شارك المقال
  • تم النسخ

شباب المغرب بين مطرقة المباريات وألم انسداد الأفق

أختي كانت من بين المرسبات في امتحانات نيل شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة في المغرب، رغم كل السهر والتعب والنصب وضياع الوقت والجهد والمال والعمر من أجل الحصول على الشهادة الجامعية التي تخول لكل مواطن الحصول على عمل قار وفق مقتضيات الدستور المغربي، إلا أن ذلك أصبح اليوم حلما وليس حقا على غرار باقي الشباب المغربي الذي أوصدت في وجهه كافة الأبواب، بل وازداد إحكام إغلاقها مع تزايد الفساد في المغرب، نفس الأمر يتعلق بالنسبة لأخي الذي ترشح لمرات عديدة لمباريات أطر الأكاديمية، في مادة الفلسفة إلا أن يد الغدر كانت له بالمرصاد أمام هول من الفساد والغش والتعامل بِأبوك صاحبي.

لم يعد مستساغا القبول بهذا الميز العنصري والفساد الذي عمّ وطمّ وطحّ وكسّر عن أنيابه في وضعية اقتصادية صعبة للغاية في بلد يترنح أهله وذويه في مستويات دنيا من التنمية البشرية، تقارير دولية وأخرى وطنية تدق ناقوس الخطر من أمر استفحال الفساد وانتشاره والتطبيع معه ومسايرته والتشبع به والتشبه بأهدابه، فكيف والحالة هذه يمكن إقناع شباب وطاقات تتحطم أحلامهم على صخرة اليأس، بعد أن ظل هؤلاء الشباب متمسكين بطموحهم، متأهبين لخدمة وطنهم، حالمين أن يصبحوا أطرا في مؤسسات بلدهم من أجل مغرب أفضل وأنقى وأتقى وأرقى، لكن أبت صفة الزبونية والمحسوبية وباك صاحبي ناخرة للبلاد والعباد والتلاد وجعلتهم في الحضيض.

فأضحى حلم الشباب اليوم هو هجرة غير مأسوف عليها كما حصل لأبناء منطقة الريف التي لا تكاد أسرة يخلو أحد أبناءها من اختيار الهجرة، وحصل ذات الشيء معي عندما اخترت طريقها قبل سنوات غير نادمة ولا مأسوفة عليه ولو خيرت لاخترت طريق الهجرة ثانية، رغم آلامها وتضحياتها، تاركة دراستي الجامعية في كلية القانون وعملي وكل شيء لانسداد الأفق في وطن أحببته ولم أتخلى ولن أتخلى عنه إلا أن مضيعة الوقت والجهد بين أحضانه هو الذي ينتابك وأنت في ترابه، إذ كرامة الإنسان أغلى من وجوده، فلن تبرح اليوم بلدا في أقاصي الدنيا لا يتواجد فيه المغاربة جراء الظلم والاضطهاد والضيم والحكرة والقهر والمرض والفقر والفاقة وكل ما تكتوي به النفس الإنسانية، فأن تطارد أحلامك في أقصى الدنيا كما هو حالي وحال الملايين من المغاربة أفضل من الذل والهوان.

مغرب العز بين الأمم الذي أضحى يأكل القوي فيه الضعيف، لم يتمكن لحد الآن من توفير العيش الكريم لأبنائه، فمتى سنغير العقلية ونعدل بين الناس، ونعطي لكل ذي حق حقه، ويسترد الضعيف قوته، والمظلوم حقه، والفقير خبزه، والمعدم معدنه؟!

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي