Share
  • Link copied

قراءة نقدية للإجراءات التدبيرية للطلبيات العمومية في ظل الحالة الوبائية

 يشهد النشاط الاقتصادي العالمي مجموعة من الاختلالات المهمة بحلول جائحة كوفيد 19 ، والذي أثر بشكل جلي على نشاط المقاولة الاقتصادية وكذا محيطها الخارجي ،  الأمر الذي استوجب مواكبة استراتيجية و يقظة لتتبع انعكاسات الوباء على المقاولة من جهة ،  وعلى الإدارة و التشريعات المتعلقة بتسيير الصفقات العمومية من جهة أخرى، و بالتالي خلق جو يتلائم و متطلبات هذه الظرفية الخاصة و التي – لا قدر الله- قد تطول مدتها.

لهذه الأسباب بادر المشرع المغربي الى وضع مجموعة من الاليات قصد ضمان استمرارية المرفق العمومي. تطرح مجموعة من التساؤلات حول مدى فعاليتها و حدودها  في مجال الصفقات العمومية ؟ و هل فعلا مكنت الاقتصاد المغربي من تخطي الإكراهات المفروضة ؟

لذالك وقبل الدخول في صلب الموضوع ، وجب التذكير بهذه الاليات و تصنيفها مع الإحاطة بمختلف اثارها وانعكاساتها قبل تمحيصها و البحث في فحواها. و من تم سنحاول إستعراض أهم التحارب و الإكراهات التي أغفلها المشرع المغربي. مقارنة سواء مع دول أخرى كفرنسا مثلا- أو انطلاقا من تجربتنا بصفتنا فاعلين في الميدان.

  1. الإجراءات التدبيرية للطلبيات العمومية المتخذة

بشكل رئيسي تمحورت هذه التدابير المستحدثة حول شقين اتنين على مستوى الصفقات العمومية  مؤطرة بمجموعة من مراسيم مختلفة يتعلق الشق الأول بطرق تفويت الصفقات العمومية تحت عدد 2-12-349 الصادر في 8 حمادى الأولى 1434 الموافق ل 14 مارس 2013 أو ما يعادله من نظم مشتريات خاصة بمؤسسات عمومية لا تخرج في أغلب ديباجتها عن المرسوم السالف الذكر و ثانيها يتعلق على حد السواء بالمرسوم 2-14-394 الصادر في 6 شعبان 1437 الموافق ل 13 ماي 2016 بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال و أيضا المرسوم رقم 2-01-2332 الصادر في 22 من ربيع الأول 1423 الموافق ل 4 يونيو 2002 بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الخدمات المتعلقة بأعمال الدراسات و الإشراف على الأشغال المبرمة لحساب الدولة.

  1. التدابير المتخذة في باب تفويت الطلبيات العمومية

تم وضع مجموعة من الاجراءات تهدف إلى تبسيط مساطر التفويت ، حاولنا جمعها و هي كالتالي :

  • دعوة الإدارات الى عدم تسليم ملفات طلبات في شكل ورقي الى المنافسين الراغبين في المشاركة في طلبات العروض . و الاكتفاء بتحميل هذه الملفات من خلال بوابة الصفقات العمومية أو عند الاقتضاء من الموقع الالكتروني الخاص بهذه الهيئات .
  • الإدارات مخولة بإجراء عملية فتح الأظرفة في جلسة مغلقة و ليس في جلسة عمومية .
  • الإدارات مطالبة بقبول نسخ غير مصادق عليها للوثائق المكونة للملفات طلبات العروض.
  • يمكن للآمرين بالصرف بالمؤسسات و المقاولات العمومية ، و تحت مسؤوليتهم ، اختيار مسطرة الالتزام بالنفقات التي يرونها مناسبة (طلبات العروض أو الصفقات التفاوضية أو سندات الطلب دون تحديد سقف لها) . و في حالة اللجوء الى طلبات العروض ، فان المؤسسات و المقاولات العمومية مدعوة الى نشر هذه الاعلانات على مستوى بوابة الصفقات العمومية و الاصدارات الالكترونية للصحف و كذلك عند الاقتضاء ، على مستوى المواقع الالكترونية الخاصة بها .
  • لا يعتبر حضور ممثلي وزارة الاقتصاد و المالية و اصلاح الادارة الزاميا لصحة أشغال اللجان المكلفة بطلبات العروض التي تخص المؤسسات العمومية الخاضعة للمراقبة القبلية . و بموازاة مع ذلك  ، سيواصل مراقبو الدولة فحص ملفات طلبات العروض عن بعد و ارسال ملاحظاتهم للمؤسسات العمومية المعنية و كذا مواكبة هذه الهيئات و تقديم المشورة لها  عن طريق أية وسيلة الكترونية ملائمة (البريد الالكتروني ، تقنية الفيديو ….) .
  • لا يشترط الحصول على التأشير المسبق لمراقبي الدولة بالنسبة للصفقات الملتزم بها من طرف المؤسسات العمومية المعنية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية .
  • الاستثناء من مقتضيات المرسوم رقم 2.07.1235 الصادر في 4 نوفمبر 2008 و المتعلق بمراقبة نفقات الدولة من أجل الغاء مراقبة صحة عمليات النفقات سالفة الذكر (المادة 5 من المرسوم رقم 2.20.270 بتاريخ 16 مارس 2020 ).
  • تعليق صلاحية جميع المواعيد المنصوص عليها في النصوص القانونية و التنظيمية الجاري بها العمل خلال حالة الطوارئ الصحية (المادة 6 من المرسوم القانون رقم 2.20.292 السالفة الذكر).
  • الاستثناء من أحكام المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 و المتعلق بالصفقات العمومية لتسديد النفقات التي أمر بها وزير الصحة على وجه الخصوص و حذف سقف سندات الطلب و ترخيص ابرام الصفقات التفاوضية بدون اجراء منافسة و بدون اشهار مسبق و دون اصدار شهادة ادارية (المادة 2 من المرسوم رقم 2.20.270 الصادر بتاريخ 16 مارس 2020 المتعلق بمساطر تنفيذ النفقات المنجزة من لدن وزارة صحية). و هنا وجب الوقوف و التنبيه أن مجرد حذف سقف سندات الطلب يعتبر إقرارا ضمنيا باعتبار هذه المسطرة –سند الطلب- كأحد أوجه صد الاستعجال و هو ما يناقض صراحة توصيات اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية و المجلس الأعلى للحسابات.
  • حث المشرع الادارات و المقاولات بضرورة تفعيل قبول العروض الالكترونية وكذا التبادل الرقمي للمراسلات وذالك عبر تبسيط مسطرة الايداع الالكتروني للعروض بتنسيق مع بريد المغرب . لكن ومن المفارقات الغريبة لم يصدر أي بلاغ لحث الإدارات على تفعيل و تكثيف العمل بمسطرة المناقصة الالكترونية المعكوسة بالنسبة لصفقات التوريدات المتداولة ، و التي أثبتت فعاليتها بالمغرب  لحد الساعة.
  • التدابير المتخذة في باب تتبع الطلبيات العمومية

تتجلى أهم نقاط تدخل المشرع في المسائل التالية :

  • دعوة أصحاب المشاريع التابعين لإدارات الدولة و الجماعات الترابية و المؤسسات العمومية و باقي الهيئات الخاضعة للمراقبة المالية للدولة ، الى الموافقة على طلبات المقاولات التي تثير القوة القاهرة ، بسبب اجراءات إحالة الطوارئ و الحجر الصحي المتخذة من قبل السلطات العمومية ، دون الاخذ بعين الاعتبار أجل سبعة أيام لتقديم طلباتها في الموضوع .
  • اقرار تمديد الاجال التعاقدية ، بواسطة عقد ملحق ، سواء بالنسبة لصفقات الاشغال أو التوريدات أو الخدمات ، و ذلك في حدود مدة الطوارئ الصحية .
  • دعوة أصحاب المشاريع كذلك ، خلال فترة الطوارئ الصحية ، الى اللجوء عند الاقتضاء الى اليات تأجيل تنفيذ الاشغال أو التوريدات أو الخدمات أو أوامر ايقاف أو اعادة استئناف الخدمة .
  • تذكير مختلف المتدخلين في مجال الطلبيات العمومية بضرورة اعطاء الأولوية خلال فترة الطوارئ الصحية للتبادل الالكتروني بجميع أشكاله للوثائق المثبتة و للمستندات بدلا من الدعامات الورقية .
  • يتعين على الخزنة المكلفين بالأداء و أعوان المحاسبة اتخاذ كافة التدابير الازمة لمعالجة و أداء النفقات داخل الاجال القانونية ، و ذلك بالاستناد على النسخ الالكترونية للملفات المتعلقة بها بالاضافة الى وثائقها المثبتة التي سيتم ارسالها من طرف المؤسسات العمومية الخاضعة للمراقبة القبلية أو النوعية . و ستتم تسوية هذه الملفات في شكلها الورقي بمجرد انتهاء فترة الطوارئ الصحية .
  1. محدودية الحلول المقترحة

إجمالا يمكن أن نعتبر أن هذا ما تم تقديمه من حلول لتجاوز هذه المحنة يتضح معه جليا مدى قصوره و محدوديته.

أضف إلى ما سبق ذكره من نقائص يُعاب أيضا على هذه التدابير إعطاؤها أهمية قصوى للشق المتعلق بتفويت الصفقات العمومية مقابل تغاضي نسبي عن الشق المتعلق بتتبع هذه الصفقات ، حيت لم تتجاوز كونها تسعى إلى تأكيد القوة القاهرة في الصفقات العمومية ليشمل الظرفية الراهنة ، وذالك بالتذكير أولا أن  :

  • الجائحة هي قوة قاهرة في حد ذاتها و بالتالي لا تحتاج إلى إثبات و من جهة ثانية – تحصيل حاصل- عدم تطبيق غرامات التأخير على المقاولات اللتي تضررت بفعل الجائحة .
  • نلاحظ هنا  أيضا أن المشرع لم يلزم المقاول بضرورة تقديم طلب لإثبات القوة القاهرة كما هو منصوص عليه في المادة 47 من مرسوم 2016 ، لكنه بالمقابل لم يشفي غليل المتعاقدين في نقاط أكثر أهمية عكس التشريعات المعتمدة لدى دول أخرى كفرنسا مثلا و اكتفى بهذه الإضافة المحتشمة.

في قراءة لهذه الحلول  نجد أنها لم تجب على أهم النقاط المتعلقة بتأثير جائحة كورونا على الصفقات العمومية لذالك نزعم جازمين أن هذه الحالة ستترجم لاحقا بالعدد الهائل كما و كيفا للنزاعات التي ستعرض على أنظار المحاكم الإدارية للمملكة .

  1. واقع أكثر تعقيدا و تجارب أخرى

إذا ما استثنينا كون المشرع لم يفوت المناسبة لحث أصحاب المشاريع على احترام اجال أداء مستحقات المقاولات و استثناءها من المرسوم المتعلق برفع الاجالات القانونية  فإنه و بالمقابل لم يبادر إلى الإجابة على كل الإكراهات بل و في بعض الأحيان أضر من حيث لا يدري بعدد كبير من المقاولات.

فمثلا سعيا منه للحفاظ على المكتسبات القانونية للشركات في باب التصنيف و التأهيل فقد عمد المشرع الى تمديد مدة صلاحية الشواهد لستة أشهر أخرى غير آبه بالمقابل بالضرر الذي لحق بالمقاولات التي سبق لها تقديم طلبات الحصول على هذه الشواهد منذ عدة أشهر قبل حلول الفاجعة و التي لا زالت تراوح مكانها بين أخذ و رد.

و في علاقة غير مباشرة تحاول بعض المقاولات الدفع بتأجيل الزيادة في الحد الأدنى من الأجر و الذي كان مرتقبا دخوله حيز التنفيذ في يوليوز 2020 استنادا إلى الإتفاق الإجتماعي في 25 أبريل 2019. موقف المقاولات و بغض النظر على مدى أحقيته يدل على عدم الارتياح لدى المستمرين و تخوفهم من انعدام السيولة حاليا. تأكيدا لما قلناه ندعوكم هنا إلى ملاحظة الكم الهائل لطلبات العروض الخاصة بالخدمات و التي سيتم البدء بالإعلان عنها خلال هذه الأيام القلائل.

بالمقابل اعتمدت فرنسا سبلا أخرى أكثر مرونة و جرأة سعت من خلالها إلى الحفاظ على المقاولة باعتبارها شريكا حقيقيا و لو على حساب بعض الضرر الجزئي للإدارة، سنحاول استعراض بعضها مضيفين إليها تجربتنا المتواضعة:

  • أولها ، يتعلق بتمديد اجال فتح الأظرفة ، بالنسبة للطلبيات العمومية التي ربما سيحتاج فيها المتنافس إلى معطيات أكثر دقة و تحديثا بعد نزول هذا الوباء و بالتالي ستسمح هذه الطريقة للمتنافسين بتقديم عروض واقعية و عقلانية  دون الاضطرار إلى إلغاء المسطرة الجارية ، بالمقابل فإن بعض طلبات العروض بالمغرب عمد أصحابها الى إلغائها بعد توصلهم بعروض المتنافسين ثم بعد ذلك معاودة مسطرة طلب العروض رغم تكلفة الوقت و المال.
  • قام المشرع في دول أخرى بتخفيف عبئ المتنافسين و اعفائهم كليا أو جزئيا من تقديم بعض الوثائق الشكلية و ذالك بعد نشر الإعلان عن طلب العروض ، في حين أن بعض الادارات لا زالت تشرط جميع الوثائق بما فيها مثلا محضر زيارة المواقع و السيرة الذاتية للمتدخلين مصادق عليها من السلطة المختصة ، ضاربين عرض الحائط الاجراءات الحازمة التي اتخذتها الحكومة المغربية لاحترام التباعد الجسدي بين الناس و عدم إلزامية المصادقة على الوثائق .
  • على عكس المشرع المغربي نجد أن بعض الأنظمة  عمدت الى تمديد اجال تنفيذ عقود الصفقات العمومية  و التي انقضى أجلها داخل مدة الجائحة أو شارفت على الانتهاء  و في حال اذا ما كانت هناك استحالة فرض مسطرة التنافس.
  • لم يوضح المشرع المغربي كيفية التأطير القانوني و التكييف للقوة القاهرة و نتائجها في حالة التأجيل المؤقت للأشغال و ما يترتب على ذلك من تعويض عن الضرر للمقاول.
  • بالمقابل فتح المشرع الباب على مصراعيه عندما أجاز اسناد صفقات تفاوضية دون منافسة أو اشهار بمجرد توفر شرط القوة القاهرة ، مهملا بذلك تحديد نوعية هذه الطلبيات العمومية و هو ما يتناقض تماما مع بعض التشريعات الاجنبية التي حددت بعض الشروط الموجبة للتنافس رغم وجود القوة القاهرة ، و هو ما يمكن اسقاطه على اقتناء قفف المساعدات الانسانية و مواد التطهير في مجتمعنا .
  • عكس المشرع المغربي ، عمدت بعض الأنظمة الأجنبية الى الرفع من قيمة التسبيقات في الصفقات العمومية الى 60% من مبلغ الصفقة ، بل و حتى عدم اشتراط الضمان بالنسبة للتسبيقات التي تتجاوز 30% من الصفقة . لوحده هذا الإجراء كان كافيا أن يساهم في دعم مباشر للمقاولات عبر ضمان السيولة الازمة  و بالتالي و بشكل غير مباشر ضمان انسياب أجور المستخدمين في القطاع الخاص متفادين بذلك الارتجالية و التخبط التي عرفته بلادنا للأسف في اطار دعم الأجراء القطاع الخاص من طرف الدولة نفسها و خلق روح ثقة بين الإدارة و المقاولة .
  • أثناء تنفيذ الصفقة ، و في حالة اذا ما استحال على المقاول تنفيذ جزء منها أو كلها لعدم توفر الوسائل اللازمة أو غلائها – متأثرا بالقوة القاهرة – أجازت بعض الأنظمة إمكانية تعويضه بمورد اخر بناءا على طلب المورد الأصلي في حدود التأثر  بالحجر و دون تطبيق أية غرامة على نائل الصفقة الأصلي . هذا التوجيه بقدر ما هو صريح واضح و شفاف ، بقدر ما يوضح لنا علاقة الثقة بين الشركاء الاقتصاديين .
  • اعتبرت الأنظمة التشريعية الأخرى ، أن مجرد تأجيل الصفقة ذات الثمن الاجمالي ، فإن ذلك يعطي حق أداء ما تم إنجازه سابقا من طرف المقاول ، مع ضرورة إنشاء ملحق  لاحقا يحدد التغييرات الطارئة على العقد الأصلي تاريخ الاستئناف أو الفسخ أو – اذا ما اقتضى الحال-  الأتعاب الواجب أداؤها للمقاول.
  • لا زال التدبير المدمج للنفقات يعاني من إكراهات تتعلق أساسا بالشق الفني يتجسد في غياب المستلزمات التقنية و البشرية اللازمة من جهة، و من جهة أخرى فإن النظام الحالي لا يتعامل إلا مع الحالات العادية و المبسطة بل و يشكل في حد ذاته عائقا لحسن للتسيير. في حين أن النظم المعلوماتية لدول أخرى تتسم بالشمولية و الوضوح و تتفاعل إيجابا مع جميع أنواع المشتريات بمختلف تعقيداتها.‎
  • إن تأخر صدور المرسوم المتعلق بصفقات التوريدات أسهم في تعميق إشكالات هذا النوع من الخدمات و المرسوم الحالي أصبح فعلا متجاوزا و لا يجيب على أغلب المشاكل المتعلقة بالتوريد ،  فمثلا مشكل التوريد الجزئي أو تجربة المعدات قبل فترة الضمان  و غيرها من المشاكل لا تزال تراوح مكانها زادها تعقيدا هذا الظرف الاستثنائي الذي تعرفه بلادنا و الذي قد يتم استغلاله من طرف بعض الممولين و الإدارات على حد سواء بسوء نية. و هذا من أكثر المشاكل التي نتوقع تصدرها على الساحة القانونية مستقبلا.
  • تعامل المشرع المغربي مع إكراهات تنفيذ الصفقات العمومية لم يفرق أبدا بين تلكم المتعلقة بالأشغال و التوريدات من جهة و بين الخدمات و الدراسات من جهة أخرى ، فلقد كان حريا به التفريق بينهما و لو شكلا، فمثلا لا يمكن إدراج الضرر بالنسبة لصفقة الأشغال بنفس الكيفية لصفقات الدراسات. فالأول لديه التزام بغاية بينما الثاني غالبا يكون لديه التزام وسيلة . فالمنطق مختلف و بالتالي لا يمكن طرح الإشكال من زاوية موحدة.
  • بالنسبة للصفقات العمومية التي تستلزم برنامجا تنفيذيا سواء تعلق الأمر بالأشغال أو الدراسات و في غياب سند قانون فإن المشرع لم يجز ضمنيا تعديل البرنامج مما قد يؤدي إلى خلق مزيد من اللغط في هذا الباب.

و هنا نود التأكيد أن حصر حالات إحداث ملحق بالصفقة يشكل عائقا أمام تنفيذ الصفقات في ظل الوباء.

  • لم يخصص المشرع أي إجراء واضح و موحد بالنسبة لعقود التدبير المفوض باعتبارها نوع من أنواع الطلبيات العمومية.

خلاصة لما سبق ذكره فإن طريقة التعامل مع هذه النوازل و غيرها يدل على غياب استراتيجية جوهرية وفعالة لمواجهة الاشكالات المتعلقة بالصفقات العمومية بغض النظر عن ظروف الجائحة. و هنا نستغل الفرصة مرة أخرى للتأكيد على ضرورة تطوير النقاش حول الطلبيات العمومية و ترقيتها إلى هندسة تعاقدية أصبح أمرا ملحا و مستعجلا خاصة بالنظر إلى الكم الهائل من التقارير المنجزة من هيئات المراقبة و كذا ارتفاع عدد ملفات المتابعات القضائية و ما رافقها من القيل و القال و ضرورة إحداث نظام قضائي متخصص و متكامل للبث في المال العام و تجاوز المادة 111 من مدونة محاكم المالية في إطار نظام الدعوى الموازية.

كما كان بإمكان المشرع تأسيس لجنة لليقظة خاصة بالطلبيات العمومية على غرار اللجان الأخرى يتجسد دورها أساسا بإدراج حلول واقعية لبعض النوازل قصد تجاوز بعض الإكراهات الإدارية و التقنية و السعي دائما إلى الحفاظ على التوازن المالي للعقد و كذا الموارد البشرية للمقاولة باعتبارها شريك اقتصادي هام لا محيد عنه و باعتبار أيضا أن الصفقة العمومية تشكل صلب الاقتصاد الوطني. أكيد لو أَوْلَت لها الحكومة العناية اللازمة لكانت ربما أكثر وقعا و أكثر فائدة من بعض الإجراءات الوقائية التي تم اعتمادها و لرسخت منطق الثقة في المعاملات الاقتصادية خاصة بُعَيْد رفع الحجر الصحي.‎

المراجع :

  • مرسوم الصفقات العمومية تحت عدد 2-12-349 الصادر في 8 حمادى الأولى 1434 الموافق ل 14 مارس 2013 .
  • المرسوم 2-14-394 الصادر في 6 شعبان 1437 الموافق ل 13 ماي 2016 بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال.
  • مرسوم رقم 2-01-2332 الصادر في 22 من ربيع الأول 1423 الموافق ل 4 يونيو 2002 بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الخدمات المتعلقة بأعمال الدراسات و الإشراف على الأشغال المبرمة لحساب الدولة.
  • مرسوم بقانون 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 الموافق ل 23 مارس 2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و إجراءات الإعلان عنها.
  • دورية وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة تحت عدد 9 بتاريخ 02-04-2020.
  • دورية وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة تحت عدد 2.2020 9 بتاريخ 01-04-2020.
  • مراسلة وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة إلى المؤسسات العمومية بتاريخ 31 مارس 2020.
  • مراسلة وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة إلى المؤسسات العمومية بتاريخ 26 مارس 2020.
  • بلاغ وزير التجهيز و النقل و اللوجيستيك و الماء إلى مهنيي قطاع البناء و الأشغال العمومية.
  • –         – Ordonnance n° 2020-391 du 1er Avril 2020visant a assurer la continuité du fonctionnement des institutions locales et de l’exercice des compétences des collectivités territoriales et des établissements publics locaux afin de faire face à l’épidémie de covid-19.

* خبير في ميدان الصفقات العمومية

Share
  • Link copied
المقال التالي