شارك المقال
  • تم النسخ

خالد الجامعي.. رحيل آخر رجل من الجيل الأول الذي كان يسمي الأشياء بمسمياتها

“غادرنا الصحفي الكبير ورجل المواقف خالد الجامعي”.. “رحم الله قيدوم الصحافيين، سيذكره التاريخ أنه كان واحدا من كبار الصحافيين المغاربة وأجرئهم” .. “وداعا أيها الشهم الذي لا يخاف ولا يخشى في قول ما يراه صحيحا مهما كلف الأمر”.

بهذه العبارات وغيرها نعى عدد من الصحافيين والإعلاميين والفنانين، الصحافي والمحلل السياسي خالد الجامعي، الذي وافته المنية صباح يومه (الثلاثاء) عن عمر ناهز 75 سنة، وذلك بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان، حيث لفظ أنفاسه الأخير بمنزله الكائن بالرباط.

وكافح خالد الجامعي، قيد حياته، كافح وناضل باستماتة في مهنة وعرة التضاريس وفي حقل مليء بالألغام، متمسكا بمواقفه السياسية تحت مظلة حزب الاستقلال، يسمي الأشياء بمسمياتها، وبدارجة مغربية متمردة لا يخاف في الحديث بها لومة لائم.

وفي سنة 1968 وبعد فترة من التحاقه لمتابعة دراساته العليا بكلية الآداب بالرباط، انتقل قيدوم الصحافيين المغاربة للعمل في ديوان وزير الثقافة حينها محمد الفاسي.

وفي سنة 1973 خير الراحل بين العمل في ديوان الوزير عبد القادر الصحراوي، أو الالتحاق بجريدة  “لوبينيون” ففضل العرض الثاني، ليبدأ بعد ذلك مباشرة مسيرة طويلة مع مهنة المتاعب.

وشغل الراحل منصب رئيس تحرير جريدة “L’opinion” حينها هو والراحل محمد برادة المعروف بمواقفه السياسية الصلبة، ومنه اكتسب الراحل الجامعي بعض قواعد المهنة وممارساتها.

وجريدة “L’opinion” التي تأسست سنة 1962 كانت تحمل في البداية اسم “الأمة الإفريقية”، قبل أن تتحول إلى الاسم الجديد الذي اختير لها “الرأي” لتعكس اختلاف الآراء وتضاربها داخل مجتمع يتوق الى التنوع والانفتاح. 

رجل شجاع آخر ينقص من القائمة

وفي هذا الصدد قال الأستاذ مصطفى لمودن وصاحب كتاب “خيول لا تصهل”، أن خالد الجامعي ظل، قيد حياته محط احترام، لم يهادن من أجل التعبير عن أفكاره، وبدوره نال نصيبا من السجن، ابن بوشتى الجامعي المقاوم، كان لديه أهم رأسمال هو الانحدار من هذه السلالة.

وأضاف في حديث مع “بناصا”، أن الراحل وجد في الصحافة ضالته، واستمر يدلي بالتصريحات الصحفية كلما طلب منه ذلك، سكن فوق مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وذلك أتاح له الاتصال بطينة أخرى من المواطنين، والاحتكاك بقضايا حقوقية مختلفة.

وأشار لمودن، إلى أن أب جامعي آخر هو الصحفي بوبكر من ضمن فتية اعتقدوا أن الصحافة الجادة والمحترفة يمكن أن تساهم في بناء الوطن، لا يهم هل أخطؤوا الحسابات، الأساسي أن تلك التجربة أصبحت من الماضي، مردفا” “للأسف رجل شجاع آخر ينقص من القائمة، إنه الفقيد خالد الجامعي”.

عبد الله الشيخ كاتب وأستاذ باحث في علوم التواصل والإعلام، قال إن خالد الجامعي رمز من رموز المشهد الإعلامي التنويري بالمغرب، وتمرس على المقاربة الميدانية للخبر وعلى المنهجية الإستقصائية، ويعتبر قيد حياته من كتاب صحافة الرأي المشهود لهم بالموضوعية والنزاهة.

وأوضح الباحث في علوم التواصل والإعلام في تصريح لـ”بناصا” أن كتابات الراحل مازالت بمنبري لوبنيون ولوجورنال تحظى بقيمتها المرجعية الرصينة وبوعيها النقدي الهادئ والنفاذ.

وأضاف، أذكر اللقاء المفتوح معه بكلية الٱداب والعلوم الإنسانية بنمسيك في إطار وحدة التكوين والبحث “التواصل والإشهار” الذي كان مناسبة لاستحضاره لقيم المواطنة والحداثة والإفصاح عن التزامه المبدئي بالانخراط في الورش الديموقراطي المفتوح بتؤدة وتبصر و وفراسة.

وأشار عبد الله الشيخ، إلى أن خالد الجامعي، سيظل من أيقونات الإعلام الحر والمستقل والنبيل”.

من جانبه، كتب الفنان لحسن بختي، تدوينة جاء فيها: وفاة رجل لم يعرف النفاق أو المداهنة، الصحافي المغربي خالد الجامعي الذي قال: “الصحافة هي أن تكتب ما لا يريد شخص ما منك أن تكتبه، كل ما عدا ذلك علاقات عامة”.

هل مات هذا الرجل حقا؟

بدوره، تساءل الأستاذ والكاتب المغربي حسن عبيدو “هل مات هذا الرجل حقا رحم الله الأستاذ خالد الجامعي كان يسمي الأشياء بمسمياتها؟ .

وأضاف، “كان بسيطا عميقا منسجما في خطابه، رجلا لا شبيه له بجسم الصحافة المغربية، رجلا يعرف معنى الكلمة متى صدع بها المثقف وهو يرسم حقيقة ما يقع دون أن يلونها حتى يفهم منها الشيء ونقيضه كما يفعل بعض الجبناء من الساسة والصحفيين والمثقفين.

وزاد آخر، خالد الجامعي رحمة الله عليه عندما كان عضوا في اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال في زمن الكبار المحترمين، كان يجوب المغرب طولا وعرضا في نهايات الأسبوع تلبية لدعوات هنا هناك.

وتابع، قلما كان يتخلف عن حضور ندوة أو يعتذر عن تأطير نشاط، وكانت جرأته وقوة خطابه وطريقة تحليله للأوضاع السياسية في المغرب تجلب الجمهور وتملأ القاعات حتى يصبح فيها الواقفون أكثر من الجالسين.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي