Share
  • Link copied

لأن “الوقت ليس في صالحها”.. هل تُجبر انتصارات المغرب “البوليساريو” على “إعادة التفكير في شكل تقرير المصير”؟

عدّد الأكاديمي البارز في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الأسباب التي تدفع الجزائر و”البوليساريو”، إلى إعادة التفكير في شكل تقرير المصير الذي يرغبان به في نزاع الصحراء، وعلى رأسها الانتصارات العديدة للمغرب في الملف، وعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض.

وقال لوفات، في مقال نشره موقع “إل إندبندنت” الإسباني، إن المغرب، نجح، في “توسيع الدعم الدولي لمطالباته (…) لكن هذا لم يدفع الصراع إلى الاقتراب من نهايته”، حيث تهدد “البوليساريو”، “بتوسيع نطاق عملياتها المسلحة”، متابعاً أنه “مع استمرار الصراع في تأجيج انعدام الأمن الإقليمي وإذكاء التوترات بين المغرب والجزائر، التي وصفها بـ”راعية جبهة البوليساريو”، يظل اتفاق السلام بشأن الصحراء، أمرا حيويا لمستقبل المنطقة.

ترامب منح المغرب انتصارا كبيراً..

وأوضح أن عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، قد يساعد في تحفيز حل النزاع، مبرزاً أنه “لكي يكون تدخله ناجحا، يتعين على أي مشاركة أمريكية مستقبلية أن تأخذ في الاعتبار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وفقا للقانون الدولي”، مردفاً أن ترامب سبق له أن منح المغرب “انتصارا كبيرا خلال ولايته الرئاسية الأولى، من خلال الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء في دجنبر 2020”.

واعتبر الأكاديمي نفسه، أن هذه الخطوة، فتحت الباب أمام تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، كما مهدت الطريق لـ”مزيد من المكاسب الدبلوماسية المغربية، بما في ذلك من جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن أن حاضر ومستقبل الصحراء يقع تحت السيادة المغربية، وحث على الاستثمار الفرنسي في الإقليم، على غرار ما فعلته إسبانيا، التي عززت أيضا استثماراتها هناك، كجزء من جهودها لتحسين العلاقات مع المغرب”.

خطة الحكم الذاتي المغربية تحظى بدعم متزايد

وبالموازاة مع ذلك، يؤكد لوفات، أن المغرب “يحظى بدعم متزايد لمقترحه بشأن الجكم الذاتي للصحراء، الذي تم تقديمه في سنة 2007، والذي ينص على إنشاء إدارة إقليمية محلية – المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي للصحراء، تحت السيادة المغربية، حيث سيتم منح الصحراويين حق سن القوانين الخاصة، وتنظيم القضايا الداخلية مثل البنية التحتية والسياسة الاجتماعية، فيما ستحتفظ الرباط بالسيطرة على الأمن الخارجي والداخلي، والعلاقات الخارجية، والعملة”.

ونبه إلى أن المغرب، مُصر على أن خطة الحكم الذاتي، هي “الحل الوحيد الذي سيقبل به بالنسبة للصحراء، معرباً عن أمله في الحصول على ختم الموافقة الدولية النهائي في مؤتمر دولي في دولة الإمارات العربية المتحدة أبريل المقبل”، لكن في الجهة المقابل، تواصل “البوليساريو” رفض المقترح، وتتشبث بـ”الاستقلال”، وقررت في نوفمبر 2020، استئناف أعمالها العسكرية ضد القوات المغربية.

“التوصل إلى تسوية تفاوضية ممكن”

واسترسل لوفات، أنه على الرغم من أن العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لا تزال متوقفة، إلا أن التوصل إلى تسوية تفاوضية لا يزال ممكنا، حسب الأكاديمي نفسه، ولكن، يوضح: “ستكون هناك حاجة إلى ضغوط فعالة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، لتشجيع المغرب وجبهة البوليساريو على التوصل إلى حل وسط بهدف جذبهما إلى ما يسميه المفاوضون منطقة الاتفاق”.

وأبرز أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، قال أمام مجلس الأمن في أكتوبر 2024، إن للدول الحق في “فهم ما يستلزمه مقترح الحكم الذاتي الذي يُطلب منها دعمه، ويتضمن هذا على سبيل المثال، المضمانات الرامية إلى ضمان احترام الحقوق الوطنية الصحراوية والحكم الذاتي، حسب تعبيره، غير أن المغرب، وفق ما زعمه لوفات، “لم يقم بتقديم تفصيل لخطته”.

“الحكم الذاتي.. شكل من أشكال تقرير المصير”

وواصل الأكاديمي ذاته، أن “هناك أيضا أسبابا تدعو إلى التساؤل عما إذا كانت الرباط، ملتزمة حقا بخطتها الخاصة التي قدمتها في سنة 2007، لحل النزاع، خصوصا أنها لم تقم إلى غاية اللآن، بتنفيذ مقترح الحكم الذاتي على أرض الواقع”، وهو ما فسره المعني، “بشكل جزئي” برغبة المملكة، في الإبقاء على السلطة مركزية، لكن، يضيف: “سيتعين على المغرب أن يبدي قدرا أكبر من المرونة للمضي قدماً”.

واللافت في هذا المقال، الذي تنشره صحيفة تُوصف بـ”الموالية” لـ”الانفصاليين”، هو أن الأكاديمي أكد أن على إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، أن “تضغط على المغرب”، من أجل “حمله على الالتزام بتفاصيل مقترح الحكم الذاتي، وتوفير شكل موثوق من تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية”، وهو الاقتراح الذي، قد لا يكون تعبيرا عن رأي هيو لوفات وحده، بل ربما مدفوعاً من قبل الجزائر و”البوليساريو”.

أسباب اضطرار الجزائر و”البوليساريو” لقبول مقترح الحكم الذاتي

وما يرجح هذه الاحتمالية، هو أن الأكاديمي، واصل في تفصيل الأسباب التي قد تدفع الجزائر و”البوليساريو” إلى قبول مقترح الحكم الذاتي، حيث قال إن الجبهة الانفصالية، مطالبة بإظهار قدر أكبر من “البراجماتية، بعدما ظلت متشبثة برفض مقترح الحكم الذاتي، واعتمدت على “الضغط العسكري”، وهي الاستراتيجية التي “لن تنجح” في ظل “تزايد قوة المغرب على الساحة الإقليمية والدولية”.

وفي هذا السياق، نبه إلى أن “الطريق الأكثر إيجابية بالنسبة للبوليساريو، هو المعركة القانونية التي قدمتها لإدراجها ضمن علاقات المغرب مع الاتحاد الأوروبي”، ولكن، يواصل أنه على الرغم من قرار محكمة العدل الأوروبية، إلا أن “هذه الاستراتيجية القانونية، من غير المرجح أن تتمكن من التغلب تماما على العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والإيديولوجية عميقة الجذور التي تدعم استمرار سيطرة المغرب”.

“الوقت ليس في صالح البوليساريو”

واسترسل أنه “مع تزايد الشكوك حول مستقبل بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء (مينورسو)، وتهديد دي ميستورا بالاستقالة ما لم يكن هناك مشاركة دبلوماسية إيجابية من قبل الأطراف، فإن النافذة الدبلوماسية الحالية للتوصل إلى اتفاق قد تغلق قريبا، وسوف يصب هذا في مصلحة المغرب، في حين قد يترك للبوليساريو طريقا أضيق نحو إقامة الدولة، وكما اعترف أحد كبار الدبلوماسيية في الجبهة مؤخرا: الوقت ليس في صالحنا”.

البوليساريو وضرورة إعادة التفكير في كيفية تقرير المصير

وبالرغم من أن الوقت ليس في صالح الجبهة، أوضح الأكاديمي، أنه “لا ينبغي للبوليساريو أن تتخلى عن حملها في تقرير مصير الصحراويين. وأي اتفاق بشأن مستقبل الصحراء سوف يتعين في نهاية المطاف عرضه على الصحراويين في استفتاء عام”، ولكن، يستدرك لوفات: “هناك حاجة إلى إعادة التفكير في كيفية تحقيق تقرير المصير على أفضل وجه في ضوء الحقائق الجيوسياسية الحالية”.

وهنا، يقول لوفات: “تستطيع الولايات المتحدة، أن تقدم حوافز اقتصادية وسياسية كبيرة لتشجيع جبهة البوليساريو على قبول نموذج تفاوضي للحكم الذاتي، يقع في مكان ما بين الاستقلال الكامل، والاندماج الكامل في المغرب، وقد يأخذ هذا أشكالا عديدة. وفي تقريره إلى مجلس الأمن، استشهد دي ميستورا بمثال غرينلاند، وهي إقليم يتمتع بالحكم الذاتي في الدنمارك، ويمكن للصحراويين أيضا، أن يتطلعوا إلى جزر المحيط الهادئ مثل جزر كوك ونيوي، وهما دولتان تتمتعان بالحكم الذاتي وتتمتعان بارتباط حر مع نيوزيلندا”.

الجزائر مستعدة لقبول أي شكل من أشكال تقرير المصير في الصحراء

ومن الممكن أيضا، حسب الباحث الأكاديمي ذاته، “التوصل إلى اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة والجزائر، من شأنه أن يخفف التوترات مع المغرب، ويضع ضغوطا جزائرية على البوليساريو لقبول حل وسط. وفي الاجتماعات أعرب المسؤولون الجزائريون عن رغبتهم في تخفيف التوترات مع المغرب وتعزيز التطبيع الإقليمي، لكنهم أكدوا أن هذا سيتطلب تحركا إيجابيا على المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، لضمان تقرير مصير الصحراويين، بأي شكل من الأشكال”.

واعتبر الأكاديمي ذاته، أن “حل نزاع الصحراء، من شأنه أن يوفر مزايا كبيرة للاتحاد الأوروبي، الذي يجد نفسه محاصرا بين رغبته السياسية في تعميق شراكته الاقتصادية مع المغرب من ناحية، والتزامه القانوني بمعاملة الصحراء كإقليم منفصل واحترام حق الصحراويين في تقرير المصير من ناحية أخرى. وسيكون من الأهمية بمكان، إبرام اتفاق للتعاون الاقتصادي يسمح للصحراء بالبقاء جزءاً من العلاقات التجارية بين أوروب والمغرب بموافقة البوليساريو”، وذلك في حال تم التوصل إلى حل للنزاع.

إنهاء نزاع الصحراء يصب في مصلحة الاتحاد الأوروبي

وخلص لوفات، إلى أنه يمكن للاتحاد الأوروبي، “من خلال العمل مع إدارة ترامب والأمم المتحدة للتوصل إلى علاقة تجارية جديدة مع الصحراء، بما يتماشى مع حكم محكمة العدل الأوروبية، أن يساعد في خلق زخم دبلوماسي مهم نحو حل تفاوضي يمكن أن يلبي تطلعات البوليساريو والمغرب على حد سواء. لكن هذا سيتطلب من بروكسل التفكير بشكل استراتيجي، وهو الأمر الذي كانت مترددة حتى الآن في القيام به عندما يتعلق الأمر بهذا الصراع”.

ومن خلال العمل مع إدارة ترامب والأمم المتحدة للتوصل إلى علاقة تجارية جديدة مع الصحراء الغربية بما يتماشى مع حكم محكمة العدل الأوروبية، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يساعد في خلق زخم دبلوماسي مهم نحو حل تفاوضي يمكن أن يلبي تطلعات الصحراويين والمغاربة على حد سواء. لكن هذا سيتطلب من بروكسل التفكير بشكل استراتيجي، وهو الأمر الذي كانت مترددة حتى الآن في القيام به عندما يتعلق الأمر بهذا الصراع.

Share
  • Link copied
المقال التالي