شارك المقال
  • تم النسخ

داخل المعزل يعز المرشح أو يهان.. طرائف الانتخابات في الجنوب الشرقي

بعيدا عن المنافسة الشرسة بين بعض المرشحين سواء بالنسبة للانتخابات المحلية أو الجهوية أو التشريعية، هناك وقائع طريفة ميزت الحملة الانتخابية الحالية بالجنوب الشرقي وأخرى ستظهر بعد إعلان النتاىج، طرائف تتراوح بين إعطاء الوعد لأكثر من مرشح وتبادل الأقمصة بين المرشحين..

إكون خير، دّو هنّا، رزم إلهم…عبارات ما تخسر خاطر ما تقضي غرض

عبارات ضمن أخرى تلك التي يرد بها المواطنون في الجنوب الشرقي على كل مرشح يقصدهم محاولا إقناعهم بالتصويت عليه، في حرص منهم على إرضاء جميع الخواطر. عبارات مجانية لن يدفعوا عنها مقابلا، لن يكسروا بها خاطرا وفي نفس الوقت لن يقضوا بها غرض المرشح الذي قصدهم استجداء”أوراقهم”.

“إكون خير” عبارة تتردد على الألسن جوابا على نداءات المرشحين، عبارة هي في الواقع لا تعني شيئا، لا تفيد مع ولا ضد، فهي ليست وعدا، بل أمنية يرجو صاحبها أن يكون خيرا، أي خير؟ الله أعلم، فالمرشح لا يريد أن يكون خيرا أو لا يكون، المرشح يريد الأصوات ولا شيء غيرها.

ومع أنها لا تعني شيئا، إلا أن “إكون خير” تظل الجواب الأسهل والعبارة الأكثر تداولا في جلسات المقاهي وأمام المتاجر وفي الأسواق ردا على كل مرشح يبحث عن الأصوات.

“دّو هنّا”، أي سرلا خوف عليك أو نم قرير العين وكن مطمئنا و”رزم إلهم” أي لا تحمل هما ولا تضرب حسابا، هما “علامتا الضمانة” اللتان يتم اللجوء إليهما أيضا للرد على جميع المرشحين على اختلاف أحزابهم تفاديا لأي إحراج، وهما أكثر دلالة ومعنى من “إكون خير” لأنهما ضمنيا تتضمنان وعدا بالتصويت، فأن تقول لشخص؛ سر وأنت هانئ البال، أو لا تحمل هما، فمعنى ذلك أن تصويتك عليه سيكون مضمونا، لكن كيف يتحقق الوعد لجميع المرشحين؟!

مرشحون يتبادلون “الأقمصة”

في مشهد مثير هو الأول من نوعه في المنطقة، قام مجموعة من المرشحين الذين استغلوا الأسواق الأسبوعية لإيصال صوتهم إلى الناخبين، بتبادل الوزرات التي تحمل رموز الأحزاب التي ينتمون إليها، فيما يشبه ما يفعله اللاعبون بعد نهاية المقابلة، فقد ظهر حسن أزواوي المرشح عن حزب التقدم والاشتراكية للانتخابات الجهوية لدرعة تافيلالت باسم إقليم تنغير في صورة جنبا إلى جنب مع منافسه يوسف أوزكيط عن حزب الأصالة والمعاصرة وكلاهما يرتدي وزرة الآخر.

هذا المشهد استحسنه الكثيرون واعتبروه خطوة إيجابية تعبر عن روح رياضية عالية وقفزة غير مسبوقة نحو المنافسة الشريفة بعيدا عن المشاحنات والملاسنات وحتى الضرب والجرح الذي يميز الانتخابات في عدد من المناطق.

آخرون يحلقون حول براد شاي ومواطنون يعيدونهم جميعا

في جماعة ملعب بإقليم الرشيدية يلتقي يوميا محمد ميدان المرشح باسم التجمع الوطني للأحرار مع منافسه موحى أقشور عن الاتحاد الدستوري ومرشح ثالث عن السنبلة لنيل عضوية ذات الجماعة نيابة عن أحد الدواوير، يجتمعون لارتشاف براد شاي في مقهى “أوتعديد” ومناقشة رد فعل المواطنين أثناء الحملة، حيث يقول ميدان “إن هذه اللقاءات اليومية فرصة للاستراحة والترويح عن النفس بتبادل الأحاديث والقفشات بعد يوم طويل من التنقل لإقناع المواطنين، كما أنها مناسبة لمناقشة ردود أفعالهم المختلفة وتصرفات بعضهم الغريبة ، حيث نكتشف جميعا من خلال حديثنا، المواطن الصادق الذي يواجهنا بالصراحة حيث يقول للاثنين منا “لا تتعبا نفسكيما معي فقد أعطيت الوعد للمرشح الآخر” وعندما يسأل بعضنا بعضا عما كان جوابه نكتشف فعلا أنه صادق، والمواطن المنافق الذي أقسم لنا بأنه سيصوت لصالحنا، إذ من خلال حديثنا نعرف أن ما وعد به فلان هو نفسه ما وعد به الآخرين، وصنف ثالث يكون رده بأنه معنا جميعا ويصعب عليه تفضيل أحدنا على الآخر، لذلك يقرر اقتسام ما يملكه من أصوات علينا”.

صوتوا على القرآن

من الطرائف المتداولة على الألسن بالمنطقة والتي من الصعب التأكد من صحتها، أن مرشحين باسم التقدم والاشتراكية وسعيا منهم لاستمالة الناخبين وحتى يوفروا على أنفسهم شرح دلالة رمز الحزب، فإنهم يكتفون أثناء حملتهم خاصة عند مواجهة مواطنين غير متعلمين بترديد “صوتوا على القرآن، صوتوا على المعقول” في إشارة منهم إلى رمز الكتاب.

مواطنون سيصوتون لمرشح وسيحضرون وليمة فوز خصمه

جرت العادة خلال الانتخابات السابقة، أن يحضر الولائم التي يقيمها بعض الفائزين حتى أولئك الذين كانوا ضدهم في الخفاء ولم يصوتوا لصالحهم، هؤلاء من تلك الطينة التي تقسم لكل مرشح بأغلظ أيمانها بأن صوتها سيكون لصالحه، جاهلة بأن منهم من يحلقون حول براد شاي للسخرية من هذه السلوكات المنافقة.

هؤلاء يصدق عليهم قول “يتجاهلون رمزك ويأتون لالتهام طعامك”.

داخل المعزل يعز المرشح أو يهان

لأننا في مجتمع يطبع أغلب تصرفاته النفاق في حياتنا العادية، فما بالك أيام الانتخابات، فإنه من الطبيعي أن يكون إعطاء الوعود الكاذبة أثناءها هو الطاغي، ليس فقط من قبل المرشحين، بل إن ذلك لو اقتصر عليهم لهان الأمر ولقلنا إن السياسة هي فن الكذب على الناس، إنما يتجاوزهم إلى المصوتين أنفسهم كما رأينا سلفا، إذ لا يذخرون جهدا في إعطاء العهد لمرشح من المرشحين وإذا خلوا إلى أنفسهم في المعزل قالوا لخصمه سرا؛ إنا نحن معك إنما نحن مستهزئون.

من الطرائف التي تندرج في هذا السياق، أن مرشحا كان قد أحصى أصوات أتـباعه الذين ظن أنهم من المخلصين الذين لن يبدلوا تبديلا، فخرج يعلن للناس أنه الفائز لا محالة، وأن الفارق بينه وبين خصمه سيكون “15 ورقة”، لكن المفاجأة كانت عظيمة عند ظهور النتائج التي أعلنت فوز منافسه بفارق 23 صوتا، بل الأغرب أنه اكتشف فيما بعد أن المنتدب الذي ائتمنه لينوب عنه في مراقبة النتائج قد صوت للخصم.

لذلك فالعملية كلها تختصر في تلك الدقائق القليلة التي يقضيها المصوت وراء الإزار الأسود، فخلفه يعز المرشح أو يهان، أما الوعود فالكل يتقن ويتفنن في تقديمها.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي