شارك المقال
  • تم النسخ

قادة الأغلبية يرفعون شعار “الغالب الله”.. ويعجزون عن طرح تصور لتجاوز الأزمة

بعدما استبشر المغاربة خيرا بهذه الحكومة المشكلة من ثلاثة أحزاب رفعت سقف الوعود الانتخابية عاليا، مخلفة انتظارات كبيرة وواسعة لدى مختلف الفئات شيبا وشبابا، بدأت تلك البشائر تتلاشى تدريجيا بداية من محطة التصريح الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة، والذي أعطى إشارة سيئة اتسمت بالتراجع عن تلك الوعود الوردية التي تبنتها الأحزاب الثلاثة.

ومن ضمن الوعود التي سرعان ما تخلت عنها الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، مراجعة التعاقد في قطاع التعليم، والرفع من أجور الأساتذة تلقائيا، والذي أصبح مشروطا في انتظار ما قد يستجد في هذا الباب.

ومع أول مشروع قانون المالية أصبح جليا أن هذه الحكومة تفتقد للقدرة على الابتكار، بل عجزت حتى عن تنزيل أحد أهم توصيات النموذج التنموي الجديد الذي يعتبر مرجعا في برنامجها الحكومي.

التوصية الأخيرة تتعلق بإلغاء التكاليف الجبائية الناتجة عن الإعفاءات والتي بلغت في آخر تقييم لها 29 مليار درهم، في ظل عجز متراكم في ميزانية الدولة، مما يطرح سؤال الجرأة السياسية في تنزيل إصلاحات حقيقية، كما أن الشهور الأولى من العمل الحكومي، اتسمت بالشح التشريعي، حيث لم تضع الحكومة أي مشروع قانون بأثر حقيقي على المواطن.

بالإضافة إلى الشح التواصلي الذي طبع الحكومة الحالية، حتى أن المواطنين يكادون لا يعرفون وجوه بعض وزرائها، ولا حتى أصواتهم، إلى جانب غياب أي خطاب سياسي لرئيس الحكومة، وباقي قيادات الأغلبية التي خرجت لتبرير ما تعرفه البلاد من ارتفاع في الأسعار والاحتجاجات ضد الحكومة في العالمين الافتراضي والواقعي.

لقد قالها صراحة رئيس الحكومة: “الغالب الله”، وهذا ما لم يستحضره رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو يضع بين عينيه إسقاط حزب العدالة والتنمية أثناء الحملة الانتخابية، كما يضع اليوم بين عينيه الجرعة الثالثة من اللقاح بدل أن يضع أمورا أكثر أهمية للحفاظ على المكتسبات المتراكمة والتي كان جزءا منها في الحكومتين السابقتين.

مكتسبات الحكومتين السابقتين، ثمنها الملك في خطابه وهو يبسط أرقام الحصيلة الاقتصادية مع نهاية السنة، وهذا ما لم يضعه قادة الأحزاب في خرجتهم الأخيرة، في حسبانهم، حيث حاولوا الهروب للأمام وتحميل الحكومتين السابقتين مسؤولية العجز الحاصل في هذه الحكومة وعدم قدرتها على رسم تصور شامل للحفاظ على القدرة الشرائية والاستقرار الإجتماعي.

وهنا، نطرح السؤال مرة أخرى، ألم يستحضر قادة الأغلبية أثناء مرحلة رفع سقف الوعود الوردية في الانتخابات واقع وإكراهات الاقتصاد الوطني وتوقعات الخريطة الجيوسياسية بعد الجائحة؟ أين وعود الإصلاحات الاجتماعية؟ بل أين هي مؤشرات تنزيل مشروع الدولة الاجتماعية التي أصبحت ضرورة ملحة؟ وهل تستطيع أحزاب الليبرالية المتوحشة تنزيل مشروع من هذا الحجم؟

إن الجواب على هذه الأسئلة، يتم بالفعل وليس بالمتمنيات التي كررها على مسامعنا قادة الأغلبية، وذلك بتنزيل مخطط تشريعي يضم منظومة من القوانين الإصلاحية عبر تسقيف هامش ربح شركات المحروقات الذي بلغ 38 مليار درهم من “الأرباح غير الأخلاقية”، حسب عضو سابق بلجنة النموذج التنموي وتنزيل قوانين تحارب مظاهر الريع والاحتكار وتشجع على خلق فرص الاستثمار والإقلاع الاقتصادي لأن الدولة الاجتماعية تحتاج لخلق الثروة ولا ثروة دون بنية اقتصادية تنافسية ذات إنتاجية وفعالية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي