شارك المقال
  • تم النسخ

زحف التنين الصيني في القارة السمراء.. هل يَرأب الصّدع بين المغرب والجزائر؟

نشر منتدى شرق آسيا تقريرا، سلط فيه الضوء على مواصلة زحف التنين الصيني في شمال إفريقيا من خلال سياسية التوسع الاقتصادي الحثيثة التي تنتهجها بيكين لتقوية نفوذها في القارة السمراء، حيث تكتسي دول شمال إفريقيا أهمية جيوسياسية مميزة.

وفي بداية التقرير، أشار المنتدى إلى أنّ تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر، قد يُهدد المصالح الاقتصادية والجيوسياسية الصينية في المنطقة، لكن قد يكون لدى بكين القدرة على سد الفجوة وإعادة توجيه غرب البحر الأبيض المتوسط ​​نحو مبادرة الحزام والطريق أو ما يطلق عليها اختصارا بـ(BRI).

وأوضح المصدر ذاته، أنّ الجزائر تواجه الآن قرارات حاسمة بشأن كيفية موازنة القوة المتنامية للمغرب، كما أنها تفكر في تصعيد دعمها لجبهة البوليساريو وزيادة وجودها العسكري على الحدود المغربية، وقد يهدد هذا المصالح الصينية في موارد شمال غرب إفريقيا ويقوض خططها لتحقيق الربط عبر القارات عبر غرب البحر الأبيض المتوسط.

ويُمثل الفوسفاط والعناصر الأرضية النادرة في شمال غرب إفريقيا أهمية حيوية للصين، كما يمتلك المغرب أكثر من 70 في المائة من احتياطيات صخور الفوسفاط العالمية، بينما تمتلك الجزائر رابع أكبر مخزون في العالم.

وفي سنة 2018، وقعت مجموعة سيتيك الصينية للإنشاءات اتفاقية مع شركة سوناطراك الجزائرية لبناء منشأة متكاملة لإنتاج الفوسفات بقيمة 6 مليارات دولار أمريكي من شأنها زيادة الإنتاج السنوي للجزائر إلى 10 ملايين طن.

وفي الوقت نفسه، أنشأت شركة “Hubei Forbon Technology” الصينية مشروعا مشتركا مع المكتب الشريف للفوسفاط العملاق المملوك للدولة في يناير 2021 لتطوير الجيل التالي من الأسمدة.

كما تضع بكين نصب عينها على العناصر الأرضية النادرة التي يقال إنها توجد في رواسب الفوسفور في منطقة الصحراء، وزعمت منظمة مراقبة موارد الصحراء الغربية (WSRW) مرارًا وتكرارًا تورط الصين في عمليات شراء غير مشروعة لفوسفاط بالمنطقة.

ويتطلع التنين الصيني إلى لعب دور استراتيجي في تطوير الربط بين أوروبا وأفريقيا عبر غرب البحر الأبيض المتوسط، كما تمتلك بكين حصة في ممر النقل التجاري المغربي الناشئ من غرب إفريقيا إلى أوروبا الغربية، استنادًا إلى خط سكة حديد “البراق” فائق السرعة، وميناء طنجة المتوسط ​​الذي تم توسيعه مؤخرا، والذي يعتبر أكبر ميناء في البحر الأبيض المتوسط.

وتم تمكين توسع ميناء “طنجة المتوسط” من خلال الاستثمار من مجموعة تجار الصين، وافتتحت الشركات الصينية مصانع في المغرب للاندماج في سلاسل القيمة الأوروبية الأفريقية التي أنشأها خط سكة حديد البراق وميناء طنجة المتوسط.

وأنشأت “سيتيك ديكاستال” مصنعًا بقيمة 400 مليون دولار أمريكي لتزويد مصنع تجميع السيارات التابع لمجموعة “Groupe PSA” الفرنسية بمعدات، كما تقوم شركة “تشاينا كوميونيكيشنز كونستركشن” ببناء المركز الصناعي لمدينة محمد السادس طنجة للتكنولوجيا لجذب المزيد من الشركات متعددة الجنسيات والصينية إلى المغرب

كما تدعم بكين إنشاء ممر للبنية التحتية عبر الجزائر يربط إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بالبحر الأبيض المتوسط، ووقعت الجزائر اتفاقًا مع الشركة الصينية الحكومية للهندسة الإنشائية وشركة “تشاينا هاربور” الهندسية في عام 2016 لإنشاء ميناء الحمدانية بالجزائر، وذلك بسعة 6.5 مليون وحدة مكافئة لعشرين قدمًا ويمكن أن تعمل الحمدانية كمحور لممر من إفريقيا إلى أوروبا.

ويؤكد التقرير، أنه قبل أن تعترف الولايات المتحدة رسميا بسيادة المغرب على الصحراء، فتحت العديد من الدول الأفريقية والعربية بالفعل قنصليات في المنطقة الخاضعة للسيطرة المغربية، لافتا إلى تآكل التضامن الإفريقي والعربي مع معارضة الجزائر لمطالبات المغرب بالسيادة، مما أدى إلى تصاعد التوتر بين الجزائر العاصمة والرباط.

وفي عام 2020، أعلنت القوات المسلحة الملكية المغربية عن بناء ثكنة عسكرية على بعد 38 كيلومترا فقط من الحدود الجزائرية، وصورت وسائل الإعلام الجزائرية الخطة على أنها استفزاز تصعيدي وذكرت أن الجيش الوطني الشعبي الجزائري سيبني قاعدتين حدوديتين. كما وافقت الجزائر العام الماضي على تعديل دستوري يسمح للشرطة الوطنية الجزائرية بالتدخل خارج الحدود الجزائرية.

وتحافظ الصين على سياسة محايدة بشأن نزاع الصحراء، وتدعم رسميًا جهود الأمم المتحدة لإجراء استفتاء صحراوي طال انتظاره، بينما توازن بعناية مصالحها الاقتصادية في المغرب والجزائر، حيث وصلت التوترات بين الجزائر والمغرب إلى ذروتها، لكن هناك فرصة لإعادة توجيه الصراع نحو التعاون، ويمكن للصين أن تلعب دورا بناء في هذه المفاوضات.

وأشار تقرير المنتدى إلى أنّ صادرات الجزائر إلى الصين ضئيلة، وبلغ إجمالي وارداتها من الصين لعام 2019 ما قيمته 5.4 مليار دولار، وأثر جائحة “كورونا” وانخفاض أسعار النفط بشدة على الاقتصاد الجزائري حيث تمثل مبيعات النفط والغاز 60 في المائة من ميزانية الدولة.

وتخشى الجزائر من السعي للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي، وفي المقابل اتجهت نحو الصين، وفي 11 أكتوبر 2020، وقعت الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي اتفاقية مع الجزائر لزيادة تعميق مشاركة الجزائر في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

ولفت المصدر ذاته، إلى أن الرباط يمكنها أن تقدم فرصا للجزائر للمشاركة في تطوير الربط التجاري في المغرب، وهذا يتناسب بشكل جيد مع جهود بكين لدمج غرب البحر الأبيض المتوسط ​​في مبادرة الحزام والطريق. ومن جهتها، تحتاج الجزائر إلى الانضمام إلى المحادثات بين المغرب وجبهة البوليساريو لتأمين الترتيبات المستقبلية للصحراويين.

وخلص تقرير المنتدى، إلى أنّ الموقع الاستراتيجي الجديد والمتميز بين المتنازعين، مكن بكين من تعزيز مقترحات التقريب التي من شأنها أن تعود بالفائدة على جميع الأطراف، وأنه حان الوقت للصين لتسهيل التفاعل البناء بين الرباط والجزائر، كما يمكن لجهودها الدبلوماسية أن تحدد ما إذا كان مسار المغرب العربي سيكون نحو التعاون أو الصراع.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي