تعاني مجموعة من المدن والقرى المغربية منذ حلول فصل الصيف، من ندرة كبيرة في الماء الصالح للشرب، بسبب انقطاعها أو البرمجة الجديدة التي اعتمدها المكتب الوطني للكهرباء والماء في التوزيع اليومي لهذه المادة الحيوية، والتي تهدد ساكنة هذه الأخيرة من أزمة عطش حادة.
وفي هذا السياق، فجّر الاتحاد المغربي للشغل المسكوت عنه في أزمة العطش، والتي تهدد عدداً من المدن والقرى بسبب تزايد العجز المائي بشكل مقلق، والذي عمقه استفحال تراجع الاحتياطي المائي، جراء الاستغلال المفرط للفرشة المائية، وسوء تدبير الموارد، ما يهدد المغرب بأزمة عطش غير مسبوقة.
مدن وقرى تعيش أزمة عطش
أصبحت أزمة العطش، تهدد يوماً بعد يوم مجموعة من المناطق بجهة سوس ماسة، وخاصة جبال إقليم تارودانت والمناطق القروية، والتي تعاني من ندرة كبيرة للماء الصالح للشرب، وذلك بعد تسجيل انخفاض حاد في حقينة السدود المزودة لجهة سوس ماسة بالماء، جراء توالي سنوات الجفاف والاستغلال المفرط لهاته الثروة المائية الحيوية.
وفي السياق ذاته، يشتكي مواطنون بعدة دواوير بإقليم الجديدة حرمانهم من شبكة الربط بالماء، واقصاءهم من البرنامج المندمج لتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب، إذ ذكرت تقارير إعلامية أن سكان هذه الدواوير يقطعون يوميا عدة كيلومترات على متن العربات المجرورة والدواب، بحثاً عن الماء من آبار تعاني بدورها من ندرة الماء، بسبب استنزاف الفرشة المائية وتزايد الطلب على هذه المادة الحيوية.
ويعاني المئات من سكان جماعتي سيد الزوين ولوداية بتراب عمالة مراكش، منذ مدة من خصاص الماء الصالح للشرب، والتي تزامنت مع ارفاع في درجة الحرارة، مما يشكل تهديداً لحياة المواطنات والمواطنين، خاصة وأن عددا منهم يعيشون وضعية مأساوية ترغمهم على الانتظار ساعات طويلة، وأحياناً عدة أيام للحصول على كميات محدودة من الماء، لا تكفيهم لتلبية حاجياتهم الأساسية، وفق تعبيرهم.
وفي سياق الموضوع، لا زال سكان المناطق المجاورة لمدينة زاكورة، يعانون من نقصٍ حاد في مياه الشرب، ويتخوفون من هاجس “أيام العطش”، سيما تكرار سيناريوهات صيف السنوات الماضية، بانقطاع مياه الشرب.
هيئات حقوقية تدخل على خط الأزمة
دخلت العديد من الهيئات الحقوقية على خط الخصاص الكبير والنقص الحاد في مياه الشرب، التي تعرفها عدد من القرى والمدن، وطالبت السلطات بالتحرك العاجل لإنقاذ المواطنين من العطش، وتمكينهم من هذه المادة الحيوية في ظل اللامبالاة التي تقابل بها مطالب الساكنة المتضررة.
وفي هذا الصدد، انتفض محمد حيثوم المستشار البرلماني للمركزية النقابية بالغرفة الثانية، في وجه الحكومة، مؤكداً أن المواطنين في العديد من المناطق بالمغرب، يقطعون عشرات الكيلومترات بحثاً عن قطرة ماء صالح للشرب، في الوقت الذي يتم تبذيره في ري مداخل بعض المدن وحدائقها ليل نهار.
وهاجم القيادي في الاتحاد المغربي للشغل، الأنشطة الفلاحية التي تستغل بشكل كبير الماء في الري، واستنزاف الفرشة المائية في العديد من الجهات، محملاً المسؤولية للحكومة في تلبية حاجيات المواطنين من الماء الشروب أولاً، “عوض تصديرها إلى الخارج على شكل بطيخ وطماطم”.
المغرب من البلدان المهددة بالعطش
كشف تقرير للمعهد العالمي للموارد المائية عن وجود المغرب، ضمن لائحة البلدان المهددة بشكل مباشر بالعطش، فنسبة امتلاء السدود بالمملكة خلال السنوات الأخيرة، كانت ضمن النسب الأدنى في العالم، مشيراً إلى أنه يمكن أن يتسبب تراجع الخزانات في أزمة مياه حادة جدا.
وأوضح ذات التقرير أن هناك تناقضات في السياسة المائية للمغرب، فرغم تساقطات الأمطار في بعض السنوات، فإن مخزونات المغرب هي الأدنى منذ عقود، مؤكدا أن الضغط على الموارد المائية سيرتفع في السنوات المقبلة، مشراً في السياق ذاته إلى على أن المغرب مهدد بمخاطر ارتفاع الطلب وسوء الإدارة وتغير المناخ.
وسجل التقرير، تراجع منسوب السدود بشكل حاد في المغرب، موضحا أنه يظهر ذلك مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، إذ يعود العطش ليهدد الآلاف من سكان القرى المغربية، مع ندرة المياه الصالحة للشرب في بعض المدن، رغم الوعود الحكومية التي تتحدث عن خارطة توزيع ستكلف ملايير الدراهم لربط جميع الجماعات والدواوير بالمنظومة المائية،
وذكر التقرير نفسه، أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، سبق وأن أكد في وقت سابق أنه سيتم النظر في مسألة التخزين عبر السدود، أو تحلية مياه البحر، كما أوضح أن المغرب بصدد وضع المخطط الوطني للماء سيمتد إلى 2050، لتجنب البلاد مشاكل ندرة المياه سواء الصالحة للشرب، أو تلك المخصصة للسقي.
تعليقات الزوار ( 0 )