Share
  • Link copied

خمسون عامًا على إحراق المسجد الأقصى.. نيران لم تنطفئ بعدُ

بناصا ـ قدس برس


قبل خمسين عامًا؛ أفاق الفلسطينيون والمسلمون في أصقاع العالم على جريمة إسرائيلية جديدة بحق المسجد الأقصى المبارك، بعد احتلال مدينة القدس بعامين.


ففي 21 غشت من عام 1969، أقدم المتطرف الصهيوني مايكل دنيس روهان، أسترالي الجنسية، على إحراق المسجد الأقصى، ما تسبب بخسائر مادية كبيرة فيه.


الحريق شبَ في الجناح الشرقي للمصلى، الواقع في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى، وأتت النيران على واجهات الأقصى وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتضرر البناء بشكل كبير، مما تطلب سنوات لترميمه وإعادة زخارفه، كما كانت.


وفي الوقت الذي هرع الفلسطينيون إلى إخماد النيران، بملابسهم، وبالمياه الموجودة في آبار المسجد الأقصى، قطع الاحتلال الماء عن المصلى القبلي ومحيطه، وتباطأ في إرسال سيارات الإطفاء.


الاحتلال وكعادته، زعم أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، غير أن إثبات المهندسين العرب أنه تم بفعل فاعل، أجبر “تل أبيب” الكشف أن شابًا أستراليا، هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة (…)، ولم يمض وقت طويل حتى ادعت أنه “معتوه” ثم أطلقت سراحه.


منذ ذلك الحريق، وهيئات وحقوقيون وشخصيات مقدسية وفلسطينية، تؤكد أن جريمة إحراق الأقصى لم تنته، وكانت فصلًا من فصول معركة يشنها الاحتلال على المسجد، تستهدف تقسيمه زمانيًا ومكانيًا.


الحرائق لا تزال مشتعلة


وقالت الهيئة الإسلامية العليا في القدس (هيئة أهلية)، في تصريح مكتوب: “لا تزال الجماهير الإسلامية في العالم كله، تستذكر حريق الأقصى المشؤوم الذي وقع صباح الخميس في 21 أغسطس 1969، وذلك على يد المجرم (مايكل دنيس روهان) وعلى يد مجرمين آخرين لم يتم الكشف عنهم”.


وأشارت الهيئة الإسلامية العليا إلى أنها “وجهت حينئذ الاتهام بشكل مباشر لسلطات الاحتلال، وحملتها المسؤولية عن الجريمة النكراء”.


وأضافت: “لكن لا تزال الحرائق متلاحقة ومستمرة بحق الأقصى المبارك وبصور متعددة: من اقتحامات عنصرية غوغائية من الجماعات والأحزاب اليهودية المتطرفة، بدعم مباشر من الحكومة اليمينية، ومن الجيش الإسرائيلي بملابسه العسكرية أيضاً، ومن الحفريات التي تهدد أساسات المسجد القبلي الأمامي من الأقصى المبارك”.


كما نددت الهيئة الإسلامية بالتصريحات “المحمومة في هذه الأيام من مسؤولين إسرائيليين في الحكومة اليمينية المتطرفة ومن أعضاء الكنيست المتهورين، والتي تمس حرمة الأقصى المبارك، وتكشف عن أطماع اليهود فيه”.


المخاطر تتعاظم


بدورها، قالت دائرة الأوقاف الإسلامية: “بعد مرور خمسين عاماً على الحريق المشؤوم تزداد المخاطر التي تتهدد الأقصى بنيانًا وإنشاءً، فالحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى المبارك، وتحت جدرانه تهدده، والأنفاق التي تحفرها السلطات الإسرائيلية في البلدة القديمة من مدينة القدس هددت وتهدد المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية وتهدد سلوان ومسجد سلوان والبيوت الإسلامية في سلوان”.


وأضافت في تصريح صحفي: “البؤر الاستيطانية التي تزرعها سلطات الاحتلال في مختلف أرجاء المدينة المقدسة تهدد الوجود العربي الإسلامي في القدس، إنهم يستعملون كل الوسائل الإجرامية في سبيل إخراج أهل القدس من مدينتهم؛ فتزوير الوثائق يتم في أروقة المحاكم ومكاتب المحامين بدعم من سلطات الاحتلال، وأعمال البلطجة تتم في وضح النهار وتستهدف المجاورين للحرم القدسي قبل غيرهم”.


وأشارت دائرة الأوقاف إلى أن مجموعة الكُنُس (دور العبادة اليهودية) التي زرعتها “إسرائيل” وتخطط لزراعتها في منطقة “الواد” في محيط الأقصى “تستهدف كل وجود عربي إسلامي في القدس، ومنع المسلمين من الوصول الى المسجد وتفريغه من المسلمين، وجعله متحفاً أثرياً لزيارة الغرباء”.


وقالت إن سلطات الاحتلال تعرقل “أعمال الترميم الضرورية في المسجد الأقصى، وتفرض القوانين الإسرائيلية عليه، وتسلب الأوقاف الإسلامية صاحبة الحق الشرعي في صيانته وترميمه وإدارته، صلاحياتها”.


ويخشى الفلسطينيون من أن يكون تزايد الاقتحامات للمسجد مقدمة لتقسيمه زمانيا ومكانيا، وهو ما لا تخفيه جماعات يمينية إسرائيلية وأيضا مسؤولون ومشرعون إسرائيليون.


وفي هذا الصدد، أكدت الهيئة الإسلامية العليا أن مساحة الأقصى، هي 144 دونماً (الدونم الواحد ألف متر مربع) تشمل المسجد القِبلي الأمامي، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمصلى المرواني، ومصلى باب الرحمة، وكذلك المساطب واللواوين والأروقة والممرات والآبار والبوابات الخارجية وكل ما يحيط بالأقصى من الأسوار والجدران الخارجية بما في ذلك حائط البراق.


وقالت إن هذا المسجد هو “للمسلمين وحدهم بقرار رباني إلهي من الله عزّ وجل، وهو يمثل جزءاً من إيمان ما يقارب ملياري مسلم في العالم”.


وأضافت: “لا علاقة لغير المسلمين بهذا المسجد لا سابقاً ولا لاحقاً، كما لا نقر ولا نعترف بأي حق لليهود فيه، ونستنكر ونرفض الاعتداءات التي يقوم بها اليهود من اقتحامات متوالية لرحاب الأقصى التي هي جزء منه”.


وثمنت القرارات التي أصدرتها منظمة “يونسكو” مؤخراً، ومنها أن المسجد الأقصى “خاص للمسلمين وحدهم، ولا علاقة لليهود به، وأن مدينة القدس مدينة محتلة، وأن إجراءات سلطات الاحتلال بحق المدينة هي إجراءات باطلة وغير قانونية، مع الإشارة إلى أن مدينة القدس تم وضعها على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر في ظل الاحتلال منذ عام 1981”.


وفي إشارة إلى محاولة حكومة “تل أبيب تمرير قرارات قضائية إسرائيلية، تمس من سلطات دائرة الأوقاف الإسلامية في المسجد، قالت الهيئة الإسلامية: “إن المسجد الأقصى أسمى من أن يخضع لقرارات المحاكم ولا الحكومات، وهو غير قابل للمفاوضات ولا المقايضات ولا التنازلات، كما أن الأقصى غير خاضع للبيع”.
ووجهت الدعوات إلى الدول العربية والإسلامية لـ “تحمل مسؤولياتها تجاه المسجد”، وإلى المسلمين لـ “شد الرحال الى المسجد”.


وأضافت: “يتوجب على الحكومات في العالم العربي والإسلامي أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه القدس والأقصى المبارك، وأن يتداركوا الموقف قبل فوات الأوان، ولات ساعة مندم، والله عزّ وجل سيحاسب كل من يقصر بحق القدس والأقصى”.

Share
  • Link copied
المقال التالي