قال الباحث في الشؤون الإسبانية عبدالعالي بروكي إن العلاقات الثنائية المغربية الاسبانية ما تزال في أحسن أحوالها، ويعكسها التبادل التجاري الذي يربط البلدين، خاصة في ظل ظروف الجائحة التي زعزعت وغيرت كل الأجندات الدبلوماسية والسياسية في كل العالم.
وأشار عبدالعالي بروكي في حوار مع جريدة بناصا إلى أن تأجيل القمة الثنائية الرفيعة المستوى لمرتين بين البلدين، راجع إلى ظروف الجائحة من جهة، والموقف الاسباني “المتصلب” بخصوص مغربية الصحراء قد يكون كذلك من بين الأسباب في تأجيل القمة من جهة ثانية.
وبخصوص توجس الإسبان من تقارب الرباط وواشنطن أوضح المتخصص في الشأن الإسباني أن المغرب باعتباره الجار المباشر لإسبانيا والحدود المباشرة للاتحاد الأوروبي هو دائما مصدر قلق في بعده الجيوسياسي بالنسبة لإسبانيا، وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون المغرب حاضرا في كل المخططات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية لإسبانيا.
وقال إن المغرب أرسل إشارات عديدة لإسبانيا بخصوص القضية الترابية، ليس فقط من خلال الرسالة الأخيرة المتعلقة بالسفارة والمنظمات الألمانية، ولكن كذلك من خلال العديد من الاتفاقيات التي يوقعها مع مختلف الدول الراغبة في الاستثمار بمنطقة الصحراء المغربية.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
تجمع تقارير صحفية على أن مدريد لا تنظر بعين الرّضا إلى تزايد التنسيق الميداني والعسكري بين واشنطن والرباط. لماذا في نظركم يتوجس الاسبان من هذا التقارب؟
لا يجب أن ننسى أن المغرب باعتباره الجار المباشر لإسبانيا والحدود المباشرة للاتحاد الأوروبي هو دائما مصدر قلق في بعده الجيوسياسي بالنسبة لاسبانيا، وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون المغرب حاضرا في كل المخططات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية لاسبانيا. أما فيما يخص توجس الاسبان من التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة، فلا يجب أن ننسى أن إسبانيا كذلك يربطها عقد بواشنطن يتضمن مجموعة من المناورات بقادس وروتا، وسينتهي هذه السنة، ويذر هذا العقد على إسبانيا 444 مليون يورو ويضم 8000 عسكري منها 3000 أمريكي. كما أن إسبانيا هي حليف استراتيجي كذلك للولايات المتحدة وهو الوضع الذي توطد منذ الحرب على العراق. إضافة إلى أن التعاون العسكري والمناورات المغربية الأمريكية من خلال الأسد الإفريقي بدأت منذ سنوات ولا أظنها ستتأثر بانتهاء أو استمرار العقد الاسباني الأمريكي بهذا الخصوص، والعكس صحيح.
هناك من يقول إن العلاقة بين إسبانيا والمغرب لم تعد تمر بأفضل أوقاتها، مُسْتَدِلًّا بالقول إنّ القمة الثنائية رفيعة المستوى بين الرباط ومدريد والتي كانت مقررة في 17 دجنبر، لم تعقد إلى الآن، إلى أي حد تعتبر هذه القراءة صحيحة؟
أظن أن العلاقات الثنائية المغربية الاسبانية ما تزال في أحسن أحوالها، ويعكسها التبادل التجاري الذي يربط البلدين، خاصة في ظل ظروف الجائحة التي زعزعت وغيرت كل الأجندات الدبلوماسية والسياسية في كل العالم. صحيح أن القمة الثنائية الرفيعة المستوى لم تعقد إلى يومنا هذا بعد تأجيل لمرتين، ومن الطبيعي أن تكون ظروف الجائحة من بين الأسباب كذلك لهذا التأجيل، غير أن الموقف الاسباني المتصلب بخصوص مغربية الصحراء قد يكون كذلك من بين الأسباب في تأجيل القمة. خاصة وأن البيان الذي صدر عن آخر اجتماع للبرلمان الإسباني ما زال يركز على ضرورة حل النزاع في الصحراء في إطار الأمم المتحدة بشكل يرضي جميع الأطراف. كما أن هذا البيان تضمن إشارة لم تكن معتادة في السنوات الأخيرة ، وهي أن إسبانيا لديها مسؤولية في الصحراء، خاصة وأنه منذ سنة 1976 صرح وزير الخارجية آنذاك مارسيلينو أوريخا للأمين العام للأمم المتحدة أن “إسبانيا، بدءا من الآن، لم تعد لديها أية مسؤولية دولية متعلقة بإدارة هذا الإقليم” (أي الصحراء المغربية).هذا التصريح مع خطورته هو حمال أوجه. فمن جهة هو إشارة للمغرب وأطراف النزاع على أن إسبانيا مستعدة لتكون جزءا في البحث عن الحل؛ غير أنه كذلك قد يكون إشارة للبوليساريو الذين يلحون دائما على أن إسبانيا يجب أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في الصحراء، وهذا لن يزيد إلا من تعقيد الأمر على إسبانيا في علاقتها بقضية الصحراء المغربية.
إلى أي حد يمكن اعتبار الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الرباط وبرلين إشارة للحكومة الإسبانية للابتعاد عن موقفها التقليدي بخصوص قضية الصحراء المغربي؟
أظن أن المغرب أرسل إشارات عديدة، ليس فقط من خلال الرسالة الأخيرة المتعلقة بالسفارة والمنظمات الألمانية، ولكن كذلك من خلال العديد من الاتفاقيات التي يوقعها مع مختلف الدول الراغبة في الاستثمار بمنطقة الصحراء المغربية. وهو نفس الأمر الذي ركزت عليه مجموعة من الصحف الاسبانية مؤخرا والتي تعاتب حكومتها على تعنتها في الوقت الذي ستستفيد فيه مجموعة من الدول من الفرص التي يمنحها المغرب للمستثمرين الأجانب في هذه المناطق.
ماهي السيناريوهات المحتملة بين البلدين خصوصا أن أصوات داخل إسبانيا لا زالت تعلن عداءها لقضية الوحدة الترابية؟
الأصوات المعادية للمغرب ليست بالأمر الجديد، وهذا مرده إلى سببين أساسيين، أولهما التعاطف الإيديولوجي الأعمى مع ما كان عليه البوليساريو في وقت سابق، أثناء الحرب الباردة عندما اصطف إلى جانب الدول الاشتراكية أو الشيوعية ذات المد الثوري، وثانيهما مرتبط بالتعاطف الاجتماعي من طرف منظمات المجتمع المدني، الذي يوفر لأبناء الصحراويين في تندوف ما يسمى “عطلة في سلام”، أي أنهم يعتقدون أن هؤلاء الأطفال يعيشون في حرب دائمة وأنه من حقهم أن ينعموا بالسلم في العطلة الصيفية، لهذا نجد أن التعاطف المجتمعي يرجع لأسباب عاطفية مرده الجهل الكبير بحقيقة الوضع في المنطقة، وهو ما تساهم فيه العديد من وسائل الإعلام التي تصور المشهد على أنه حرب دائمة وتصور المغرب على أنه محتل للصحراء.
تعليقات الزوار ( 0 )