عززت الجزائر وروسيا، أخيرا، أحد المجالات الرئيسية لنشاط شراكتهما الاستراتيجية، وذلك من خلال منح الرئيس فلاديمير بوتن مباركته للقانون الفيدرالي الذي يثبت تصديق مجلس الدوما على اتفاقية الفضاء الموقعة مع عبد المجيد تبون، 79 عامًا، الذي تولى السلطة في الجزائر منذ ديسمبر 2019.
وفي هذا الصدد، أشارت مجلة “أتالايار” الإسبانية، في تقرير لها، إلى أنه وقبل حوالي ستة أشهر، وصل المدير العام لوكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس)، يوري بوريسوف، إلى عاصمة البلاد ومقر وكالة الفضاء الجزائرية، ASAL، للتفاوض على شروط مشروع الاتفاقية.
وتحدد الوثيقة الإطارية البنية القانونية والتنظيمية للتعاون التي ستحكم وتعزز العلاقات الفضائية بين البلدين من الآن فصاعدا، وهي صالحة لمدة عشر سنوات، قابلة للتجديد تلقائيا لفترات متتالية مدتها خمس سنوات، ما لم يتم إدانتها صراحة من قبل أحد الطرفين.
واستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن إحدى نقاط المواد تنص على أن “السلع المستوردة والمصدرة بموجب الاتفاقية معفاة من الرسوم الجمركية والضرائب”.
وعلى جانب الكرملين، تقع مسؤولية ضمان تنفيذ الاتفاقية على عاتق روسكوزموس. وعلى الجانب الجزائري، فهي تحت سيطرة ASAL، الهيئة الرسمية التي أنشأها الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في يناير 2002 لتصميم السياسة الفضائية الوطنية وتنفيذ برنامج الأنشطة الرامية إلى تعزيز وتنمية الاقتصاد والأمن الوطني.
ووفق ذات المصدر، فإن شروط اتفاقية الفضاء تمثل خطوة مهمة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية الروسية الجزائرية في مجال التقنيات ذات الاستخدام المزدوج.
وفتح الكرملين أبوابه وقدم ضمانات للسلطات الجزائرية للحصول على أقمار اتصالات وتجسس آمنة من الجيل الجديد ووضعها في مدار من محطات الفضاء الروسية.
وبفضل التسهيلات التي حصل عليها في موسكو، سيحصل الرجل القوي الجديد في الحكومة الجزائرية، الجنرال سعيد شنقريحة، الذي أصبح منذ نوفمبر “الوزير المفوّض من قبل وزير الدفاع الوطني”، قريبًا على منصتين جديدتين.
وسيكون كلاهما قادرًا على مطابقة الدقة، إن لم يكن تجاوز، زوج الأقمار الصناعية التجسسية التي يمتلكها المغرب في المدار – محمد السادس أ وسادس ب، من صنع شركة إيرباص في فرنسا وتم إطلاقهما في نوفمبر 2017 و2018 على التوالي – وتلك التي حصل عليها في عام 2024 من الشركة المصنعة إسرائيل للصناعات الجوية (AIA).
وإدراكًا لأهمية امتلاك مركبة فضائية خاصة بهما، يركز اهتمام الرئيس تبون ورئيس وزرائه البالغ من العمر 75 عامًا، نادر العرباوي، على تجديد أسطولهما القديم من الأقمار الصناعية بآخر مجهز بتقنيات أكثر تقدمًا وأداء متفوق على المغرب، سواء من حيث الاتصالات المشفرة أو في أنظمة الاستطلاع ومراقبة الأرض.
كما نجح المسؤولان من شمال إفريقيا في تضمين الاتفاق أن مواطنًا جزائريًا سيسافر إلى الفضاء على متن مركبة فضائية مأهولة روسية.
وتنص الوثيقة على اختيار وتعليم وتدريب طيارين عسكريين جزائريين كرائدي فضاء، مع توقع أن تسمح لهم وكالة الفضاء الروسية روسكوسموس بالطيران إلى محطة الفضاء الروسية المستقبلية ROS، التي سيبدأ بناؤها في عام 2027.
وتشمل الشروط أيضًا التعاون الروسي الجزائري في مجالات الملاحة عبر الأقمار الصناعية والتقنيات الجديدة وخدمات المعلومات المرتبطة بها، وكذلك في علوم واستكشاف الفضاء الخارجي.
ويمثل تعزيز التعاون الفضائي بين روسيا والجزائر نقطة تحول لكلا البلدين. بالنسبة للدولة الواقعة في شمال إفريقيا، فإنه يوفر فرصة لتوسيع قدراتها التكنولوجية، وتدريب الفنيين العسكريين والمدنيين على تحليل الصور، وتعزيز الابتكار التكنولوجي.
وبالنسبة لروسيا، يسمح لها ذلك بتعزيز علاقاتها مع شركائها في إفريقيا والعالم العربي، مع إثبات أنه على الرغم من الخسائر البشرية والاقتصادية والصناعية للحرب في أوكرانيا، تظل موسكو رائدة عالمية في قطاع الفضاء.
وخلال السنوات الأربع الماضية، كانت الوكالة تفكر في إطلاق قمرين صناعيين جديدين على الأقل في الأمد القريب: قمري الاستشعار عن بعد عالي الدقة AlSat-3A و3B وقمر الاتصالات الحكومية الآمنة AlcomSat-2، ومن المتوقع الحصول عليهما من صناعة الفضاء الروسية.
وسيحلان محل الأقمار الصناعية الأربعة التي تحتفظ بها ASAL في الخدمة: قمرين صناعيين لمراقبة الأرض – AlSat-2A و2B، يزنان أكثر من 100 كيلوغرام، صنعتهما شركة Airbus Space Systems وأطلقتا في عامي 2010 و2016 على التوالي – وقمر صناعي واحد للاتصالات الآمنة – AlcomSat-1، منصة تزن 5 أطنان تم الحصول عليها من الصين وأطلقت في ديسمبر 2017 – وقمر صناعي تجريبي بتقنية النانو، Alsat-1N، يزن 4 كيلوغرامات ونتيجة تعاون مع وكالة الفضاء البريطانية.
تعليقات الزوار ( 0 )