استبعد تقرير حديث لمركز التفكير الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، “The Middle East Institute”، حدوث انفراجة قريبة في العلاقات المتوترة بين الممملكة المغربية والجمهورية الجزائرية، منذ أن قطعت الأخيرة صلتها مع الرباط في غشت 2021.
وقال التقرير، إنه لا توجد مؤشرات مهمة تشير إلى تحول على المدى القريب أو المتوسط في العلاقة بين القوتين المسيطرتين الإقليميتين المغاربيتين، خاصة عام 2024، حيث يستمر البلدان في اتباع مسارات منفصلة ومتباينة، ويبدو أنهما بعيدان عن التوصل إلى التقارب، على الأقل في المستقبل المنظور.
وبعد محاولتها الفاشلة للانضمام إلى المنظمة الحكومية الدولية لدول “البريكس”، ستسعى الجزائر إلى استخدام مقعدها كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الفترة 2024-2025 لتوفير النفوذ الدبلوماسي لجهودها للعب دور أكثر حزما في المنطقة. الساحة العالمية ودفع أجندتها المؤيدة للبوليساريو.
ومع ذلك، فإن تراكم وتقدم سلسلة من القرارات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية، والتي تشير إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي تفاوضي للنزاع على أساس التسوية، لا يترك مجالا كبيرا للجزائر ليكون لها تأثير حاسم على هذه الجبهة.
من جانبه، يتمسك المغرب بموقفه القائل بأن حل النزاع دون مشاركة الجزائر سيكون غير مكتمل أو غير كاف لمعالجة الديناميكيات الأساسية، ويرى أن الصراع ليس قضية ثنائية مع جبهة البوليساريو بل كجزء من سياق إقليمي أوسع يشمل الجزائر.
ونظرا لأن تورط الجزائر في نزاع الصحراء كبير، سياسيا وعسكريا، فإن المغرب سيواصل الدعوة إلى مشاركته النشطة في الجهود الرامية إلى إيجاد حل مقبول للطرفين، ومن المرجح أن تشترط الرباط مشاركتها في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بوجود الجزائر على طاولة المفاوضات.
وفي ظل مراقبة تطور هذا النزاع السياسي بفارغ الصبر، فإن أوروبا لديها مصلحة راسخة في الحفاظ على الاستقرار في شمال أفريقيا، وعلى الرغم من الاضطرابات الجيوسياسية الحالية، فإن احتمالات نشوب صراع مفتوح بين الجارتين تظل منخفضة.
ويعمل الوعي بالتوازن العسكري كرادع متبادل، ومن المرجح أيضا أن الحروب في أوكرانيا وغزة أثرت على الأمور، ودعمت نهجا أكثر حذرا، حيث يعطي القادة على الجانبين الأولوية للاستقرار على المواجهة العسكرية، مع الاعتراف بأهمية الحفاظ على التنمية الاقتصادية وتجنب التصعيد الذي قد تكون له عواقب غير مؤكدة.
ومع المشاركة الدبلوماسية الأمريكية المكثفة ورفيعة المستوى مع الرباط والجزائر، يبدو أن واشنطن عازمة على كسر الجمود بشأن قضية الصحراء، وللمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، زار مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شمال أفريقيا جوشوا هاريس الجزائر والمغرب في أوائل ديسمبر بهدف التوصل إلى “حل دائم وكريم دون مزيد من التأخير” وتشجيع البلدين على دعم الجهود التي يقودها ستافان دي ميستورا لتنشيط العملية السياسية للأمم المتحدة.
وأشار التقرير، إلى أنه في حين أن القضايا معقدة والطريق إلى الأمام غير مؤكد، فإن حقيقة أن كلا من المغرب والجزائر لا يزالان يثقان في المنصات المتعددة الأطراف لمعالجة المظالم وإيجاد حلول سلمية تشير إلى فرصة للمشاركة البناءة وإمكانية حل الخلافات من خلال الوسائل الدبلوماسية. إذا تمكن جوشوا هاريس من تحقيق تحول بسيط في العلاقات الثنائية، فقد يوفر ذلك بصيص أمل طفيف لتحقيق تقدم محتمل في مهمة دي ميستورا.
تعليقات الزوار ( 0 )