تُعتبر “عملية عبور مضيق جبل طارق” (OPE) أو عملية مرحبا، مبادرة إنسانية واجتماعية كبرى تُنظّم بشكل سنوي، يتعاون فيها المغرب مع دول أخرى على غرار إسبانيا، لتسهيل عودة مغاربة المهجر إلى أرض الوطن لقضاء عطلة الصيف رفقة ذويهم.
وتتولى الدولة المغربية تخطيط وتنفيذ هذه العملية من خلال مؤسسات مختلفة، مثل مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي تضطلع منذ سنة 2001 بدور محوري في إرساء منظومة مساعدة واسعة تُعرف بـ”مرحبا”.
وتهدف عملية “مرحبا”، كما تؤكد مؤسسة محمد الخامس للتضامن نفسها، إلى توفير أفضل الظروف الممكنة لاستقبال وتسهيل عودة جاليات مغاربة بأعداد متزايدة تقيم بالخارج، وذلك خلال فترة عطلتهم الصيفية التي طال انتظارها بعد أشهر من العمل في بلدان أخرى بعيدة عن أرض الوطن.
وتعمل المؤسسة على ضمان راحة العائلات المغربية المغتربة والسهر على تسهيل عودتهم لقضاء عطلة صيفية مستحقة، حيث لم تكن ظروف السفر دائما سهلة بالنسبة للجالية المغربية بالمهجر، إذ كانت حوادث السير في الخارج وتخلي أفراد من المجموعات أثناء العبور، بالإضافة إلى حوادث على متن القوارب والأسر المعرضة للخطر، وغيرها، من المشكلات التي كان يتم التصدي لها بالوسائل المتاحة آنذاك.
وارتبطت بعض الحالات السابقة بهشاشة وانعدام الأمن الذي يطبع بعض الرحلات، إلا أنه بفضل توجيهات الملك محمد السادس، رئيس مؤسسة محمد الخامس للتضامن، فقد تم بذل جهود كبيرة خلال السنوات الأخيرة لتحسين ظروف عودة مئات الآلاف من مغاربة المهجر الراغبين في قضاء عطلة الصيف بوطنهم.
كما تشير مؤسسة محمد الخامس للتضامن، هناك العديد من الإجراءات المهمة التي تم وضعها لدعم جميع المشاركين في “عملية عبور المضيق” أو “مرحبا”، بما في ذلك توفير الرعاية الصحية في الخارج، واستئجار وسائل النقل الضرورية، والإقامة للعائلات، والمساعدة الإدارية والقانونية والتعليمية، وغيرها.
كل هذه التدابير تندرج ضمن عملية إنسانية واسعة النطاق تطورت لتصبح ما يعرف اليوم بـ”عملية عبور المضيق”، والتي تسهر على لم شمل العائلات المغربية وتسهيل عودة مغاربة المهجر إلى أرض الوطن.
عملية مرحبا: استعدادات مكثفة لاستقبال مغاربة الخارج
وتستعد المملكة المغربية لإطلاق عملية مرحبا لسنة 2024، والتي تهدف إلى تسهيل عودة مغاربة الخارج إلى وطنهم خلال فترة العطلة الصيفية، والممتدة هذه السنة من 5 يونيو إلى 15 سبتمبر.
وتشهد عملية مرحبا تعبئة قوية من مختلف الجهات الفاعلة، سواء العمومية منها أو الخاصة، حيث يتم العمل بشكل مشترك ومنسق لضمان عودة مريحة وآمنة للمغاربة المقيمين بالخارج.
وتوفر عملية مرحبا مجموعة من الخدمات الموجهة خصيصا لمغاربة الخارج، تهدف إلى تحسين ظروفهم الاجتماعية والصحية وتسهيل تنقلاتهم وإجراءاتهم الإدارية.
ويشمل ذلك: استقبال وتوجيه الوافدين عند نقاط الوصول بالمغرب والخارج، وتقديم المساعدة الطبية والاجتماعية في الحالات الضرورية، وتوفير الدعم الإداري فيما يتعلق بالوثائق والإجراءات الرسمية، وتقديم المساعدة القانونية عند الحاجة، ثم توفير أماكن للراحة والاستراحة في الطريق.
مؤسسة محمد الخامس للتعاون: دور ريادي
وتلعب مؤسسة محمد الخامس للتعاون دورا رياديا في عملية مرحبا، حيث تتواجد طيلة فترة الصيف عبر مراكز استقبال خاصة بها تعمل على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع، وتتوزع هذه المراكز الرئيسية في نقاط العبور البحرية الدولية (إيطاليا، فرنسا وإسبانيا) بالإضافة إلى نقاط الوصول داخل المغرب.
ويعمل بهذه المراكز فريق من الأخصائيين الاجتماعيين والمتطوعين من الطاقم الطبي، لتقديم المساعدة والإرشاد في مختلف الحالات، سواء تعلق الأمر بالتوجيه أو الإجراءات الإدارية أو الرعاية الطبية، كما يتولون التنسيق مع الجهات الأخرى عند الحاجة.
منصة للتواصل والاستعلام:
وتوفر مؤسسة محمد الخامس للتعاون منصة تواصل متعددة القنوات لمغاربة الخارج، تشمل رقما مجانيا (080000 23 23) وتطبيق “مرحبا” على الهواتف الذكية، بالإضافة إلى موقع إلكتروني خاص (www.marhaba.fm5.ma) يقدم خدمات المساعدة عن بعد.
وتتضمن عملية مرحبا تعبئة موارد بشرية ومادية كبيرة. وتشمل على سبيل المثال لا الحصر: 6 نقاط استقبال خارج المغرب، و18 نقطة استقبال داخل المغرب، و24 مركز استقبال تابع لمؤسسة محمد الخامس للتعاون، وفريق مكون من 262 طبيبا وممرضا مؤقتين، و848 عاملا اجتماعيا.
إحصائيات عملية مرحبا 2023:
وتُظهر الأرقام حجم التعبئة والخدمات المقدمة خلال عملية مرحبا لسنة 2023، حيث استفاد: 112,377 شخصا من المساعدة الطبية والاجتماعية، و11,211 شخصا من الإسعافات الأولية والاستشفاء، و16,807 شخصا من المساعدة القانونية والإدارية والنقل.
وشهدت السنة الماضية مشاركة 3,165,328 شخصا في عملية مرحبا، بزيادة قدرها 2.74% مقارنة بسنة 2022.
عملية مرحبا: جسر بين مغاربة الخارج ووطنهم الأم
وتساهم عملية مرحبا بشكل كبير في تسهيل عودة مغاربة الخارج إلى المغرب، وتعزز من روابطهم بوطنهم الأم. وتعمل الجهات المنظمة على تطوير الخدمات المقدمة باستمرار، وذلك لضمان عودة مريحة وآمنة لكافة المغاربة المقيمين بالخارج.
تعليقات الزوار ( 0 )