على الرغم من أن دخول جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” إلى المغرب كانت لها خسائر فادحة، بشريا وماديا واجتماعيا واقتصاديا، إلا أن هذه الأزمة أظهرت عودة ثقة المواطنين في المؤسسات، وفي الإجراءات التي اتخذتها الدولة لحمايتهم من الفيروس التاجي.
وفي هذا الإطار قال المحلل السياسي، والباحث الأكاديمي بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، عتيق السعيد، إن هذه “الأزمة الوبائية ساهمت بشكل ملموس في الرفع من منسوب الثقة بالمؤسسات، وإن اختلفت حسب اختلاف القطاعات، ليبقى ذلك راجع لمجموعة الدوافع والأسباب”.
وأضاف المحلل السياسي في تصريح لـ”بناصا”، “بداية وقبل تفكيك العلاقة بين المواطن والمؤسسات السياسية (الحكومة، المنظمات الحزبية؛ البرلمان وكل المؤسسات ذات الارتباط بالتدبير العمومي) لابد من الإشارة إلى أن علاقة المواطن بالمؤسسات السياسية بشكل عام وبالهيئات الحزبية بشكل خاص تعد علاقة تفاعلية”.
“تأثر وتتأثر بحاجة طرف لأخر، حيث لا يمكن الفصل بينهما”، مضيفا أن “هاته العلاقة تنتعش من خلال مقياس الثقة بين الطرفين، بحيث أن المواطن قد يغير رأيه أو مواقفه تجاه الفاعل السياسي عندما يستشعر تلبية حاجته للخدمات العمومية وتحقيق الرضا الخدماتي”.
وتابع عتيق السعيد، أن “الثقة قد تتسع بشكل كبير كما يمكن أن تضعف أو تغيب بحسب قدرة المؤسسات على تقديم الخدمات، وعلى سبيل المثال الجدل الذي أثير حول مشروع قانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة وما صاحبه من سخط شعبي وانتقادات كبيرة للحكومة”.
وزاد قائلا أن “تدبير الأزمة وما صاحبها من تحول جدري في طريقة تدبير الإداري للقطاعات الأساسية ساهمت بشكل ملموس في استرجاع الثقة كون المواطن لمس بواقعية تطور وجودة الخدمات المقدمة له، والأهم من هذا وذاك أنه عاش حالة من التغير في الأداء العمومي والأولويات الخدماتية”.
وأردف المتحدث ذاته، أن “استرجاع الثقة في ظل الأزمة الوبائية انعكست أيضاً على جوانب أخرى من النسيج المجتمعي، تحضر بشكل واضح منذ إقرار حالة الطوارئ الصحية، التي عرفت سيلا من المبادرات التضامنية والتكافل بين المواطنين مع الفئات الأكثر تضررا”.
وجوابا على سؤال هل هذه الثقة ستستمر إلى ما بعد كورونا أم أنها ستنتهي بانتهاء الجائحة؟، قال الباحث الأكاديمي بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، أن مستقبل المغرب ما بعد كورونا رهين بتجاوز الحكومات لكل الأفعال والسلوكيات ما قبل الوباء”.
و”التركيز بشكل أساسي على الاستثمار في الرأسمال البشري كدعامة للتنمية المستدامة، مردفا أن أي تدبير حكومي بعيد عن هذا الإطار لن يستقيم وسيقوي الفجوة بين المواطن والهيئات الحزبية، وبالتالي الرجوع إلى غياب الثقة في الفاعل السياسي”.
وختم عتيق حديثه بالقول إنه “يستلزم استغلال هاته المرحلة والسعي في تجويد الخدمات الاجتماعية من خلال تفعيل مشاريع تنموية قصيرة المدى تكون فعالة وواقعية التحقق، آنذاك يمكن استرجاع الثقة على نطاق واسع”.
تعليقات الزوار ( 0 )