شارك المقال
  • تم النسخ

عناية الملك محمد السادس بالجالية المغربية بالخارج: رؤية متجددة واهتمام لا ينقطع

في سياق ربع قرن من الحكم الرشيد للملك محمد السادس، أمير المؤمنين، نصره الله و ايده، يأتي خطابه بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء ليؤكد على استمرارية نهجه الثابت في تعزيز مكانة المغرب وتطويره على مختلف الأصعدة. شهد عهد الملك محمد السادس انطلاقة جديدة نحو مغرب الغد، مغرب يتطلع إلى تحقيق التنمية المستدامة وبناء مجتمع حديث مزدهر، قائم على أسس واضحة ترتكز أولاً على إسلامية الدولة، وثانيًا على وحدة التراب الوطني، عقيدة ملك وشعب يرفضون المساومة أو النقاش حولها.

لقد شهد المغرب في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك انطلاق مشاريع تنموية كبرى تهدف إلى الارتقاء بالوطن، وتحقيق ازدهار شامل لجميع أبنائه. وترافق هذه المشاريع نهج دستوري يؤكد على التعددية ويعزز الانفتاح، مدعومًا بالحماية الملكية التي تسهر على ثوابت الأمة المغربية. هذه الرؤية منعت، ولا تزال تمنع، أي محاولات للاختراق من قبل تيارات التجنيد الأيديولوجي، كما تحمي البلاد من المؤامرات التي تحركها دولٌ يحكمها الحقد والحسد تجاه النموذج المغربي الفريد.

إعادة هيكلة المؤسسات لخدمة الجالية المغربية بالخارج

أعلن الملك في خطابه عن خطوات عملية لتجديد الإطار المؤسساتي المعني بشؤون الجالية، إذ دعا إلى هيكلة المؤسسات المعنية بشؤونهم عبر إنشاء هيئتين رئيسيتين: “مجلس الجالية المغربية بالخارج” و”المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”. يُعتبر مجلس الجالية إطارًا استشاريًا مستقلاً يعكس صوت مختلف مكونات الجالية وتطلعاتهم، فيما ستكون المؤسسة المحمدية الذراع التنفيذي لتنسيق الجهود وتنفيذ السياسات الهادفة لخدمة المغاربة بالخارج.

وتشمل مهام “المؤسسة المحمدية” تنسيق السياسات والتواصل مع مختلف الفاعلين لخدمة مصالح الجالية المغربية، وهو ما يعزز من كفاءة العمل ويوحد الجهود في تقديم خدمات أفضل تليق بأبناء المغرب أينما كانوا.

دعم الكفاءات والاستثمار

أولى الملك اهتمامًا خاصًا بتعبئة الكفاءات المغربية في الخارج من خلال “الآلية الوطنية لتعبئة الكفاءات المغربية بالخارج”، بهدف الاستفادة من قدراتهم في دعم التنمية داخل المغرب. هذه الآلية تعكس قناعة الملك بقدرة أبناء الجالية المغربية على إحداث تأثير إيجابي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، سواء عبر استثماراتهم أو من خلال نقل مهاراتهم وخبراتهم المتنوعة.

وفي هذا السياق، دعا الملك إلى تعزيز مساهمتهم في الاقتصاد الوطني، مشددًا على ضرورة تقديم التسهيلات اللازمة لهم لزيادة مساهماتهم التي تظل حاليًا دون المستوى الطموح.

التأطير الثقافي والديني والتحصين من التيارات الأيديولوجية

ركز الملك محمد السادس في خطابه على أهمية التأطير الثقافي والديني لأبناء الجالية المغربية، خصوصًا أبناء الجيلين الثاني والثالث، وذلك للحفاظ على هويتهم الثقافية المغربية وحمايتهم من التيارات الأيديولوجية التي قد تسعى لتوظيف الدين بشكل خاطئ. ترتكز هذه الجهود على دعائم إمارة المؤمنين التي تعتمد على عقيدة الإمام الأشعري، وفقه الإمام مالك، وطريقة الجنيد السالك، مما يعزز من حضور الإسلام المغربي الوسطي الذي يحمي شباب الجالية من الانجراف وراء تيارات حركية أو مذهبية غير متوافقة مع ثوابت الأمة.

هذه الخطوة تعكس حرص جلالة الملك على بناء أجيال مغربية في الخارج متمسكة بدينها وهويتها، قادرة على التمييز بين القيم الصحيحة وأي محاولات للتغرير بها، ليكونوا سفراء فاعلين لوطنهم الأم ونموذجًا يحتذى به للمغاربة في الخارج.

تبسيط ورقمنة الإجراءات الإدارية

ودعا الملك أيضًا إلى تبسيط ورقمنة الإجراءات الإدارية والقضائية للجالية، لتسهيل التعاملات الإدارية، مما يعزز انتماءهم لوطنهم ويجعلهم يشعرون بدعم بلدهم الدائم لهم.

خاتمة: رؤية شاملة لرفاهية الإنسان المغربي

إن خطاب الملك محمد السادس يجسد رؤيته الشاملة التي تركز على الإنسان المغربي، سواءً داخل الوطن أو في امتداده الطبيعي بالخارج. هذه الرؤية ترى في أبناء مغاربة العالم جزءًا لا يتجزأ من الوطن، بغض النظر عن دينهم أو جنسهم أو عرقهم، وتعمل على تحقيق الرفاهية لهم أينما كانوا. فمن خلال دعم المشاريع التنموية في الداخل، وتطوير المؤسسات التي تعنى بشؤون الجالية، يسعى جلالة الملك إلى بناء وطن يحتضن أبناءه في كل مكان، ويؤكد على وحدة النسيج المغربي وترابطه.

إن عناية الملك محمد السادس بجاليته في الخارج ليست سوى امتداد لحرصه المستمر على أن تكون دولة المغرب قوية بأبنائها، سواء كانوا داخل الحدود أو خارجها، وهي عناية تحمل رسالة واضحة بأن مستقبل المغرب مشرقٌ بفضل قيادته الحكيمة وترابط أبنائه في كل أرجاء العالم.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي