أكد عبد الإله دحمان، رئيس الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أن علاقة النقابة بوزارة أمزازي لا تخضع للمزاج الشخصي بل لقرار المؤسسات والهيئات الداخلية للجامعة، وأن الأصل في النقابات أن تنحاز لمطالب الطبقة الشغيلة دائما، مشيرا في الوقت نفسه إلى قرار نقابته في دعم احتجاجات الأساتذة المتعاقدين في الشارع رغم دعوة الوزارة إلى وقف التصعيد والعودة إلى طاولة الحوار.
وكشف القيادي النقابي، في حوار مع جريدة “بناصا”، حيثياث وأسباب العلاقة المتوترة بين الجامعة الوطنية ووزارة التعليم، كما أوضح موقفه من التنسيقيات داعيا في الوقت ذاته إلى فتح نقاش فكري حول مفهوم الوساطة.
بداية، من الإستنكار إلى مقاطعة الحوار الاجتماعي، عبورا بالموقف المؤيد لاحتجاج الأساتذة المتعاقدين في الشارع .. ما الأسباب التي أدت إلى تراجع علاقة الجمعة الوطنية لموظفي التعليم بـ”وزارة أمزازي”؟
علاقتنا بالوزارة وموقفنا من عملها، لا تخضع للمزاج الشخصي بل قرار المؤسسات الموكول لها اتخاذ القرارات وهنا أؤكد أن التفاعل النضالي للجامعة وإدارتها للفعل النقابي المسؤول ليس حالة طارئة ولا الدينامية النضالية المجالية رد فعل لحظي على تفاعلات الواقع التعليمي والنقابي، بل هي قرار واعٍ بنيَ على التحليل الجماعي الذي قامت به قيادة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وتجسيدا لقناعة قيادتها الوطنية والمجالية بضرورة الارتقاء بالنضال النقابي والعمل النقابي من واقع التشتت والنزوع الفئوي إلى سلك نهج وحدوي يعيد للأسرة التعليمية لحمتها التضامنية ووحدتها المطلبية والنضالية وبعيدا عن تبني ثقافة المزايدة أو الحسابات الضيقة التي تعمق معاناة الأسرة التعليمية، وإيمانا براهنية توحيد التصور المطلبي الناظم للدينامية النضالية التعليمية في شموليتها والقادر كذلك (أي التصور المطلبي) على الاستجابة لانتظارات الفئات التعليمية المتضررة وبما يعيد المبادرة النضالية إلى قيادة الإطارات النقابية وفق استراتيجية تستشرف المستقبل ولا تخضع إلى إكراهات اليومي واللحظي الذي فتت الموقف النضالي لصالح نزاعات فئوية ومطلبية تجزيئية، وفِي أفق فرض تفاوض حقيقي يتجاوز حالة البلوكاج التي تتفاقم داخل قطاع التربية والتكوين ويقدم حلولا حاسمة للقضايا والملفات العالقة.
حمّلتم في بلاغ سابق لكم الوزارة الوصية على قطاع التعليم مسؤولية الاحتقان الذي تعيشه الشغيلة التعليمية، هل تتحمل الوزارة وحدهاالمسؤولية في الوقت الذي فقدت فيه النقابات شرعيتها في الوساطة؟
شرعية الوساطة النقابية تستمد من مدى التعاطي الصادق مع قضايا الشغيلة التعليمية وتحصينها والدفاع عنها، ثم النقابات ليست وسيطا محايد بل هي تنظيمات الأصل فيها الانحياز إلى جانب ملفات وحقوق الشغيلة التعليمية وكل نقابة تعرف شرعيتها في أوساط الشغيلة من خلال مسار نضالها وبالتالي الذكاء الجماعي والوعي المتّقد للشغيلة التعليمية يمكِّنها من التمييز بين من يخدم الأجندة الحزبية أو يرتمي في أحضان الإدارة أو غيرها من السلوكيات التي تخدم الشغيلة التعليمية، وبالتالي النقابات التعليمية هي أيضا مسؤولة على واقع العلاقة ومسار الحوار القطاعي ومحدودية النتائج، لذا لابد من توحيد الدينامية النضالية بعيدًا عن المزايدة النقابية التي لا تخدم مصالح للشغيلة التعليمية وعلى الوزارة الوصية أن تتحمل مسؤوليتها في تجنب تنامي الاحتقان بالتجاوب الحقيقي مع الملف المطلبي للشغيلة التعليمية.
حسنا، سبق ووجهتَ أسهم الاتهام لأمزازي بدفع الأساتذة المتعاقدين للتصعيد، هل يمكن اليوم اعتبار الوزير سببا أساسيا في توريط الحكومة في هذا الملف؟
قرار التوظيف بنظام التعاقد يتجاوز وزير التربية الوطنية، لأنه قرار دولة وبالتالي مسؤولية الوزير والحكومة تابثة في هذا الاتجاه ومسألة التصعيد هي نتيجة التفاعل مع الملف والتصريحات المعبّر عنها والتي في بعض الأحيان تكون غير موفّقة أو خارج سياق التوافق الذي يتم على طاولة الحوار.
ألا يتحمل سعد الدين العثماني بآعتباره مسؤولا سياسيا عن قرارات الحكومة المسؤولية في ما آلت إليه أوضاع الحوار الاجتماعي؟
وما أسباب رفض التنسيق النقابي الذي أنتم جزء منه الرضوخ لمساومات الوزارة من أجل وقف الاحتجاجات في الشارع؟طبعًا رئيس الحكومة مسؤول بالتضامن الحكومي على كل القطاعات، وهنا لابد أن أوضح أن الحوار الاجتماعي مع الحكومة الحالية نجح في توقيع اتفاق 25/04/ 2019، وأمامنا اليوم تحدي تفعيله، أما بخصوص الرضوخ للمساومات إن وجدت، فنحن في الجامعة الوطنية لموظفي التعليم قرارتنا مستقلة وبإرادة حرة نناضل ونتفاوض ولن نرضخ لأي مساومة مهما كان مصدرها، لأننا جزء من الدينامية الاحتجاجية والنضالية بقرار هياكلنا التقريرية وسنبقى في ميدان النضال دفاعًا عن الأسرة التعليمية وقضاياها ذات الأولوية.
نرى أن الفئات المتضررة من السياسية التعليمية أصبحت تميل نحو تأسيس تنسيقيات عوض الانصهار داخل النقابات .. هل تعتقد اليوم وأنتم قيادي نقابي أن المستقبل للتنسيقيات والمبادرات المتحررة من قيود النقابة وبيروقراطية “الجسد الجامد”؟
مسألة التنسيقيات تقتضي نقاشاً فكريً حقيقياً، ورصد تطورها التاريخي وهي ليست حالة خاصة بالمغرب، بل اليوم هناك ديناميات نضالية واحتجاجية خارج السياقات التقليدية.
إننا نعيش أزمة في النموذج التنظيمي وبالتالي التنسيقيات اليوم هي آليات لتوحيد المسارات النضالية خارج التموقعات الحزبية وغيرها أي أنها حرّرت الفعل النقابي والنضالي ولا تشكل أي تهديد على العمل النقابي الجاد والمسؤول وهي داعمة له مادامت لا تطرح نفسها بديلًا للنقابات بل هي أيضا التنسيقيات آلية للتنسيق وتوحيد الجهود والنقابات مسؤولة على واقع العمل النقابي والنضالي والظرفية تقتضي حدا أدنى من إنهاء حالة الانقسام في المشهد النقابي وفق مقاربة توحيدية للفعل النضالي وعلى أرضية مطلبية موحدة.
في نهاية حوارنا معك، ما مستقبل الحوار الاجتماعي في ظل المقاطعة والاحتقان الذي تعرفه الساحة لإى جانب الرفض التام لأي تسوية ترقيعية من طرفالتنسيقيات الفئوية للمتضررين؟
لابد من تصحيح مسار الحوار القطاعي وفق رهانات ثلاث:
أولا: مطالبة السلطة التربوية بضرورة إشراك النقابات التعليمية وكافة شركاء المدرسة العمومية في تنزيل مقتضيات الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 من أجل انخراط واعٍ ومسؤول لتأهيل المنظومة.
ثانيا: التعجيل بإخراج نظام أساسي عادل ومنصف ومحفز ودامج لمختلف الفئات العاملة في القطاع ويتجاوز ثغرات وتراجعات النظامالأساسي الحالي الذي نعرف سياق إخراجه.
وأمام تنامي النزوع الفئوي المرتبط بالمشاكل التي تعانيها عدة فئات في القطاع، وأمام الثغرات والفجوات المتعددة التي تضمنها النظام الأساسي لسنة 2003، والتي تطلبت عملية تصحيحها جملة من المراسيم التعديلية حيث ساهمت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم في رصد جملة من الثغرات حيث تم تعديلها منذ سنة 2004، ولأجل ذلك اقترحت الوزارة سنة 2012 التجاوب مع مطالب نقابية سابقة عن طريق الشروع في وضع نظام أساسي جديد، عادل، دامج ومنصف، يمكن من توفير حلول جامعة لمختلف المشاكل المطروحة على أساس تفاوض حقيقي ومقاربة تشاركية مسؤولة، وهذا وفق صرح به الوزير محمد الوفا وفقا لتعليمات ملكية، لكن مع كامل الأسف ورغم عقد جلسا تماراطونية في إطار لجن مشتركة لم تلتزم الوزارة الوصية بإخراج النظام الأساسي المنتظر على الرغم من تعاقب قرابة سبعة وزراء على تدبير القطاع بعد إصدار النظام الأساسي الحالي.
لذا الْيَوْمَ نجدد الدعوة الى تجاوز الغموض الذي يلف مصير هذا الورش الاستراتيجي داخل القطاع خصوصا بعد انصرام الآجال المعلنعنها سابقا والمواعيد التي أعطيت للنقابات التعليمية ورغم عقد لقاءات اللجنة الموضوعاتية الخاصة به، فلا زلنا نسجل تباطؤا كبيرا في الموضوع، مما يدل على عدم جدية الوزارة الوصية وافتقادها لإرادة حقيقية في اخراج النسخة الأخيرة للمشروع الذي تكلفت بصياغته والتزمت بإخراجه داخل البرلمان، أمام هذا التسويف نطرح سؤالا كبيرا حول إرادة الحكومة والوزارة الوصية في حسم هذا الموضوع، ثمن ؤكد على أن أي مشروع لا يستوعب الاشكالات المطروحة في النظام الأساسي الحالي ولا يطور المكتسبات ويسمو بها فإنه لا يعنينا كجامعة إذ المأمول نظاما أساسيا منصفا وعادلا ودامجا لكل مكونات القطاع يراعي وضعية العاملين وظروف اشتغالهم وينهي معاناة الفئات التعليمية المتضررة ويرتقي بمهنة التدريس باعتباره مدخلا لتأهيل المنظومة التربوية التكوينية على قاعدة الرؤية الاستراتيجية 2015/2030.
ثالثا: تصحيح مسار الحوار القطاعي من خلال وضع منهجية تفاوضية محددة الآجال تسهم في استقرار القطاع عبر الحسم في القضايا التالية:▪ التسريع بالمعالجة العادلة والمنصفة لملف ضحايا ضحايا النظامين الأساسيين 1985/2003، إعادة النظر في شروط توظيف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد بما يضمن الحق في الإدماج والمماثلة في الحقوق مع زملائهم داخلالقطاع.
▪ إنهاء معاناة المدرجين في السلم العاشر والتعجيل باتخاذ إجراءات عملية لتسوية وضعية المعنيين.▪ وضع حد لمعاناة فئة المساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين من خلال الحسم في قرار إدماجهم في النظام الأساسي لموظفي قطاعالتربية الوطنية الذي يشتغلون فيه، وتحسين أوضاعهم المهنية والمادية بما يتناسب ومهامهم التي يزاولونها في قطاع له خصوصيته ومكانته الاعتبارية.
إن مطلبنا هذا له راهنيته خصوصا أمام لا مبالاة الوزارة وعدم تفاعلها مع مجموعة من نضالات هذه الفئة وتأخرها في الإعلانعن مشروع النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية الذي تم الاتفاق في إطار اللجنة المشتركة على أن يكون وعاء لإنصاف المعنيين.
▪ تسريع تصحيح ملف أطر الإدارة التربوية خريجي مسلك الإدارة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وفق ما تقتضيه مخرجات التكوين مع الأخذ بالاعتبار وضعية أطر الإدارة بالإسناد ومدارسة كيفية إدماجهم في الإطار المزمع على إحداثه وبما يضمن المكتسبات.
▪ تسريع ملف الترقية بالشهادات كمكتسب تاريخي انصافا للمعنيين أسوة بالأفواج السابقة وتوسيع هذا الحق ليشمل مجموعة من الفئات التي حرمت منه كالمهندسين والممونين وحاملي ديبلومات من مصر والديبلومات الجامعية وخريجي دار الحديث الحسنية والمتصرفين والتقنيين والمساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين وإنصاف الذين تم الاعلان عن نجاحهم في المباريات السابقة.
▪ التعجيل بتصفية ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011 والعمل على تنفيذ اتفاق 19 أبريل 2011 وفِي مقدمة ذلك احداث الدرجة الجديدةوالتعويض عن العمل بالمناطق الصعبة وإخراج قانوني النقابات والإضراب وقانون الاعمال الاجتماعية ومدونة التعاضد…
▪ مطالبة الوزارة الوصية بتسريع وبتنفيذ التزاماتها السابقة مع النقابات التعليمية بخصوص ملف المكلفين خارج إطارهم الأصلي.
▪ إيجاد صيغة قطاعية لحل ملف الدكاترة وتمتيعهم بالإطار المناسب أسوة بزملائهم في إطار الحلول التي تبلورت بين النقابات التعليميةوالوزارة الوصية.
▪ التعجيل بالاستجابة الفورية لمطالب هيئة المبرزين والتقنيين والمحررين.
▪ أنصاف مسيري المصالح المادية والمالية وذلك عبر احداث تعويض خاص بأخطار الصندوق وإقرار التعويضات العينية التي كان يستفيدمنها المقتصدون سابقا مع ضرورة تمتيع ملحقي الإدارة والاقتصاد بالتعويضات العينية على غرار المدراء وإشراكهم في الحركة الإدارية.
▪ إنصاف متضرري ملف الأساتذة المتدربين من خلال التراجع الفوري عن الترسيب المتعمد لأزيد من 159 أستاذا وأستاذة، وفتح تحقيق فيحيثيات هذا الملف.
▪ وضع حد لقرارات الإعفاء التي مست مجموعة من مسؤولي المصالح بالمديريات الإقليمية والجهوية وكذا بالمؤسسات التعليمية وغيرهاوالاجابة عن خلفية هذه القرارات.
▪ فتح تحقيق في الصفقات المرتبطة بالبرنامج الاستعجالي (2009/2012)، والإعلان عن النتائج وأعمال المقتضى الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال احالة ملفات المتورطين على القضاء.
تعليقات الزوار ( 0 )