تواصل فضائح فريد زين الدين بن الشيح، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني الجزائري، في التفجّر تباعاً، حيث كشف موقع “ألجيري بارت”، الذي يديره الإعلامي عبدو السمّار، عن مجموعة من الوثائق التي تعرّي الماضي الأسود للمسؤول الأول عن الشرطة في الجارة الشرقية.
ويعتبر بن الشيخ، واحداً من كبار القادة في الجزائر، وعضواً فاعلاً في مجلس الأمن الأعلى للدولة، الذي يعدّ الهيئة الأكثر حساسية في الجزائر، وسبق للقاءاته المشبوهة، بطريقة غير مباشرة، بعدد من مسؤولي الاستخبارات الفرنسية، أن أثارت الشكوك وسط الجارة الشرقية، ودفعت المخابرات الخارجية لفتح تحقيق في الموضوع، حتى قبل أن تنفضح علاقات المسؤول الأول عن الشرطة، بفرنسا، والحياة الموازية التي يعيشها في البلد الأوروبي.
أنشطة تجارية سرية في باريس
وكشف موقع “ألجيري بارت”، أن بن الشيخ، الذي عينه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في يوليوز 2020، مديرا عاماً للأمن الوطني، يمارس العديد من الأنشطة التجارية غير القانونية في فرنسا، خفية عن السلطات الجزائرية، منها شراؤه لفندق “l’Etoile”، المتواجد في شارع فيكتور هوغو، بباريس، والذي يحتوي على مطعم وبار.
وأضاف المصدر، أن بن الشيخ، اشترى الفندق، مع شقيقه عادل، دون أن يكون له أي تصريح إقامة في فرنسا، قبل أن يقوم لاحقا، بإضافة شخص آخر، من منطقة بجاية، يقطن في باريس، من أجل أن يتمكن من تحصيل الأرباح بـ”اليورو”، من خلال الشخص سالف الذكر، وبشكل سري دون أن يظهر في حساباته.
وتابع “ألجيري بارت”، أنه تتبع جميع المعلومات المتعلقة برجل الشرطة الأول في الجزائر، ورصد مختلف العمليات المالية التي أخفاها بعناية عن السلطات في قصر المرادية، والتي كانت آخرها في غشت الماضي، مبرزاً أن الأسوأ من هذا، أن بن الشيخ، يحظى بمكانة مثيرة للشكوك في الأراضي الفرنسية.
بن الشيخ يحصل على إقامة لـ 10 سنوات
الشخص الذي يفترض أنه مجرد مسؤول شرطة في الجزائر، يُدفع له بالدينار، هو في الحقيقة، شخص يعيش في عنوان أنيق للغاية في قلب العاصمة الفرنسية باريس، وبالضبط في ساحة بوليديو، بحي فيفيان في الدائرة الثانية، وهو المنزل الذي مكنه من الحصول على “الأوراق الفرنسية”.
وذكر المصدر، أن بن الشيخ، حصل على أوراق الإقامة الفرنسية، بين سنتي 2015 و2016، حين كان من المفترض أن يكون مفتش شرطة إقليمي في ورقلة، بالمنطقة الجنوبية الشرقية بالجزائر، قبل أن يتضح أن الشخص يمكنه العمل في ورقلة، والإقامة في أكثر الأحياء الباريسية فخامة.
وحسب المصدر نفسه، فإن القانون الجزائري، يحظر الأنشطة التي يقوم بها بن الشيخ، باعتباره واحداً من كبار مسؤولي الدولة، الذي يفترض أنه يشرف على مؤسسة أمنية حساسة للغاية، ويحضر اجتماعات المجلس الأعلى للدولة، أكثر هيئة حساسية، والتي تعدّ جميع الخطط المتعلقة بالدفاع، والأمن القومي.
إقامة فخمة.. وتدخل من وزارة الداخلية الفرنسية
واصل موقع “ألجيري بارت” كشف فضائح المدير العام للأمن الوطني، حيث قال إن بن الشيخ، المولود في 4 فبراير 1964، حصل على بطاقة إقامة فرنسية لمدة 10 نوات، تحمل الرقم GC64FNVLP، صادرة في تاريخ 2 ماي 2015، وتمتد صلاحيتها إلى غاية 1 ماي 2025.
وأوضح المصدر أن قائد الشرطة الجزائرية، ما يزال مقيما في باريس، وله عنوان في حي فهم للغاية، حتى مسؤولي الشرطة الفرنسية لا يستطيعون تحمل تكاليف السكن فيه، حيث تتجاوز الأسعار 1500 يورو للغرفة الفردية، و3000 يورو لغرفة مكونة من شقتين فقط، وهو ما يعني أن القاطن في المنطقة، يجب أن يدفع أكثر من هذا المبلغ.
واسترسل أن بن الشيخ، يقيم في هذا السكن، منذ سنة 2015، حين كان مفتشا إقليميا في المديرية العامة للأمن الوطني بورقلة، وحصل على الإقامة من خلاله، مبرزاً أن نيله لأوراق الإقامة، غير قانوني تماما، من وجهة نظر القانون الفرنسي، ولابد من أنه حظي بتدخل من أعلى مستوى.
وأشار “ألجيري بارت”، إلى أن رئيس الشرطة الجزائرية، استعمل شقيقه عادل، رغم أنه لا يحمل سوى تأشيرة شنغن، ما يعني عدم قانونية امتلاك أي أنشطة اقتصادية على التراب الفرنسي، متابعاً أن شقيق فريد، كان المسؤول عن جميع الأموال في فرنسا، باعتباره مواطنا بسيطا، عكس شقيقه المسؤول الأمني.
وأردف أن فريد، باع جميع اسمه في فندق النجم، لأخيه عادل، ما أدى إلى اختفاء اسمه من النظام الأساسي للشركة، غير أنه استمر في الواقع، في جني الأرباح باليورو، قبل أن يعملاً مؤخرا، وبغية الاستفادة من أعمالهما في فرنسا، في ظل تراكم النقد غير المصرح، به، بإبعاد شريكهما الثالث، واستبداله بشخص جديد، مقابل 120 ألف يورو.
زواج وهمي.. وفرنسا تسحب تصريح الإقامة
بعد ذلك، عادت “ألجيري بارت”، لتُصحّح معلومة بناء على وثائق سرية حصلت عليها من الإدارة العامة الفرنسية، والمتعلقة بسحب السلطات للإقامة من بن الشيخ، في سنة 2019، بسبب تزوير يتعلق بزواجه الوهمي الذي عقده سنة 2015، من مواطنة هولندية، للحصول على الإقامة.
وأبرز أن السلطات الفرنسية، قامت في 8 غشت 2019، بسحب تصريح الإقامة من بن الشيخ، بسبب زواج احتيالي، من مواطنة هولندية تدعى مارغريتا لودوفيك ماريا، ولدت في فرنسا في 6 دجنبر 1994، قبل أن يتضح لاحقا، بعد تحقيق أجرته الشرطة الفرنسية، بأن الأمر يتعلق بـ”زواج أبيض”، وهو ما يعاقب عليه القانون.
ويعتبر هذا النوع من الزواج، الذي يسمى أيضا بـ”زواج المصلحة”، جريمة في فرنسا، تعاقب عليها المادة L623-1، من قانون دخول الأجانب والحق في اللجوء، بالسجن لـ 5 سنوات وغرامة تصل لـ 15 ألف يورو، إلى جانب عقوبات إدارية منها سحب تصريح الإقامة.
عميل فرنسي يقود الشرطة الجزائرية
لم يتوقف “ألجيري بارت” عند هذا الحدّ، حيث كشف أن فريد زين الدين بن الشيخ، كان متعاونا منتظما مع وزارة الداخلية الفرنسية، حيث وقع رئيس الوزراء الفرنسي، عدداً من المراسيم في سنتي 2013 و2014، تؤكد أن المدير العام للأمن الوطني الجزائري، اختير من قبل فرنسا، للاستفادة من التدريب فائق الدقة والحساسية في مجال الأمن.
وأورد المصدر، أن التدريب يقدمه المعهد الوطني للدراسات المتقدمة في الأمن والعدالة، الذي تشرف عليه وزارة الداخلية، ويقدم تدريبات لنخبة من الأجهزة الأمنية والقضائية في فرنسا، في قضايا الأمن والعدالة والاستخبارات الاقتصادية وإدارة الأزمات والأمن السيبراني.
وحتى قبل الاستفادة من هذا التدريب، يضيف المصدر، وحين كان بن الشيخ يشغل منصب رئيس الأمن بولاية جيجل داخل المديرية العامة للأمن الوطني، حمل لقب مدقق حسابات مركز الدراسات المتقدمة بوزارة الداخلية الفرنسية، وهي مؤسسة لتدريب النخبة الفرنسية، التابع للداخلية.
وما يؤكد هذه المعلومات، حسب “ألجيري بارت”، هي المراسيم الصادرة في الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية، لسنتي 2013 و2014، والتي تتضمن أن المدير العام للأمن الوطني الجزائري، كان متعاونا منجذبا للدولة الفرنسية، مشيرةً إلى أن المؤسسة التي كان ينتمي لها بن الشيخ، تعمل على تعزيز معرفة مدراء الأمن والجيش بوزارة الداخلية الفرنسية.
ووفق المصدر، فإن الوصول إلى هذه المؤسسة الحساسة، يتطلب رعاية من أعلى مستويات السلطة في فرنسا، وهو بالضبط ما حصل عليه بن الشيخ، الذي حافظ على لقاءات منتظمة مع ضباط المخابرات الفرنسية، ومسؤولي الشرطة، ومنهم مسؤولين أمنيين في السفارة الفرنسية بالجزائر.
تعليقات الزوار ( 0 )