Share
  • Link copied

عالم فلك:”زخات الشهب” بين تأويلات أسطورية و”ألعاب نارية” كونية

تحدث في هذه الليلة (22-23 أبريل 2020) ذروة “زخات الشهب”، حيث يمكن رؤية ما بين 10و20 شهابا في الساعة، ليستمر هذا العرض الفلكي إلى نهاية الأسبوع الجاري. فكيف تحدث هذه الظاهرة إذن؟.

 أشرت في المقال الذي كتبه أخيرا إلى أن المُذنبات أجرام تحتوي على الجليد، والصخور والغبار، وعند دورانها حول الشمس تتبخر وتترك في مسارها بقايا من الغبار والمخلفات.

 وتخترق هذه البقايا عند عبور الأرض وبدورانها حول الشمس، وبالمسار المداري للمذنب، الغلاف الجوي، لتصل سرعتها إلى حوالي 200 ألف كلم/ساعة، وينتج عن احتكاكها واصطدامها مع جزئياته، ذيل مضيء ولامع يسمى “زخات الشهب” التي تحدث على بعد حوالي 100 كلم فوق سطح الأرض وتتبخر عادة قبل وصولها إلى كوكب الأرض.

 وتحدث العديد من “زخات الشهب” في السنة، وذلك حسب مسار المذنب الذي يتقاطع مع الأرض.

  وينتظر أن تمر الأرض خلال الشهر الجاري بمسار المذنب المعروف بـ”تاتشر” وتصطدم مع الغبار والحطام الذي تركه أثناء دورانه الأخير حول الشمس سنة 1861، إذ يتوقع أن يعود إلى نظامنا الشمسي سنة 2276، بعد مرور فترة مداره التي ستبلغ 415 سنة.

 ويبدو لنا مع رؤية “زخات الشهب” وكأنها منطلقة من نفس النقطة من الفضاء، أي من كوكبة “القيثارة” في اتجاه نجم “فيغا” الذي يبعد عن الأرض بنحو 25 سنة ضوئية، وهو ما يفسر إطلاق العلماء عليها اسم “زخات شهب القيثاريات”.

 ورغم أن العلم يمنح فرصا حقيقية لتفسير هذه الظواهر الكونية بالأدلة والبراهين، فإن بعض التفسيرات الخرافية تخرج الأمر من أساسه العلمي، مستحضرة لجوء بعض الثقافات القديمة إلى الأساطير والخرافات لإعطاء أجوبة على هذه الظاهرة الفلكية.

  كما أن هناك آراء تربط هذه الظواهر بالآلهة والأديان، من حيث هي مؤشر خير أو نذير شؤم بالنسبة للإنسانية، أو هداية أو غضب من الملائكة أو دموع القمر وقذائف النجوم أو “رجوم للشياطين”، مثل الإغريق الذين ربطوا حدوث هذه التنقلات في الكون بولادة أو تقديس أو تأليه شخصية معروفة، ولا تزال بعض “زخات الشهب” تحمل أسماء تعود إلى الامبراطوريين القدامى.

  ورغم الحجر الصحي الذي تعرفه أغلب بلدان العالم وانشغال السكان بتطورات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فإنه يمكن مشاهدة هذه الألعاب النارية الكسمولوجية بالعين المجردة، عبر نوافذ المنازل والأسطح، ومن الأفضل القيام بذلك في مكان مظلم بعيدا عن التلوث الضوئي بغية تأمل مسار الكون والاستمتاع بظواهره الكبيرة والمؤثرة.

*عالم فلك مغربي مقيم بالنرويج

Share
  • Link copied
المقال التالي