عبر بعض المفكرين وكتاب رأي فرنسيين عن غضبهم من تصريحات الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري بسبب قوله بأن الغرب هو من صنع العنف وزرع بذور الحرب على الإسلام السياسي، وأن الحل ليس في قصف تنظيم الدولة الإسلامية.
ورغم أن أونفري لم يسع لتبرير هجمات باريس، فإنه اعتبر أن فرنسا لم تكن جاهزة لتجنبها بعد التحاقها بالولايات المتحدة في محاولة فرض أفكار غربية على منطقة الشرق الأوسط.
وكان أونفري تساءل عام 2013 -في تصريح أعاد تنظيم الدولة نشره- “لماذا لدينا مشكل مع الإرهاب؟ المسلمون ليسوا حمقى.. نجلب الحرب إلى بيوتهم ونقتلهم بالعشرات والمئات ثم ننتظر منم أن يكونوا طيبين”.
غير أن مواقف أونفري سرعان ما أصبحت -بعد هجمات باريس- موضع تنديد من قبل مفكرين فرنسيين، بينهم الفيلسوف آلان فيلكنكروت الذي قال إنه من الخطأ اعتبار كل شيء يحدث في العالم الإسلامي سببه الغرب.
بدوره اتهم لوروان جوفرين -الكاتب في صحيفة ليبراسيون- أونفري بالخلط ووضع جميع المسلمين في سلة واحدة، قائلا إن أونفري “اعتبر تنظيم الدولة قلب الأمة الإسلامية، وأعطى هذه المليشيات الظلامية والإرهابية مقام الممثل الشرعي للإسلام في العالم”.
زرعا الحربوكان أونفري كتب غداة هجمات باريس في تغريدة عبر حسابه على تويتر أن “اليمين واليسار اللذين زرعا في الخارج الحرب على الإسلام السياسي، يحصدان في الداخل حرب الإسلام السياسي”.
وقال الفيلسوف الشهير في مقابلة تلفزيونية قبل يومين إن “قصف تنظيم الدولة لن يؤدي إلى تهدئة جنوده الشبان الموجودين في سائر أنحاء الضواحي الفرنسية”.
وردا على سؤال بشأن رأيه في استخدام تنظيم الدولة تصريحه هذا في شريطه الدعائي الجديد، قال أونفري “دائما ما يتم تسخيرنا من الجميع خدمة لأغراضهم الخاصة”.
وأضاف “أنا لا أدافع عن تنظيم الدولة”، لكن “فرنسا انتهجت سياسة يقدمها التنظيم على أنها مماثلة لسياسة الصليبيين”، مؤكدا أن باريس “اصطفت بعض الشيء خلف (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش” أثناء غزو العراق.
وقال أونفري الذي عُرف بدعوته المستمرة للغرب إلى ترك العرب والمسلمين يحلون مشاكلهم بأنفسهم، “أنا مواطن فيلسوف يعتبر أنه يجب إنقاذ السلام.. عملي كفيلسوف يقوم على وضع الأمور في نصابها.. يمكننا أن نكتفي بالموعظة التهذيبية”.
الجزيرة بتصرف
موضوع هذا المقال، بالرغم أنه يسلط الضوء على الفيلسوف أونفري ومواقفه، يعتبر قديماً بعض الشيء. أونفري من المثقفين النشطين في فرنسا، وهو متخصص في فلسفة نيتشه وكتب عنه الكثير. من الناحية السياسية، لا يتوقف عن كيل الاتهامات إلى الاشتراكيين الذين تخلوا عن مبادئ اليسار وانفتحوا على التيارات اليمنية الرأسمالية، بدءاً بالرئيس ميتيران، فضلا عن دفاعه عن أهمية التعليم، وهو الذي استقال من التدريس ليؤسس الجامعة الشعبية التي لاقت نجاحاً باهراً. لا يجب أن ننسى أنه “يؤمن” بالإلحاد الجذري والقاطع، ولا يستثني أي دين من الأديان، إلا أنه متمسك بحرية كل فرد في اعتناق أو ممارسة ما يحلو له من الملل والنحل. وكتابه الشهير Traité d’athéologie يعد مرجعاً في هذا الباب، وبالتالي فإن كلام خصومه فيه شيء من النفاق لأن ما فتئ يردد في جميع المناسبات أن مواقفه لا تتغير، وأن خطابه ينسجم مع مواقفه، كما أن محاولات الجماعات المتطرفة، داعش بوجه خاص، استخدامه كدليل على معارضته للسياسة الفرنسية وتأييده لهذه الجماعات ينمّ عن بعض الغباء وقصر النظر، لأن الرجل قال كل شيء عن الإسلام كدين، لاسيما في كتابه Penser l’islam.