شارك المقال
  • تم النسخ

خيانة الحداثة والتقدمية

بغض النظر عن الموقف من الإسلاميين وأخطائهم القاتلة بعد ثورات الربيع العربي ، فإن الحقيقة  المرة أن العلمانيين العرب والحداثيين  في مجملهم  وليس كلهم  ، اصطفوا مع الانقلابيين ومع الاستبداد ،وخانوا. مبادئهم  الداعية إلى التحرر ، والديمقراطية نكاية في الإسلاميين. وذلك بسبب نخبويتهم، وعدم تمكنهم من استمالة الجماهير ،وحقدهم  على الاخوان بسبب فشلهم الدائم في اي مواجهة إنتخابية او شعبية معهم  بغض النظر  عن ظلاميتهم أو استنارتهم ، ورجعيتهم أو تقدميتهم  فليس المقام هنا نقد المناهج  والأيديولوجيات

ولذلك فالعلمانيون  يتصورون أن العسكر  والانقلابات هي الحل الوحيد الذي يمكنهم من القضاء عليهم ، وهم لا يدرون أن الحداثة لا يمكن أن تأتي إلا بتطور تاريخي طبيعي وليس على ظهر دبابة او بواسطة قائد عسكري فريق أو مشير انفصامي ،بسيكوباتي  دموي غاشم مدعم بأموال البترودولار.

وهؤلاء الحداثيون زورا وبهتانا ، وشكلا ،   التقليدانيون حقيقة وموضوعا حتى النخاع ، واهمون لأنهم يجرون بلدانهم الى الوراء سنين ضوئية بدل المناكفة والصراع  مع خصومهم  الثراتيين  وإحداث  التطور  الطبيعي التلقائي التاريخي الحتمي ، انهم  يتسرعون ويستعجلون صيرورة التاريخ قبل الآوان ،وذلك  لضعفهم  المذل وعدم قدرتهم  في القضاء على خصمهم    ولو بأيدي وبنادق الطاغية   ولكنهم لا يدرون  أن الحكم عقيم ، وأن الديكتاتور لا يقبل الشريك ، ولذلك فهم غالبا ما يشربون من نفس كأس الظلم الذي شرب منه غريمهم التاريخي ويتجرعون الآلام  في السجون والمحاكمات الصورية  ، ولا ينالون،لا حكما  ولا  تنويرا، ولا هم يحزنون وهم الظالمون لأنفسهم حقا ،  لأنه عميت أبصارهم عن رؤية الحقائق بسبب  الأحقاد والضغائن ، والفشل الذي أعمى  أبصارهم ، ولذلك  غالبا ما يؤثت بهم الطاغية المشهد في بداية الأمر  كما حدث في مصر. مع حزب النور السلفي وشيخ الأزهر  وشباب الثورة ممن أيد انقلاب ،30 يناير ، ثم بعد ذلك ألقى بهم  الديكتاتور. الى مزابل التاريخ،  فلم يعد يتذكرهم أحد ولذلك  ، غالبا ما يلقي بهم المستبد في غياهب السجون ، لن يفهم العربان أن الحق واحد ، وأنه يجب الدفاع عنه في أي مكان حل وارتحل، بعض النظر عن الحقد والخصومة , يجب الاصطفاف مع الحرية والحق والعدل والديمقراطية ، فالاخوان يأتون ويمضون وقد أخطأوا أخطاء تاريخية قاتلة حينما تسرعوا، في اقتناص السلطة  وتسلق الكراسي  ولم يفوا   بوعودهم، بعدم التشريح للرئاسيات، وعقدوا الصفقات  مع العسكر تحت الطاولة  قبل اكتمال الثورة ، وسكروا بالجموع ، وانتشوا بقوة الجماهير ، وحكموا بأدوات  الدولة الصلبة  العميقة وهي لا تدين لهم بالولاء ،فلم يكن معهم لا جيش ولا شرطة ولا قضاء  ولا مال خليجي ولم يدركوا موازين القوى،واعتقدوا أن النيات الطيبة  والخطابات الرنانة , وهتافات الجماهير  في الساحات ، كفيلة بتأسيس  دولة الخلافة ،واعتقدوا أن كثرة الصلاة والدعاء والصيام في ميدان  رابعة ستنصرهم على صاحب الدبابة والمال ، ولم يعلموا  أن الله لا يتدخل في التاريخ والصراعات الأرضية السياسية وانه ينصر من كان أكثر عقلانية واستعدادا وقوة ، وانه لم ينصر نبيه يوم أحد لما  أخل الرماة فوق جبل احد بالأوامر ، واستعجلوا الحصول على الغنائم ، وأخلوا بموازين وخطط المعركة.

لقد أخطأ الاخوان رغم تجربة قرن من المعارضة والتواجد في الساحة السياسية  وكرروا نفس أخطائهم القاتلة ، ولم يستفيدوا منها فلا هم اصحاب قوة وردع ولا هم أصحاب سياسة ورأي. وقد يكون فشلهم بسبب  خطأ منهجي موضوعي في فكرهم السياسي ، ولعل هذا الفشل التاريخي يؤدي الى تجاوز  هذا النهج في التغيير ، فالكيس الحكيم هو من يراجع اورقه، وينتقد ذاته على رأي علال الفاسي في كتابه النقد الذاتي.

هذا عن الاخوان وعن الحداثثين ولننتبه  فصاحب البندقية لا يرحل لأنه يمتلك القوة الفتاكة، الغاشمة، أما الغريم. والخصم السياسي المدني مهما كانت قوته ومرجعيته فإنه سيرحل حتما عند أول فشل في تدبير الشأن العام ، فالشعب كفيل به.  أما إذا سيطر صاحب الدبابة فإنه سيبقى،  لأنه يمتلك القوة التي من خلالها سيسحق إرادة الشعب. الذي لن يملك حينئذ إلا الاستكانة، والرضوخ.

وها هو سيناريو  الانقلاب في مصر ،يتكرر في تونس ،بنعومة الدستور ، ويومئذ يفرح شذاذ الأفاق  الفاشلون  أدعياء الدولة المدنية بإعدام الديموقراطية وذبح الحرية ، نكاية وحقدا في الإسلاميين ، وهم لا يعلمون انهم  سيكونون الضحايا التالون ،فالديكتاتورية تريد الحكم لوحدها ولا تحب الشركاء ، فوراء الستار ما  وراءه ، واللاعبون الحقيقيون ،سيطيحون بالجميع ،،فلكم الله يا عرب ، قدركم  أن تعيشوا تحت قبضة التخلف والعبودية  والاستبداد.

ليس المقصود هم  الاسلاميون  تحديدا  فهم ليسوا رمزا لشيء ،وانما المقصود هو الإطاحة بإرادة الشعوب واختياراتهاوسحقها الى الأبد وبغير رجعة أو رحمة ولذلك  فالهدف  الملح والآني هو حماية الديموقراطية نفسها ، وللشعب ألياته القانونية في حماية مبادئ الثورة ، وليس بالاعتماد على الأقلية اتي تخرج الشارع في سينارىوهات هوليودية  محبوكة  ، ذلك أن البرلمان هو التعبير  الحقيقي و القانوني عن رأي الأمة ،والحكومة هي السلطة التنفيذية  المفرزة  من أغلبيته ، ولا حق لرئيس الدولة أن يحوز كل السلط التنفيذية والتشريعية،

، إن هذا الوضع هو التعريف الواقعي لحكم الفرد  المطلق، وفقهاء القانون الدستوري يقولون إن ما قام به الرئيس   التونسي خرق للدستور ، والمادة ثمانين منه تنص على ضرورة استشارة رئيس البرلمان ، ورئيس الحكومة ، مع ضرورة استمرار البرلمان في الانعقاد.

 لقد أصبح الإخوان شماعة المستبدين كلما اراد الديكتاتور اغتيال إرادة الشعب وحريته، اخرج من صندوقه بعبع الاخوان يهدد به عقول الصغار، لقد أصيبت امة العربان  بعمى الأبصار والقلوب التي في الصدور ، فهم لا يرون الحقائق رغم  وضوحها وضوح الشمس  في واسطة النهار ، بغض النظر عن اي اختلاف عقائدي أو سياسي أو فكري أو طبقي او أيديولوجي ،  لندافع عن كرامة الخصم  قبل الصديق ، لأننا ندافع بذلك عن كرامتنا  نحن ايضا ،  لندافع عن الحرية. والعدالة  وعن الحق والموضوعية بتجرد ونزاهة فكرية وأخلاقية ، لنقف في وجه الطاغية والطغيان ، ولنتصارع بشرف النبلاء ، دون غدر. أو حقد ، ولنستحضر  امتنا وشعوبنا ، وتخلفها وتقهقرها عن ركب الشعوب المتقدمة ،بسبب الاستبداد  والظلم. الذي يجرنا للخلف والخراب.

تجربة الاخوان أو اليسار او اليمين تجارب بشرية ، تأتي وتذهب والبقاء فيها الأصلح، أتساءل بحرقة وألم لماذا يكون مآل السياسي أو  صاحب السلطة في تاريخ العرب إما القتل والاغتيال او التعذيب والنفي ، والاعتقال ، لماذا لا يتم تداول السلطة سلميا، ومن أصاب خلد اسمه في المصلحين ومن اخطأ ألقي باسمه في بئر. النسيان ومن أجرم.  حوكم محاكمات عادلة ونال ما يستحق من عقاب وفق القانون ، ربطا للمسؤولية بالمحاسبة ، افيقوا من. احلامكم. السوداوية يرحمكم الله. ، فقد طالت هذه. الكوابيس وجثمت على العقول والقلوب.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي