في ظل التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة، يعزز المغرب موقعه كفاعل رئيسي في شمال أفريقيا، بينما تشهد إسبانيا حالة من القلق المتزايد حول مستقبل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
ووفقاً لتقرير إسباني حديث، اختار المغرب الصمت تجاه هذه المخاوف، مع التركيز على تعزيز استراتيجيته الاقتصادية والعسكرية في المنطقة.
ويشهد المغرب تقارباً ملحوظاً مع الولايات المتحدة، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات بين البلدين، بما في ذلك الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء.
وأثار هذا التقارب مخاوف إسبانية من احتمال تأثير هذه العلاقات على مستقبل سبتة ومليلية، خاصة في ظل تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي أثارت تساؤلات حول التزامات الولايات المتحدة تجاه حلف الناتو.
من جهته، اختار المغرب الصمت الرسمي تجاه هذه المخاوف، مع التركيز على تعزيز التعاون الثنائي مع إسبانيا في إطار العلاقات التاريخية التي تربط البلدين.
ويواصل المغرب تعزيز استراتيجيته الاقتصادية في المنطقة، من خلال استثمارات كبيرة في البنية التحتية بمدن مثل الناظور، مما يعزز من قدرته التنافسية ويقلل من الاعتماد الاقتصادي على سبتة ومليلية.
وأظهرت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسة “سوسيوميتركا” لصالح صحيفة “إل إسبانيول” أن أكثر من 70% من الإسبان يعبرون عن مخاوفهم من احتمال قيام المغرب بتحركات تجاه سبتة ومليلية.
وتعكس هذه المخاوف حالة من عدم الاستقرار في الرأي العام الإسباني، خاصة في ظل التقارب الكبير بين المغرب والولايات المتحدة.
ووفقاً للاستطلاع، فإن نسبة القلق تصل إلى 88.8% بين ناخبي حزب “الشعب” المحافظ، و86.6% بين مؤيدي حزب “فوكس” اليميني.
أما بين مؤيدي حزب العمال الاشتراكي الإسباني (PSOE)، فإن النسبة تقل إلى 47.3%، في حين يعبر 67% من مؤيدي الأحزاب القومية عن قلقهم من تصاعد المطالب المغربية.
وفي الوقت الذي تعاني فيه سبتة ومليلية من تحديات اقتصادية بسبب الإغلاق الجزئي للحدود مع المغرب، يواصل المغرب تعزيز اقتصاده في المناطق الحدودية.
وتشهد مدن مثل الناظور استثمارات كبيرة في البنية التحتية، بما في ذلك تطوير الموانئ والمناطق الصناعية، مما يعزز من جاذبيتها الاقتصادية ويقلل من الاعتماد على المدينتين الإسبانيتين.
وتأتي هذه الخطوات في إطار استراتيجية مغربية أوسع تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتقليل التبعية للمناطق الخارجية، بما في ذلك سبتة ومليلية. ومن المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في تعزيز مكانة المغرب كقوة اقتصادية إقليمية.
وتصاعدت المخاوف الإسبانية أيضاً بعد تصريحات ترامب التي أشار فيها إلى إمكانية مراجعة التزامات الولايات المتحدة داخل حلف الناتو في حال عودته إلى السلطة.
وأثارت هذه التصريحات تساؤلات حول مستوى الحماية التي يمكن أن تحصل عليها سبتة ومليلية في حالة حدوث نزاع.
من جانبها، تعمل الحكومة الإسبانية على تعزيز دفاعاتها في المدينتين، وسط مطالب سياسية بزيادة الإنفاق العسكري كإجراء وقائي.
ومع ذلك، يبقى المستقبل السياسي لسبتة ومليلية المحتلتين محل جدل واسع، خاصة في ظل الصمت المغربي والقلق الإسباني المتزايد.
واستنادا إلى المصادر ذاتها، يبقى مستقبل سبتة ومليلية محل نقاش واسع، بين تعزيز المغرب لموقعه الإقليمي وقلق إسباني من التطورات الأخيرة.
وفي الوقت الذي يواصل المغرب تعزيز شراكاته الدولية والاستثمار في بنيته التحتية، تواجه إسبانيا تحديات داخلية لتعزيز موقفها الدفاعي والسياسي تجاه المدينتين.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن العلاقات المغربية-الإسبانية ستشهد مرحلة جديدة من التفاوض والتعاون، مع التركيز على تعزيز الاستقرار الإقليمي وحل الخلافات عبر الحوار الدبلوماسي.
تعليقات الزوار ( 0 )