Share
  • Link copied

فيروس كورونا يهزم واقعية ترامب الاقتصادية وأمريكا تعتمد أكبر خطة إنقاذ في العالم

في غضون أيام قليلة، تسلّقت الولايات المتحدة الأمريكية سلّم الترتيب بسرعة فائقة لتتربع على رأس دول العالم من حيث عدد المصابين بفيروس كورونا المستجدّ، الأمر الذي يؤشر على أن مسؤولي هذا البلد وفي مقدمتهم الرئيس ترامب، لم يتعاملوا أوّل الأمر مع هذا الوباء الخطير بالجدّية التي تمنع انتشاره بهذه السّرعة في أقوى بلدان في العالم.

يبدو إذن أن ترامب يواجه أكبر تحدّ وهو في موقف لم يصادفه أي رئيس أمريكي من قبل، إذ تزامنت حملته الانتخابية التحضيرية للفوز بولاية ثانية مع وقوف البلاد على شفا أكبر كارثة صحّية قد تعصف باقتصادها، الأمر الذي جعل ترامب يقف أمام خيارين يصعب التخلي بسهولة عن إحداهما:

أولهما تحقيق أهداف الصحة العامة، وثانيهما الاستمرارية في الاقتصاد، لكنه في الواقع يميل بقوة الى الخيار الثاني، وهذا يتضح من خلال تصريحاته التي قلّلت أول الأمر من جائحة كورونا، بل وتجاهلت رسائل السلطات الصحيّة في البلاد التي نصّت إحداها على أن: “الأسوء قادم في الولايات المتحدة الأمريكية”.

يبدو إذن أن ترامب لا يريد المغامرة بالاقتصاد، لذلك، فهو يفعل كل ما بوسعه للتخفيف من حدّة الهلع الذي يسيطر على الأمريكيين جرّاء الانتشار السريع لجائحة كورونا، وصلت بهم حدّ إفراغ رفوف المحلات التجارية من السلع استعدادًا لأسوء السيناريوهات.

ومن بين المبررات التي يستند اليها في سبيل الحفاظ على سير اقتصاد البلاد، تصريحه في التاسع من مارس الماضي الذي قال فيه: “توفي العام الماضي 37 ألف أمريكي من الأنفلونزا العادية ولم يغلق شيء، بل استمرّت الحياة والاقتصاد.. فكّروا بذلك”!.

وقبل ذلك بيومين، أي في السابع من مارس، كان التفاؤل الذي يسيطر على ترامب أكبر من واقعية العلماء الذين صرّحوا أن لقاح هذا الفيروس المستجدّ لن يكون جاهزًا قبل ستة أشهر على الأقل، إذ تحدّاهم بقوله: “قريبا سنتوصّل الى لقاح”!.

رغم الموقف الغريب والبالغ في التفاؤل الذي ما فتئ يعبر عنه ترامب في تصريحاته، فقد بدأ مؤخرّا يأخذ الأمور بجدّية مدفوعا بتزايد المخاوف من تأثير هذه الجائحة وانتشارها بشكل سريع في البلاد وفي خضم الدعوات التي تزعمها الطبيب أنتوني فويشي بصفته رئيسا للمعهد الوطني للحساسية والامراض المعدية الذي دعا في 16 من مارس الى ضرورة إغلاق وطني لمدة أسبوعان، وهو النداء الذي لم تكن الاستجابة له في مستوى الخطر المحدق بالبلاد.

ففي الوقت الذي بدأت الأمور تسوء في بعض الولايات وتهديدها لكلّ الولايات الأخرى، أرغم ترامب على البحث عن صيغة للتوازن بين أهداف الصحة العامة والإستمرارية في الإقتصاد، رافضا أي خطة للتضحية بالثاني مقابل الأوّل.

وهو ما أشار إليه في تصريحه يوم 22 مارس بالقول: “لا يمكن أن نسمح بأن يكون العلاج أسوء من المشكلة نفسها”، ويوما واحدا بعد ذلك، وفي ظل تزايد الضغوطات على الرئيس ترامب، فقد أمر هذا الأخير بنشر قوات الحرس الوطني في ثلاث ولايات هي الأكثر تضررا من الجائحة، وهي: نيويورك، كاليفورنيا، ثم واشنطن سياتل، وهدف هذه القوات، هو ضمان توصيل المساعدات الطبية، والسهر على إقامة وتنظبم المراكز الطبية.

من وراء التصريحات المتوالية لترامب، يحتدّ النقاش بين الديمقراطيين والجمهوريين حول الخطوات الواجب اتخاذها، إذ يرى التيار الأوّل أن المصادقة على قانون الطوارئ هو الأولى في هذه الظرفية، فيما يرى الجمهوريون عكسهم أن الأولوية يجب أن تكون لصالح إجراءات تحافظ على الثقة في الأسواق المالية التي تواصل الانحدار بشكل غير مسبوق.

ويبدو أن المفاوضات بين الحزبين والتي دامت أربعة أيام بحضور كبار معاوني ترامب ووزير الخزانة ستيڤن مونتشين قد انتهت مساء أمس الأربعاء بإقرار مشروع قانون لتحفيز الإقتصاد وصفه المستشار الإقتصادي للبيت الأبيض لاري كادلو بأنه: “أكبر برامج للمساعدة تخصص للإقتصاد الواقعي في تاريخ الولايات المتحدة”.

الخطة التي صادق عليها أمس الأربعاء مجلس الشيوخ وبعده مجلس النواب، ثم وضعت على مكتب ترامب للتوقيع عليها، يبلغ الغلاف المالي المخصص لها: تريليوني دولار سيتم توزيعها كما يلي:

– 500 مليار دولار لمساعدة القطاعات المتضررة.

– 500 مليار دولار كمدفوعات مباشرة لملايين الأسر الأمريكية.

– 350 مليار دولار كقروض لانقاذ الشركات الصغرى.

– 250 مليار دولار لتوسيع نطاق مساعدات البطالة.

– 100 مليار دولار للمستشفيات والأنظمة الصحية.

– 150 مليار دولار لمساعدة حكومات الولايات المتحدة والحكومات المحلية لمكافحة الجائحة.

– ما تبقى من أموال الخطة يخصص لتلبية احتياجات أخرى للرعاية الصحية.

فواقعية فيروس كرونا قد أوقعت بواقعية وأولوية ترامب الاقتصادية التي فوتت عليه وقتا ثمينا، لو استثمره لنجح في الاثنين معا، فها هو الآن يراهن بكل الاقتصاد من اجل الانسان، فهل يدركه الوقت، أم فاته القطار.

*كاتب مغربي مقيم في واشنطن

Share
  • Link copied
المقال التالي