الصحية الراهنة .

ولا تقر وزارة العدل لحد الساعة بتسجيل أي إصابة ولم تصدر أي بيان رسمي يؤكد او ينفي ذلك لحاجة في نفسها، وذلك بالرغم تسرب الكثير من المعلومات تفيد بإصابة بعض السجناء بهذا الفيروس، وخاصة في الفترة الأخيرة مع التزايد الرهيب لعدد الإصابات في البلاد والتي تجاوزت 600 حالة حيث تضاعف الرقم 6 مرات مقارنة بالأسابيع الأولى منذ بداية الجائحة .

وفاة وزير سابق بالـ”كورونا” داخل السجن

كشفت محامية وزير البريد والاتصالات السابق موسى بن حمادي، عن وفاة موكلها بعد تدهور وضعه الصحي بسبب إصابته بفيروس كورونا الذي تسلل إليه وهو بداخل سجن الحراش في العاصمة، حيث عانى فبل وفاته من ضيق في التنفس نقل على إثرها للمستشفى من أجل تلقي العلاج المناسب ليفارق بعدها الحياة .

وأكد شقيقه عبد المالك بن حمادي نبأ الوفاة، وصرّح لفرانس برس إن “موسى بن حمادي نقل بشكل طارئ إلى مستشفى مصطفى باشا في العاصمة الجزائر”، مشيرا إلى أنه “أصيب بفيروس كورونا المستجد في السجن”. وهو نفس الكلام الذي صرح به شقيقه الآخر لجريدة ” ليبرتي ” الجزائرية الناطقة بالفرنسية حيث قال “أصيب أخي بالفيروس في 4 يوليو ولم ينقل إلاّ في 13 من الشهر نفسه بشكل طارئ إلى مستشفى في العاصمة”.

سجناء مصابون بالوباء

لم تكن إصابة الوزير السابق بن موسي حمادي الحالة الوحيدة التي كشفت امام الرأي العام دون نفي أو تأكيد من وزارة العدل الجزائرية، حيث أعلنت المحامية  نبيلة سليمي المكلفة بالدفاع عن الجنرال السابق علي غديري، الموقوف في السجن في قضية تخصّ إضعاف معنويات الجيش، في بيان أصدرته قبل أيام، إصابته بفيروس كورونا.

وكشفت المحامية سليمي أن “الحالة الصحية لغديري المصاب بفيروس كورونا مستقرّة إلى غاية الساعة ويخضع لرعاية طبية مشدّدة من طرف الطاقم الطبي للمؤسّسة العقابية بالحراش”.

ومن جهته أكد المحامي، خالد بورايو، عضو هيئة دفاع اللواء المتقاعد علي غديري، في تصريح خص به صحيفة “الخبر” الجزائرية ، إصابة  هذا الأخير بفيروس كورونا بسجن الحراش.

وكان الجنرال المتقاعد لغديري قد دخل في إضراب عن الطعام مؤخرا بعد أكثر من سنة في الحبس المؤقت، قبل أن يقرر تعليقه بعد تأكد إصابته بالفيروس.

وتناولت بعض وسائل الإعلام الأجنبية بعض المعلومات نشرها موقع “جون أفريك” تقول أن عددًا من الوزراء في السجن، يشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، على غرار ما نقله الموقع عن عائلة الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال بإصابته بالفيروس، ووزير الطاقة السابق يوسف يوسفي، ووزير العدل الطيب لوح، والمدير السابق لإقامة الدولة حميد ملزي، وهي المعلومات التي لم تكذبها وزارة العدل الجزائرية لحد الآن .

وفاة قاضيين بكورونا

أعلنت نقابة القضاة الجزائريين في بيانين رسميين لها أن قاضيين لقيا مصرعهما بسبب تعرضهما لإصابة بفيروس كورونا ويتعلق الأمر بقاض مستشار في مجلس قضاء ولاية بشار و مستشار بالمحكمة العليا ، وهما الحالتان الوحيدتان اللتان كشفت عنهما النقابة دون أن تتحدث عن وزارة العدل، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول سبب كل هذا التكتم والتعتيم، فيما تكشف مصادر أخرى عن تسجيل بعض القضاة اشتبه في إصابتهم بالفيروس وهو تحت الحجر الصحي لفترة معينة إلى غاية انتهائه .

تكتّم عن الإصابات يثير التساؤلات

ويثير صمت الجيهات المسؤولة في الخوض في هذه المسألة عديد التساؤلات والاستغراب في نفس الوقت من قبل مراقبين للوضع، ويعتبرون أن الحديث عن إصابات بفيروس كورونا في السجون بات مستحيلا وغير مباح في الوقت الراهن، بسبب ما تعلنه السلطات الجزائرية عن توفّر المؤسسات العقابية على كافة شروط السلامة الصحيّة، لكن وفاة  الوزير بن حمادي بعد إعلان عائلته عن إصابته بكورونا فتح باب التأويلات. 

ويأتي كل هذا في وقت نفى وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي قبل مدة وجود أي حالة كورونا في السجون، وقام بتعميم تعليمات صارمة من أجل تشديد الإجراءات الوقائية داخل المؤسسات العقابية ومضاعفة الجهود المبذولة لضمان منع انتشار كورونا وسط المساجين والموظفين وإجراءات أخرى من أجل التحكم في الوضع .

الاكتظاظ  في السجون يضاعف مخاطر العدوى

ويتخوّف الكثير من القانونيين في الجزائر من تفاقم الوضع خصوصا إذا ما تم تأكيد الإصابات داخل السجون بهذا الفيروس اللعين، حيث يتفهمون لحد الساعة تكتم السلطات الجزائرية الخوض في هذه المسألة وعدم الجهر بها عبر وسائل الإعلام ، باعتبار ذلك سيؤثر لا محال على استقرار المؤسسات العقابية ويزرع الرعب والخوف في قلوب السجناء وأهاليهم خصوصا وأن السجون الجزائرية في الوقت بالتحديد تعاني من الاكتظاظ ويصعب عليها أن تطبق إجراءات العزل بين السجناء .

وسبق وأن كشف وزير العدل بلقاسم زغماتي في منتصف فبراير الماضي، في اجتماع ولاة الجمهورية مع الحكومة، إذ كشف وقتها عن حالة الاكتظاظ  التي تعاني منها المؤسّسات العقابية، ودعا إلى التسريع في إنجاز السجون التي هي في طور الإنجاز، للتخفيف على الضغط على بعض المؤسّسات العقابية القديمة وتفاديا لأي خلل مستقبلا.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي