Share
  • Link copied

“حوارات جامعة فاس” تستضيف رئيس برلمان “البيجيدي”

واصل مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، سلسلة حواراته مع الفاعلين السياسيين لغاية انفتاح الجامعة على محيطها، وبهدف تجسير الهوة بين الجامعة والمجتمع عبر خلق فضاء للنقاش والتواصل مع مختلف الفاعلين الاجتماعيين، وذلك من خلال استضافة قادة أحزاب سياسية لمحاورتهم عن قرب وطرح الأسئلة الجوهرية ذات الصلة بالتحديات التي تطرحها المرحلة الراهنة، حيث استضاف في حواره الثالث، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، والذي قدم تصور حزبه لطبيعة السياق الوطني ومواقفه من العديد من القضايا المطروحة للنقاش العمومي، بما في ذلك، قضايا المرأة، والقاسم الانتخابي، والتحضير للانتخابات.

وقد نظم الحوار الثالث من سلسلة حوارات الجامعة بمركز التكوين والندوات التابع لجامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، يوم الأربعاء 14 أبريل 2021 على الساعة الثانية بعد الزوال، حيث تميز هذا اللقاء الأكاديمي بحضور الدكتور رضوان المرابط، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله/فاس، كما افتتح بكلمتين لكل من الدكتور محمد بوزلافة عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، والدكتور سعيد الصديقي، مدير مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، لتنطلق محاورة رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية من طرف كل من الدكتور نبيل الزكاوي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والدكتور فؤاد أعلوان، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بفاس.

حيث تركزت أسئلة الحوار بشكل أساسي حول المرجعية الإسلامية للحزب، وتجربة الحزب الحكومية، والانتخابات المقبلة، وتقييم حصيلة الحزب، والمستقبل السياسي للحزب؛ علاقة بذلك، أكد رئيس المجلس الوطني، بأن حزب العدالة والتنمية هو حزب سياسي وليس دينيا، يمارس ويقارع بآليات السياسة وفق ما تحدده وثائقه المرجعية، لكن الحزب له مرجعية إسلامية، وهذه المرجعية هي مرجعية أمة، وهي مرجعية الدولة قبل أن يتبناها الحزب، إذ لا يمكن أن تتقدم أي أمة إلا بناء على ثقافتها وثوابتها، ولهذه المرجعية الرصيد القيمي الممكن أن يستفاد منها في العمل السياسي، لذلك لابد من أن تكون الممارسة السياسية منسجمة مع ثقافة الشعب، بما في ذلك استلهام مجموعة من المقاصد التي تلح عليها المرجعية الإسلامية كالكرامة والتضامن والعزة.

علاوة على ذلك، قال الأزمي بأن حزب المصباح مبني على الحرية والمسؤولية في ممارسته السياسية، إذ لم ينف بأن الحزب انتقل من مستوى إلى آخر، وذلك راجع إلى أنه انتقل من المعارضة إلى الأغلبية، فقد مر في تطوره من مراحل متعددة، لهذا فإن مرحلة الانتقال هاته، كان لابد من أن يتبعها تغير في طبيعة قرارات الحزب، بما يعني ذلك بأنه قد يتخذ قرارات لا تتواءم مع مرجعيته، لكن المصلحة العليا للبلاد هي فوق كل اعتبار، وقناعة الحزب هي أنه حتى وإن تأثر الحزب فمصلحة البلاد أولا، كما أكد بأن هناك بعض القضايا يكون اتخاذ القرار بشأنها داخل الحزب صعبا، لهذا كان الغاية من رسالة الاستقالة التي بعثها للحزب بصفته رئيسا للمجلس الوطني – قبل أن يعدل عنها – هي إثارة الانتباه للقيادة بأن للحزب روحه وينبغي المحافظة على هذه الروح، مؤكدا بأنها كانت بمثابة نقطة نظام.

وفي معرض أخر من النقاش، ألح على أن شبيبة المصباح لها الآثار على قرارات الحزب، فهي التي توجه البوصلة، وحينما تقلق الشبيبة فإن أمرا ما يكون على ما لا يرام، لكن رغم احتجاجات الشبيبة على بعض قرارات الحزب، فإنه يتم الاستماع إليها وإدراج مقترحاتها ضمن أشغال المجلس الوطني، إلا أنه لا يؤخذ دائما بكل ما تقترحه الشبيبة، نموذج مطالبتها بعقد مؤتمر استثنائي ونحن على مشارف الانتخابات، حيث تم رفض هذا الطلب من المجلس الوطني للحزب.

وجوابا على الأسئلة المتعلقة بموقف الحزب من المرأة، فقد أكد بأن حزب المصباح كان طرفا رئيسيا في إصلاح مدونة الأسرة، كما دافع رئيس المجلس الوطني على موقف حزبه القاضي بأنه لن يقبل ببعض القضايا احتراما لمرجعية الحزب التي تتناغم وتتناسق مع مرجعية الدولة، لأن “المتعارف عليه عالميا” لا يعني بأن نتخلى عن المرجعية الإسلامية، فهذه الأخيرة هي جزء من المرجعية العالمية لحقوق الإنسان، خصوصا إذا ما استحضرنا بأن هناك أكثر من مليار مسلم في العالم، بموازاة مع ذلك، أقر بأن المنظمة النسائية للحزب هي من أكثر المنظمات نشاطا وحيوية داخل الأجهزة التنظيمية، فالمرأة لها مكانتها وتقوم بدور مهم داخل الحزب، ليثير الانتباه إلى أن الحزب تطور كثيرا في مواقفه من المرأة.

من جانب آخر، انتقد رئيس برلمان المصباح طبيعة النقاش المغلوط بشأن الانتقادات للحكومة، فالنظام السياسي المغربي من منظوره مبني على أسس مختلفة، فهناك توجيهات ملكية لرئيس الدولة، بالمقابل هناك مؤسسة رئيس الحكومة التي تشتغل داخل هذا النسق السياسي، وحينما يتم المقابلة بين المؤسستين فإن ذلك يتم بشكل مغلوط، كما أكد على أن دستور 2011 أضاف مجموعة من الاختصاصات للسلطة التنفيذية (الحكومة)، إلا أن الإشكال يكمن بدرجة أساسية في الممارسة السياسية للمعارضة، فهذه الأخيرة لا تقوم بدورها، حيث لا تضغط من أجل أن تمارس الحكومة لكامل اختصاصاتها.

أكثر من ذلك فالمعارضة – حسب قوله – تلعب دورا معاكسا للاختيار الديمقراطي، كما أكد بأن الحزب لا يدعي بأنه حقق كل ما جاء في برنامجه الانتخابي ولا وفى البرنامج الحكومي، موضحا بالقول بأنه “بقدر ما هناك اعتزاز بالحصيلة على المستوى السياسي، بقدر ما هناك قلق”، إلا أنه دافع على حصيلة حزبه طيلة الولايتين، موضحا بأنه حقق بعض الانجازات المهمة والإصلاحات التي أنقذت البلد من تقويم هيكلي جديد، خاصة في الشق الاقتصادي والاجتماعي، وهذا في نظره كان مؤشرا إيجابيا، إذ بفضله استطاع المغرب أن يدبر فترة الجائحة بسلاسة، ليؤكد بأن حزبه كان له الدور في اعتبار المواطن كمركز للسياسة الاجتماعية.

علاوة على ذلك، أكد رئيس المجلس الوطني لحزب المصباح بأن المغرب لا يعرف جنة ديمقراطية، لكن بالمقابل ليس هناك ما يعرف بديمقراطية الواجهة، بل هناك تقدم بالبلد وديناميكية مجتمعية، فالمغرب هو بلد الاستثناء، لهذا فإنه يحتاج إلى أحزاب قوية ديمقراطية، ومستقلة في قراراتها، كما أن الحزب حريص على أن لا يلقى مصير سابقيه من الأحزاب التي تراجع إشعاعها بعد المشاركة الحكومية، أما بخصوص المستقبل، فإن نتائج الانتخابات هي التي ستحسم قرار الحزب بالمشاركة أم لا، فإن شارك فإنه سيشارك بكرامة، وإن عاد للمعارضة فإنه سيعود بكرامة وذلك في إطار احترام الأدوار المنوطة بالأحزاب التي ينص عليها الدستور.

وفي سياق حديثه عن الانتخابات، فقد أكد الأزمي بأن الحزب الذي يمثله يحترم قرار المحكمة الدستورية بشأن القاسم الانتخابي ولا مشكلة له مع قرارها، لكن لديه طعن سياسي، فالنظام الانتخابي يبنى في العادة على التوافق، إلا أنه لم يتم التوافق بشأن القاسم الانتخابي المعتمد حاليا، قائلا بأن هناك ردة في القاسم الانتخابي الحالي مقارنة مع الذي كان سائدا قبل 2011، لأن هذا الأخير كان مبني على الشفافية ومحاربة المال الانتخابي، وبالتالي فإن القاسم الانتخابي الحالي – من منظوره – لم يتم التوافق بشأنه، ويتسم بالردة، ثم سيكرس في الانتخابات المقبلة لثقافة المال الانتخابي.

ليعلق على السياق الانتخابي المقبل بالقول بأنه سيتسم بالعديد من التحديات التي تطرحها الجائحة على المستوى الداخلي (الفوارق الاجتماعية، التحديات الاقتصادية، الجهوية..) والخارجي (السياسة الخارجية للبلد…)، الأمر الذي يقتضي وجود حكومة قوية منسجمة، لكن باعتماد القاسم الانتخابي الحالي، فإن الأمر سيكون مختلفا، حيث سيصعب تكوين حكومة بعدد قليل من الأحزاب، بل سيتطلب عددا أكثر من الحالي، وهذا سيضع الحكومة أمام إشكالات عميقة ستؤثر على عملها بدون شك.

في ختام أشغال هذا اللقاء الأكاديمي، أكد الأزمي في معرض أجوبته على بعض القضايا المثيرة للجدل الوطني، على مرجعية حزبه الثابتة ومواقفه التي لا تتغير منها، ففي ما يخص إلغاء المادة 20 من مدونة الأسرة الخاصة بزواج القاصر، والإجهاض، ثم الإعدام والمساواة في الولاية بين الأب والأم، فإنه مع المرجعية الإسلامية في هذه القضايا، ومع التعديل شرط أن لا تتعارض مع المرجعية الإسلامية للحزب وبناء على التوجيهات الملكية، أما في ما يخص عدم مصادقة المغرب على نظام روما الأساسي فقد أكد بأنه سيستدرك لاحقا.

باحث في سلك الدكتوراه، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس

Share
  • Link copied
المقال التالي