شارك المقال
  • تم النسخ

زعيمة “العمال” تثير الجدل بانسحابها من الرئاسيات الجزائرية.. ومساندو الرئيس تبون يستعرضون قوتهم

أثارت زعيمة حزب “العمال” في الجزائر لويزة حنون الجدل بإعلان انسحابها من سباق الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة شهر سبتمبر المقبل، في وقت تَدافع مساندو الرئيس عبد المجيد تبون لجمع التوقيعات اللازمة له للترشح، في مشاهد استعراضية أمام الصحافة.

وفي بيان لها، برّرت حنون إعلان انسحابها بأنها “تمتلك معلومات خطيرة عن استهدافها شخصياً في عرقلة جمع التوقيعات، بغرض إقصائها من الترشح”.

وقالت، عقب استدعاء المكتب السياسي لحزبها، إن “حملة جمع تزكيات الناخبين الجهنمية والفوضوية، أثبتت الفشل التام للمنظومة الرقمية للهيئة المستقلة والإدارية والتنظيمية التي تم تطبيقها دون تجربة أو تحضير مسبق على مستوى مكاتب البلديات ومكاتب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ما أدّى إلى إقصاء مئات الآلاف من المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية”.

ولفتت إلى أن ما جرى يعدّ “مشكلة سياسية بامتياز، وليست تقنية، جد خطيرة”. وأضافت: “إذا أضفنا لها برمجة الحملة الانتخابية في منتصف شهر غشت المقبل، سيحول اقتراعًا جدّ هام كان من المفروض يُحدث قطيعة مع الممارسات البالية إلى مجرد إجراء شكلي، يفاقم التشكيك والنفور الشعبيين اللذين عكستهما نسبة امتناع عن التصويت غير مسبوقة منذ الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 (الانتخابات الرئاسية، والاستفتاء الدستوري، والانتخابات التشريعية، والانتخابات المحلية)”.

وذكرت أن حزبها “ناقش عدداً من المعطيات السياسية الخطيرة التي استهدفتنا خصيصاً، وقد تحقّقنا منها مركزياً ومحلياً منذ إعلاننا قرار المشاركة”.

وأشارت إلى أن “المعلومات الخطيرة التي بحوزتنا، والوقائع التي تأكدنا منها، تثبت وجود نية لإقصاء مرشحة حزب العمال من الرئاسيات، وبالتالي مصادرة حرية الترشح للانتخابات، وعلى نفس المنوال، الدوس على حق الشعب في الاختيار الحر بين البرامج”.

وانتهت حنون إلى أنه مثلما “قرّرت القيادة الوطنية في 16 ماي 2024 بكل استقلالية مشاركة الحزب في الرئاسيات المقبلة، فإن المكتب السياسي يعلن اليوم أن حزب العمال لا يمكن أن يكون جزءاً من عملية انتخابية لا تكرس حرية الترشح التامة، ودون إقصاء، ولا تسمح للمواطنين بممارسة احتكامهم الحر”.

وعليه، خلص القرار الذي اتّخذه أعضاء المكتب السياسي بالإجماع للحزب، وفق ما تلته الأمينة العامة، على “عدم مشاركة حزب العمال في المسار الانتخابي المتعلّق بالرئاسيات المقبلة كليًا، أي وقف حملة جمع تزكيات الناخبين الدّاعمة لترشحي، وعدم المشاركة في الحملة الانتخابية وفي عملية التصويت يوم 7 سبتمبر المقبل”.

وسبق لحنون أن اشتكت، منذ بدء عملية جمع التوقيعات، من وجود عراقيل تواجهها. وذكرت، في مراسلتين وجّهتهما إلى السلطة الوطنية للانتخابات، أنه على “عكس التصريحات والإعلانات التي تؤكّد جاهزية البلديات لاستقبال المواطنين الموقّعين على استمارات الترشح، فقد سجلنا غياب الظروف المادية والتقنية، منذ التاسع من حزيران، حيث كان من المفروض أخذ كل التدابير الضرورية قبل الانطلاق الرسمي لعملية جمع التوقيعات”.

وليست أجواء الانتخابات الرئاسية غريبة عن لويزة حنون، التي سبق لها الترشح 3 مرات سنوات 2004 و2009 و2014، في منافسة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. وهي شخصية سياسية تنشط في الساحة منذ عهد السرية فترة الحزب الواحد، حيث كانت ضمن التيار التروتسكي، الذي تطور لإنشاء حزب “العمال”، بعد تدشين عهد التعددية الحزبية بداية التسعينيات، وظلت حاضرة في واجهة المشهد تتزعم حزبها اليساري منذ نحو 30 سنة.

وعزّز انسحاب زعيمة حزب “العمال” قناعة بعض المعارضين بعدم جدوى المشاركة في انتخابات محسومة مسبقاً لصالح الرئيس عبد المجيد تبون، حسب رأيهم.

وتوقف البعض عند ما أوردته حنون في بيان انسحابها عندما قالت:

“في الوقت الذي أثبتت فيه نتائج الانتخابات البرلمانية في فرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص أنه يمكن للشعوب أن تغتنم فرصة الانتخابات لانتزاع تطلعاتها السياسية والاجتماعية والتعبير بالوسائل الديمقراطية عن رفضها السياسات التقهقرية وإرادتها في تغيير مجرى الأمور، يتضح، أكثر من أي وقت مضى، أن ذلك مشروط باحترام الحريات الديمقراطية ليعبّر الشعب عن إرادته. وهذا لم يتحقق بعد في بلادنا. لذلك، فالأولوية بالنسبة لنا أن نناضل من أجل الاستعادة الكاملة للحريات الديمقراطية من أجل ممارسة الشعب لسيادته وإرساء الديمقراطية بمضمونها السياسي والاقتصادي والاجتماعي التحرري”.

وذكر المحلل السياسي نجيب بلحيمر، في تعليقه على ذلك، أن هذا التغيير في الأولويات من المشاركة إلى المقاطعة “ينقض بشكل جوهري فكرة المشاركة في ظل الظروف والشروط القائمة للعملية الانتخابية وممارسة السياسة عموماً”. وأضاف أنه “من الصعب التسليم بأن استنتاجات حزب العمال وأمينته العامة، والتي تضمّنها البيان، هي وليدة اللحظات الأخيرة، أو الأيام القليلة الماضية، ولهذا لا يمكن تجاهل توقيت الإعلان الذي جاء بعد 48 ساعة من إعلان ترشح تبون للانتخابات، والذي يمكن اعتباره ترسيماً للعهدة الثانية”.

على عكس ذلك، رأى آخرون أن انسحاب حنون مردّه عدم قدرتها على جمع التوقيعات، وهو أمر يتعلق بانتشار حزبها وقدرته على التعبئة، بينما ما ذكرته لا يعدو مجرد تبريرات لقرارها.

ومن جهة أنصار الرئيس، تسير عملية جمع التوقيعات بسرعة فائقة، حيث بدأت الأحزاب المساندة في عمليات التوقيع بطريقة استعراضية على شاشات التلفزيون، مثلما فعل رئيس “حركة البناء الوطني” عبد القادر بن قرينة، الذي ملأ الاستمارة على الهواء مباشرة، وتبعه في ذلك باقي رؤساء الأحزاب.

ومع البدء الفعلي قبل الرسمي للحملة الانتخابية، بعد إعلان ترشح الرئيس، ظهر مساندون جدد مثل “حركة الإصلاح الوطني”، وهي ثاني حزب إسلامي يختار دعم تبون إلى جانب حزب “تاج”، الذي أعلنت رئيسته بدورها مساندة الرئيس. كما التحقت عدة منظمات وجمعيات بركب المساندة، بينها أكبر مجلس للمذهب الإباضي المنتشر في منطقة غرداية بالجنوب الشرقي للجزائر.

وفي ظل حماس المساندين للرئيس، أبدى داعمو مرشحين آخرين مخاوف من استعمال وسائل الدولة في الحملة الانتخابية لصالح تبون. وكتب أحمد صادوق رئيس الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، التي تنافس الرئيس تبون، أنه “يجب الابتعاد عمّا وصفها بالسلوكات المستفزة والمنفرة في العملية الانتخابية”.

وذكر في تدوينة على فيسبوك: “إذا أريد للانتخابات الرئاسية أن تكون نقطة تحول كبرى في إنهاء الممارسات القديمة التي ساهمت في كسر الثقة وتعميق العزوف ودفعت المواطنين والناخبين إلى  مربع الرفض والسلبية، وجب على السلطة أن تظهر الإرادة العملية في ذلك”.

ودعا صادوق إلى “الابتعاد التام عن السلوكات المستفزة والمنفرة، خاصة تلك التي تعطي الانطباع بالاستخفاف بالناخبين والمترشحين”، مع “وجوب كفّ بعض السياسيين المغامرين عن بث خطاب الكراهية والاستهزاء بالسياسيين”، معيداً التذكير بمواد قانون الانتخابات التي “تمنع استعمال الممتلكات أو الوسائل التابعة لشخص معنوي خاص أو عمومي أو مؤسسة أو هيئة عمومية، لأغراض الدعاية الانتخابية، إلا إذا نصت الأحكام التشريعية صراحة على خلاف ذلك”.

وتأتي هذه الملاحظات في ظل ما رآه البعض خطأ في التقدير بتسخير إطارات سامية في الرئاسة لسحب التوقيعات الخاصة بالرئيس من مقر السلطة المستقلة للانتخابات. كما أثار فيديو تم تداوله لوالي وهران، وهو يحضر لقاء لدعم الرئيس عبد المجيد تبون، جدلاً واسعاً، خاصة أن ممثل الإدارة يفترض فيه الحياد.

 وخلافاً لذلك، يشدد أنصار الرئيس على تمسكهم بالقوانين وابتعادهم عن كل مظاهر استغلال إمكانية الدولة أو المرافق العمومية في دعم تبون. وقال رئيس حزب “صوت الشعب” لمين عصماني، في ندوة صحفية، إن “رئيس الجمهورية تعهّد بأن الحملة ستكون دون استغلال المرفق العمومي”، مؤكداً على نظافة الترشح والحملة الانتخابية التي ستبدأ رسمياً في النصف الثاني من شهر غشت المقبل.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي