في الذكرى المئوية لمعركة أنوال، التي تمكنت فيها المقاومة المغربية في منطقة الريف، من هزيمة الجيش الإسباني وتعريضه لما بات يسميه بـ”الكارثة السنوية”، قرّر مركز دراسات في مليلية المحتلة، البحث عن هوية مجموعة من الأسماء المنسية، والتي لم يسجلها التاريخ ولم تذكر.
سانتياغو لويس دومينغيز، أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية دراسات مليلية، الذي كرّس حياته لمعرفة هوية الإسبان الذين قتلوا في معركة أنوال، واستطاع التأكد من أن أصل 94 شابا من ضحايا الكارثة، ينحدرون من مقاطعة زامورا، كما أن عمل متواصل من أجل التدقيق في البيانات والصور والتواريخ لكشف أسماء الراحلين.
وقال دومينغيز، في تصريح لجريدة “إل إسبانيول”، إن الحافز الذي أشعل الشرارة داخله من أجل تسمية الآلاف والآلاف من الإسبان الذين فقدوا حياتهم في معركة أنوال، هي صورة يظهر فيها رجال الفرقة الرابعة من الكتيبة الأولى من الفوج 68 الإفريقي، والتي ضمت جنوداً إسبان لم يكن يعرف أي شيء عنهم، ما أثار في داخله الرغبة.
وأوضح أنه مباشرة بعدها، بدأ بحثه الخاص عن السجلات لإلقاء الضوء على تلك الأسماء، وهو ما مكنه من الوصول إلى عدد كبير من المحفوظات العسكرية، وقبل كل شيء، القوائم الجزئية والمستندات التي تم إنشاؤها لتكون قادرة على إزالة المتوفي من السجلات الرسمية المختلفة للدولة الإسبانية.
وتابع أن هذه الوثائق ساعدته على معرفة جزء من أسماء المعنيين، رغم أنها كانت مهمة شاقة، حسبه، وعرفت مشاركة العديد من زملائه الآخرين في جمعية دراسات مليلية، الذين تطوّعوا لهذه المهمة، لأنهم “يشعرون أنهم مدينون لهؤلاء الشباب الراحلين بذلك، بعد الوقوع في المحنة القاتلة”، على حدّ تعبير دومينغيز.
وعلى الرغم من الاختلافات الجوهرية بين الإمكانات المتاحة لتسمية المشاركين في معركة أنوال، نظراً لأن الجانب الإسباني كان جيشا نظاميا سجلت أسماء أفراده بدقة في سجلات الدولة، فيما كانت المقاومة المغربية عبارة عن جماعة مدنية قرّرت حمل السلاح دون تدوين أسمائها، بهدف التصدي للاحتلال الإسباني، إلا أن العديد من المهتمين يجمعون على أن هذا الأمر، في حال تمّ، سيكون إنجازاً كبيراً.
باستثناء محمد بن عبد الكريم الخطابي، قائد المقاومة المغربية في الريف، وقتها، لا يكاد يعرف أحد أي اسم آخر شارك في هذه الملحمة التي كان له دور كبير في تغيير مسار حركات التحرّر الوطني، عبر ابتكار حرب العصابات التي كان له الفضل في تقوية صفوف المقاومة في عدة دول، على الرغم من وجود مجموعة من الصور التي تظهر هؤلاء الجنود المجهولين.
رغم أن الدور الذي قام به الباحث الإسباني دومينغيز، لتسمية الجنود المقتولين في معركة أموال، كان تطوعياً، إلا أن صعوبة مهمة الباحثين المغاربة الراغبين في خوض غمار التنقيب عن جنود الظل في المقاومة الريفية للاحتلال الإسباني، لا تشجع على الأمر، وهو ما جعل مهتمين، يطالبون الجامعات بتخصيص منح من أجل دفع الباحثين للقيام بهذه المهمة.
ونظرا لغياب سجلات تدوّن أسماء جنود المقاومة المغربية في الريف، بقيادة الخطابي، فإن أي تأخر، حسب باحثين مهتمين، في تحفيز ولوج غمار التنقيب عن هوية المشاركيت في أنوال، قد يعقّد من المهمة، وربما يجعلها مستحيلة، بسبب وفاة المصادر الحية التي عايشت، أو عايشت من عايش معركة أنوال التي وقعت في 1921.
تعليقات الزوار ( 0 )