Share
  • Link copied

خبير: إسرائيل لن تنجح في تحقيق أهداف تجسير العلاقات مع الشباب المغربي

صوبت الآلة الإعلامية الإسرائيلية الضخمة مدفعيتها، أخيراً، نحو عقول الشباب المغربي، مباشرة بعد استئناف العلاقات المغربية بين الرباط وتل أبيب، من أجل تسويق صورتها كمركز إشعاع حقيقي لدولة عصرية متقدمة، وأنها فضاء بديل لفرص الشغل والهجرة.

وتقوم الحكومة الإسرائلية، بتسخير قُدراتها التكنولوجية والمادية والبشرية لجذب تعاطف الملايين من العرب والمسلمين، من خلال صفحاتها الناطقة باللغة العربية على جميع منصات التواصل الاجتماعي التي تنتشر بشكل فيروسي من المحيط إلى المحيط.

إستخدام القوى الناعمة والقوى الصلبة

وفي هذا الصدد، يرى الدكتور محمد عبد الوهاب العلالي، منسق ماستر التواصل السياسي والاجتماعي بالمعهد العالي للاعلام والاتصال، “أن الاستراتيجية الإسرائيلية لنشر صورتها في العالم تقوم على إستخدام القوى الناعمة والقوى الصلبة في نفس الوقت”.

وأضاف العلالي، في تصريح لـ”بناصا”، “أنه توجد محفزات قوية في التراث الثقافي الحضاري المغربي يتم إخراجها من سياقها التاريخي واستثمارها للتأثير على الأجيال الجديدة من الشباب المغربي”.

وأوضح المتحدث ذاته، “أن هناك مؤسسات إسرائيلية متخصصة تواكب التحولات الجارية بالمنطقة العربية وتضع ضمن أعينها فئات الشباب من الجيل الجديد العربية ومنها الوصول إلى الأجيال الجديدة من الشباب المغربي”.

وتابع منسق ماستر التواصل السياسي والاجتماعي بالمعهد العالي للاعلام والاتصال، “أن الهدف هو إسقاط القضية الفلسطينية من اهتمامات الشباب وتكريس أمر الواقع بقبول التعامل مع إسرائيل دون الأخذ بعين الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة غير القابلة للتصرف وحل الدولتين ووقف الإستيطان وإنهاء الحصار على غزة”.

“ومن الطبيعي أن المؤسسة الاسرائيلية المعنية بالموضوع تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات والتطبيقات المختلفة المرتبطة بها لتحقيق أهدافها، خاصة إذا علمنا، أن هذه المنصات تستأثر باهتمام شريحة الشباب بالأساس في مختلف المجتمعات المعاصرة”. يردف العلالي.

وشدّد، على أنه “لتحقيق تواصل فعال للقرب من خلال خطابات وصور مرافقة تعتمد اللسان العربي والدارجات العربية المختلفة منها الدارجة المغربية المستخدمة من لدن فئات واسعة من اليهود المغاربة كجزء من الذاكرة اليهودية المغربية المشتركة”.

وزاد، أن “استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، يبرز كآلية من آليات القوى الناعمة في السياسة الخارجية الإسرائيلية وإستثمار المكون اليهودي في الثقافة المغربية كمكون تاريخي ثقافي حضاري عميق لتحقيق أهداف براغماتية عملية راهنة لإسرائيل”.

واسترسل، أن “إسرائيل ترغب في التأثير على أوساط الشباب المغربي وإكساب الرأي العام الشبابي والأجيال الجديدة التي لم تعايش المراحل القاسية للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ولا تمتلك تمثلات قوية في ذاكرتها عن حقائق الصراع العربي الصهيوني”.

تسويق صورة إسرائيل وإغواء عقول المغاربة

وأكد العلالي، “أن إسرائيل تسعى إلى تسويق صورتها كمركز إشعاع حقيقي لدولة عصرية متقدمة ضمن رغبة لاستثمار النموذج الإسرائيلي للتنمية وتسويق صورة مفادها أن التعاون مع اسرائيل يعني التعاون مع دولة تكنولوجية تمتلك تكنولوجيا متقدمة وفضاءا بديلا لفرص الشغل والهجرة”.

تبعا لذلك، لفت المتحدث إلى أن “التركيز على نشر صور عن المدن والشواطئ والمنتجعات الإسرائيلية، يأتي بهدف إبراز بعض مظاهر التنمية التي تعرفها مقارنة مع فضاء عربي يعاني، في جزء كبير منه، من الهشاشة والضعف والتخلف، فاعتماد الهيئات الإسرائيلية المعنية على الصورة كرسالة إعلامية لها تأثيرات كبرى على المتلقي”.

“وكما يقول المثل الصيني “الصورة أبلغ من ألف كلمة”، فإن فالصورة لها تأثيرات وإيحاءات قوية على عقول ومشاعر الأجيال الجديدة من الشباب ممن تعوزهم المعرفة التاريخية الدقيقة حول مجازر قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ وعد بلفور وبعده منذ تقسيم فلسطين سنة 1948”.

وأبرز العلالي، “أن اعتماد ذلك في نطاق ثنائية الترغيب والترهيب، فأساس الاستراتيجية الإسرائيلية لنشر صورتها في العالم يقوم على المزج بين إستخدام القوى الناعمة والقوى الصلبة في نفس الوقت”.

وأضاف، أن “أساس الاستراتيجية الإسرائيلية في العالم وفي علاقتها الدولية التي تعتمد على المزج بين توليفة تستخدم القوى الناعمة والقوى الصلبة، بمعنى أنها تستثمر بعض جوانب التعامل الدولي في العلوم والمعرفة والتكنولوجيا والصحة والتنمية للتسويق لمشروعها كدولة متوسطة قادرة أن تعين الدول المتوسطة ودول أحرى مماثلة”.

تكييف الدعاية الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي مع الشروط المغربية

ومن جهة أخرى، يرى العلالي، “أن اعتمادها على القوى الصلبة وإبراز صورة الجندي الإسرائيلي المدجج بالأسلحة، هو تعبير عن توجه ثابت للقيادة الإسرائيلية الحالية القائمة على فرض مقدرتها العسكرية وقوتها بالأولوية كما يثبت ذلك تاريخ المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني لحوالي مائة سنة الماضية ضاربة كل القيم والأعراف والقوانين الدولية”.

وأوضح الخبير في التواصل السياسي، “أن تجليات هذا الاختراق واضحة لسياسة استخدام القوى الناعمة الإسرائيلية واعتمادها على الأدوات الثقافية، وهو ما يعني اعتماد البعد الثقافي وتكييف الدعاية الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي مع الشروط المغربية لاستهداف الشباب المغربي”.

“وتسعى الآلة الإعلامية الإسرائيلية، إلى كسب قلوب الأجيال الجديدة ومحاولة تغيير صورتها من كيان احتلال لأراضي الشعب الفلسطيني ومسؤوليتها عن جرائم تشريده من أرضه كمقدمة للدعوة لقبول الصيغة الصهيونية عن تصور إسرائيل للتاريخ وتاريخ المنطقة، وقبول الأساطير العنصرية الصهيونية”.

وأضاف العلالي، “أن هذا يحدث مع وجود محفزات قوية في التراث الثقافي الحضاري المغربي، ويتم إخراجها من سياقها التاريخي واستثمارها للتأثير على الأجيال الجديدة من الشباب المغربي، موضحا أن العناصر الراسخة للتعددية والتسامح والعيش المشترك القائمة في التراث اليهودي المغربي للتعايش بين المسلمين واليهود عبر مراحل طويلة من التاريخ يتم إخراجها من سياقها التاريخي الخاص”.

وتابع، أن “الدوائر العاملة في المراكز الإسرائيلية تستثمر للتأثير على الأجيال المختلفة للشباب المغربي، بهدف عزله، وتحييده عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ومحاصرته للابتعاد عن المشاركة في كل أشكال التضامن العربي”.

وأشار الخبير في التواصل السياسي والاجتماعي، إلى “أن كل هذه المساعي والجهود الإسرائيلية لن تنجح في تحقيق أهداف تجسير العلاقات مع الشباب المغربي الذي عبر على الدوام عن تضامنه المطلق مع الشعب الفلسطيني من إحقاق حقوقه على أرض الواقع وتنديده بدولة الاحتلال”.

Share
  • Link copied
المقال التالي