عرفت زراعة الفول السوداني، خلال السنوات الأخيرة، انتشارا واسعا في صفوف صغار الفلاحين بعدد من المناطق المغربية، حيث باتوا يلجأون إليه نظرا لسهولة زراعته بالمقارنة مع عدد من المنتوجات الأخرى، غير أن فيروس كورونا المستجد، الذي يتفشى في المملكة منذ شهر مارس الماضي، تسبب في تراجع أعداد الفلاحين الذين زرعوا هذا المنتوج خلال السنة الحالية.
ويتواجد هذا النوع من الزراعة بالخصوص، بالخصوص في المحور الرابط بين القنيطرة والعرائش ، ويتم زراعته بين شهر مارس وماي، على أن ينطلق موسم الحصاد في شتنبر، ولا يحتاج “الكاوكاو”، أو “القاوقاو”، للكثير من المياه، حيث يلجأ غالبية الفلاحين إلى استعمال تقنية السقي بالتنقيط، فيما يكتفي آخرون بما تجود به السماء من أمطار.
وتسببت جائحة فيروس كورونا المستجد، في تفادي عدد من الفلاحين لزراعة “الكاوكاو”، خاصة أصحاب الأراضي البورية، مخافة دخولهم في مغامرة غير محسوبة النتائج، فيما قرر آخرون زرع البذور في شهر مارس وأبريل وماي الماضيين، حيث ظلوا حريصين على العناية بمنتوجهم.
وتستغرق عملية إنتاج “الكاوكاو”، حوالي 5 شهور، حيب تنطلق من مارس وتنتهي في شتنبر، وتتطلب عناية خاصة لهذا المنتوج، فبعد “قلب الأرض”، يقوم الفلاحون بزرعه، ثم بعد فترة يعيدون الحرث على “الكاوكاو”، من أجل مساعدته على النمو بشكل جيد، وبعدها يتم “النقش عليه”، قبل أن يصل المنتوج لآخر مراحله ويتم حصده بين شتنبر وأكتوبر من كل سنة.
عانى الفلاحون الذين لا يملكون أراضي سقوية من صعوبات بالغة خلال الموسم الفلاحي الحالي، حيث سعى العديد منهم لتعويض الخسائر التي تلقوها من زراعة الشعير والقمح في ظل قلة التساقطات، ليلجأوا لـ”الكاوكاو”، كخيار صيفي، يخفف خسائر الزراعات الخريفية والربيعية والشتوية، غير أنهم اصطدموا بتداعيات فيروس كورونا.
وتلقى فلاحو الفول السوداني، ممن يكترون الأراضي لزراعته، أضرار جسيمة، حيث يكلفهم استئجار قطعة أرضية حوالي 8000 درهم، إلى جانب مصاريف شراء البذور والأسمدة، ما يجعل خسائر المزارعين تصل لمليون سنتيم، في وقت لا يتجاوز فيه ثمن الكيلوغرام الواحد من “الكاوكاو”، حاليا، الـ 8 دراهم.
وفي هذا السايق أشار عْلي، وهو فلاح من العرائش، يزرع “الكاوكاو” في أرض بورية، تعتمد على المطر، في تصريحه لـ”بناصا”، إلى أن “هاد العام تضررنا بزاف، الشتا مطاحتشي وكورونا نقص الثمن ديال المنتوج، كنبيعو بـ8 دراهم للكيلو، وحنا أصلا شارين البذور باش نزرعو بـ 10 دراهم للكيلو، وزيد عليها السماد وتمارة مكيبقاشي بزاف لينا”.
واعتاد الفلاحون في مواسم الحصاد الماضية، على اللجوء للأسواق الأسبوعية بالمناطق المجاورة في منطقة الغرب والشمال، غير أن الوضع الاستثنائي الحالي، في ظل تفشي فيروس كورونا، قيد حرية التنقل، وقلص أعداد الأسواق التي يمكنهم فيها عرض منتوجاتهم، وهو ما من شأنه أن يضر ببيعهم وربما “كاين لي ميلقاش لمن يبيع كاع السلعة أو يلقا ولكن بثمن قليل”، على حد قول عْلي.
أما زملاء فلاحي الأراضي البورية، من أصحاب الضيعات السقوية، فقد كان منتوجهم جيدا هذه السنة، في ظل اعتمادهم على السقي بالتنقيط، غير أن فيروس كورونا، وتأثيره على أسعار البيع، من شأنه أن يضر بهم، حيث تشير توقعات عدد من المزارعين إلى أن هامش الربح سيتضاءل خلال السنة الحالية، بالإضافة إلى صعوبة ترويج المنتوج.
تعليقات الزوار ( 0 )