شارك المقال
  • تم النسخ

شوباني: فقدان مجلس درعة تافيلالت للأغلبية يفوق منطق التدافع السياسي للأحزاب

في هذا الجزء الأول من حواره مع “بناصا”، يؤكد الحبيب شوباني، رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت،
أن التحول الذي وقع منذ دورة يوليوز 2019، و”نتجَ عنهُ التحاقُ بعض أعضاء المجلس بالمعارضة، يأتي بسبب ضغوط وإغراءات وحتى تهديدات من خارج الممارسة الطبيعية بين الفاعلين بالمجلس.”

وأوضح شوباني، أن هذا التحول الجذري، الذي جعل الأغلبية تتحولُ إلى معارضة، “تحكُمها حسابات تتجاوزُ منطق التدافع السياسي العادي والطبيعي بين الأحزاب.”

واستطرد رئيسُ مجلس درعة تافيلالت، أن “شخصنة المعركة مجرد تغطية ملفقة لحجب حقيقة ما يكتنف ملابسات صناعة معارضة بالضغوط والاغراءات والحسابات السياسوية والانتخابوية المحكومة بهواجس 2021 ومن يعمل على التحضير لها خارج قواعد العمل والتنافس السياسي المشروع والديمقراطي.”

وهذا نص الحوار:

السؤالُ الأوّل الذي يتبادر إلى ذهن كلّ متتبع للشأن السياسي بالجهة، هو كيف تشكّل مجلسُ جِهة درعة تافيلالت بالأساس؟ بمعنى كيف كانت التحال فات داخل المجلس منذ الانتخابات؟

بداية لابد من تقديم الشكر لموقع بناصا ولقرائه على هذه الاستضافة.

وجواباً على هذا السؤال، لابد من التذكير بنتائج الانتخابات الجهوية في سنة 2015 بالنسبة لمجلس جهة درعة تافيلالت (45 عضوا في المجموع)، والتي كانت كالتالي: العدالة والتنمية 12 مقعدا، الأحرار 11، الاستقلال 7، الحركة الشعبية 5، التقدم والاشتراكية 5، والأصالة والمعاصرة 5.

وكان الاتفاق المسبق بين أحزاب التحالف الحكومي ( العدالة، الأحرار، الحركة، التقدم) يقضي بإعطاء الرئاسة للحزب الأول وتوزيع باقي المسؤوليات بالتوافق بين مكونات التحالف بالمجلس.

وتم ذلك فعلاً، وتم إسناد الرئاسة للحبيب الشوباني ( PJD )، والنيابة الأولى لشباعتو ( RNI)…إلخ وصدر بلاغ للرأي العام بذلك وقعهُ المنسقون الجهويون للأحزاب الأربعة.

بيد أن ما حدث أنه قبل يوم من موعد انتخاب الرئيس ومكتب المجلس حصل انقلاب من الأحرار على الاتفاق، وتم تشكيل تحالف جديد (الأحرار الاستقلال الأصالة) بمرشح جديد للرئاسة (الأستاذ الأنصاري محمد العضو الحالي بالمحكمة الدستورية). إلا أن عضوين من الأحرار تمردا على هذا الانقلاب وفاء للتحالف الأول بين مكونات الأحزاب الحكومية.

وكانت نتيجةُ هذا التمرد خسارة التحالف الجديد للمعركة فحصلنا على رئاسة المجلس ب 24 عضواً وبفارق صوتين فقط (العدالة 12، الحركة 5، التقدم 5، الأحرار 2) في مقابل 21 عضواً للمعارضة.

تتبعنا أنهُ بعد ذلك مباشرةً تشكّلت لديكُم أَغلبية مريحَة في صفّكم، أي منذ تولّيكم مهام رئاسةِ المجلس. ثم إلى غاية يوليوز 2019 بدأتْ هذه الأغلبية تتلاشى، كيفَ تفسّرون هذا التحول؟ أقصدُ ما هي الأشياء التي تجري في المجلس ولا يعلمها عمومُ المواطنين؟

فعلاً، اشتغلنا لأربع سنوات بالتصويتِ بالإجماع على الأغلبية الساحقة لمقررات المجلس. كانت المعارضة منخرطة في العمل رغم بعض المُشَاكسات التي تقع بين الفينة والأخرى والتي تُعتبر عاديةً جداً.

غير أن تحولاً جذرياً وقع منذ دورة يوليوز 2019 نتجَ عنهُ التحاقُ بعض أعضاء المجلس بالمعارضة بسبب ضغوط وإغراءات وحتى تهديدات من خارج الممارسة الطبيعية بين الفاعلين بالمجلس، تحكُمها حسابات تتجاوز منطق التدافع السياسي العادي والطبيعي بين الأحزاب.

هذا التحول جعل المعارضة (24 عضواً) تتصرفُ كمعارضة “مصطنعة” لا علاقة لها بمصالح المواطنين وبتنمية الجهة. وهو ما قادها لممارسة “البلوكاج” بالتصويت ضد مصالح الساكنة منذ دورة يوليوز كما يتابع ذلك الرأي العام، بشكل مباشر من خلال مداولات المجلس.

طيب، وهل منْ تفسيرٍ منطقيّ لديكُم أستاذ شوباني، بخصوصِ مقاطعة أعضاءِ الحَركة الشّعبية لأَشغال المَجلسِ ودَوراته الأخيرة؟

أعضاء الحركة الشعبية اعتذروا لأسباب مختلفة، وهم في جميع الأحوال ليسُوا في المعارضة، ومنهم من أصرّ على الحضور لولا المرض، كما أن مناخ الضغوط والإغراء والترهيب الذي يتعرض له العديد من الأعضاء للالتحاق بالمعارضة، يمكن أن يجعل موقف الحركة مفهوماً بالمعنى الإيجابي، الذي يعني رفض الانخراط في ممارسات عرقلة عمل المجلس. هذا مجرد استنتاج شخصي. ويبقى الموقف الرسمي هو ما يعبر عنه الفريق الحركي رسمياً.

يعني أنّكم تبعدونَ شبهة تورط هذا الحزب في “معارضة تنمية الجهة”، كما تُسمّونها؟

لا.. إطلاقا.

حسنا، أثارت مسألة سيارات “الرّئيسِ ونُوابه” لغطاً كبيراً في تلك الفترة على الصعيد الوطني وليس بالجهة فقط؟ هل يمكنُ أن نعيدَ فتحَ هذَا الملَف، ونفهم كيف مرت هذه الصفقة تحديداً؟

ما سمي ملف السيارات الفارهة، نموذج للتضخيم الإعلامي المخدوم لأغراض التشهير بدوافع سياسية. نحن جهة جديدة شاسعة ومترامية الأطراف، وطقسها قاسي جداً صيفاً وشتاءً، ولا يمكن لأطر وموظفي ومهندسي ومنتخبي الجهة استعمال سيارات عادية جداً في مختلف تحركاتهم لمتابعة الأوراش والاجتماعات والاشغال بمختلف ربوع الجهة، حرصاً على سلامتهم وراحتهم.

لقد تم اقتناءُ بضع سيارات من نوع (TOUAREG)، توجد بِمختلف مؤسسات الدولة والجماعات الترابية. وقد تم تضخيم الموضوع بشكل مقصود ولغايات سياسوية صارت من الماضي كجميع التشويشات التي تشبهه.

يتهمونكم بأنكم في تعنتكم ضد سعيد شباعتو ورفض حضوره ومن معه للمجلس في السنوات الأولى، أضاع وقتاً في أمور لم يحسم فيها القضاء حينئذٍ، لأنه ليس الرئيس من يتمتع بسلطة التنفيذ؟

القضاء الإداري هو الذي أنهى علاقة شباعتو ومن معه بمجلس الجهة، منذ 2015 بحكم استئنافي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به. والقضاء الإداري أيضا هو الذي أقر مشروعية قرار الرئيس بعدم استدعائه لأنه فاقد للعضوية بالمجلس، لكن سلطة الداخلية لم تفعل مسطرة معاينة فقدان الأهلية الانتخابية كما ينص على ذلك القانون ورغم تبليغ الأحكام طبقا للمساطر ذات الصلة، وبقي الملفُ مفتوحاً رغم أن القضاء أغلقه نهائيا.
لكن هذه القضية لم يكن لها أي تأثير على عمل المجلس قبل أن تتدخل أطراف خارجية لتصنع المعارضة كما هي اليوم.

ومع ذلك، لما حلت جائحة كورونا بالبلاد والعباد، دعوت الجميع إلى مبادرة “طي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل”، لكن المعارضة كانت في وضعية من فقد الإرادة على الفعل والتفاوض وأخذ المبادرة لخدمة الساكنة.
لقد كانت الخطة المطلوب تنفيذها في هذه المرحلة، ومع اقتراب نهاية الولاية الانتدابية، تقضي بعرقلة منجزات ومشاريع المجلس في استخفاف بمصالح المواطنين، وهو ما واصلت المعارضة التورط فيه تدريجيا حتى حلت بها كارثة دورة أكتوبر 2020، وصارت محلّ سخط شعبي عارم في عموم أقاليم وجماعات الجهة.

صراحةً، ما لاحظناه جميعاً أن المجلسَ سقطَ في الشّخصنة، ويصفونكم داخل معارضة المجلس بالعنيد ويقولون إنك مستبد ولا تشرك أحداً في القرارات، ألا ترون أن العناد في التسيير يَنهلُ من الشّعبوية ويعرقل التنمية أساساً؟

هذه مجرد خطابات فارغة للتغطية على الجريمة التنموية التي تورطوا فيها ضد الساكنة. لا شيء يبرر التصويت ضد تمكين الجهة من مشاريع تتجاوز 200 مليار سنتيم، تهم فك العزلة في الجبال، وتهم بناء مدينة المهن والكفاءات، وتهم تحسين الخدمات الصحية والتعلمية، وتهم دعم التعاونيات والجماعات والأندية الرياضية… إلخ.

هذا الادعاء فارغ والرأي العام اكتشف الحقيقة من خلال مستوى نقاش ومداولات المعارضة وافتقادها لأي قوة اقتراحية تخدم الساكنة.

إن الثورة الرقمية والتواصلية والبث المباشر للمداولات جعل المعارضة ومن يقف خلفها في وضع لا يحسدون عليه. لا حديث في الجهة إلا عن هذه الحقيقة التي لا يمكن حجبها بمثل هذه الادعاءات الفارغة والمنعدمة المصداقية.

ولكن إذا كنتم تعلمُون أن المعارضة تعارضكم كشخص أولاً، ألم تفكروا في التنحي وتقديم استقالتكُم في سبيل تنمية الجهة؟

لقد شرحت بما يكفي لتأكيد أن شخصنة المعركة مجرد تغطية ملفقة لحجب حقيقة ما يكتنف ملابسات صناعة معارضة بالضغوط والاغراءات والحسابات السياسوية والانتخابوية المحكومة بهواجس 2021 ومن يعمل على التحضير لها خارج قواعد العمل والتنافس السياسي المشروع والديمقراطي.

لذلك لمّا رفعتُ التحدي في وجه المعارضة، بالعمل المشترك خلال ما تبقى من الولاية، ثم توقيع ميثاق جماعي بعدم الترشح في استحقاقات 2021، ابتلعت المعارضة ألسنتها وعجزت عجزاً فظيعاً عن التفاعل مع هذا التحدي. وهو ما يعني أن كل ادعاءاتها باطلة وأن ما يحكم حساباتها وممارساتها المعرقلة للمجلس غير عقلانية ولا سياسية مسؤولة ولا علاقة لها بمصالح الساكنة.

لقد كان التحدي لحظة كاشفة فضحت الطبيعة المصطنعة للمعارضة وانعدام أي علاقة لها ولممارساتها بمصالح الساكنة بل وحتى لمصالح أحزابها.

هذا التحدي وصفهُ بعض المتتبعين، بأنه “شعبوية” و”مزايدات” سياسية، لأن الكل يعلم أنها خطوة غير قابلة للتحقق ولن يقبل التحدي كل أعضاء المعارضة بالإجماع؟

إذا كان التحدي الذي اقترحه الرئيس مجرد شعبوية، فلماذا لم يستجيبوا له ويكشفوا من خلال استجابتهم زيف ادعاء الرئيس؟.

إن توقيع ميثاق من طرف أعضاء المجلس أمام الرأي العام بعدم الترشح في 2021، مقابل التعاون على خدمة مصالح الساكنة في ما تبقى من الولاية، اقتراح عملي جداً.

لماذا لم يُقبل إذاً؟

لأنه يحتاج شجاعة سياسية واستقلال في قرار المعارضة، وهذا ما لا تتوفر عليه هذه المعارضة المُصطنعة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي