Share
  • Link copied

حماة العمّال في زمن الكورونا

أقدمت الحكومة المغربية على تمديد حالة الطوارئ الصحية إلى غاية 10 يوليوز بمقتضى مرسوم 2.20.406، وقد أعلنت وزارة الداخلية بتقسيم تراب المملكة إلى منطقتين، منطقة 1 ومنطقة 2، حيث ستخضع كل منطقة إلى درجة تخفيف من التدابير المتعلقة بالطوارئ، كل حسب معطيات انتشار وباء كوفيد 19 فيها.

خلال الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة خلال هذا الأسبوع، وما صدر من تصريحات سابقة ولاحقة من قبل وزارة الصحة، تم الحديث بشكل كبير عن “البؤر المهنية” أو “البؤر الصناعية” التي خرقت كل الإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشار الكورونا، وسجلت بسببها عددا كبيرا من الإصابات.

هذه المقالة تحاول الجواب عن بعض “المسؤوليات”، التي طالبت الحركة الحقوقية والمهنيين والمهتمين، بضرورة استمرار عمل بعض مؤسسات الدولة المعنية بالحماية بها، رغم حالة “الحجر الصحي” لكون الحجر على الأفراد لا على الحقوق والحريات، وأن لا حق لهذه المؤسسات التي تتقاضى تعويضاتها ومصاريفها من أموال دافعي الضرائب في “العطالة” في زمن “استثنائي هش”، وإن “تعددت” هذه المؤسسات في المغرب، فإن التركيز سيكون على جهاز “مفتشي الشغل”.

بتاريخ 14 أبريل 2020 أصدرت المحكمة القضائية بمدينة “ليل” بفرنسا قرار رقم 20/00386 يتعلق بشكاية تقدم بها مفتش شغل بعد زيارته المفاجأة لأحد المحلات التجارية Carrefour Market، حيث سجل بتاريخ 7 أبريل من نفس السنة مراقبته لمدى التقيّد بالمعايير الضامنة للصحة وسلامة العاملين، وقد لاحظ:

  • في رواق عرض السلع، يوجد بعض العاملون بدون قفزات ولا يحترمون المسافات الآمنة بينهم وبين الزبناء وبينهم كعاملين.
  • لدى عمال صندوق الأداء، توجد إمكانية للزباء أن يتقدموا بشكل كبير أمام أوجه العمال من أجل طرح أسئلة أو الحديث في أمور ثانوية.
  • بكون العمال لا يستعملون بشكل جيد الكمامات.

المحكمة انطلقت من مدونة الشغل التي تفرض على المشغل تحمل المسؤولية تجاه عماله من المخاطر الجسدية والنفسية بناء على المواد 4121-1 و 4121-2 والمحددة في تجنب المخاطر، تقييم المخاطر لتفاديها، مكافحة المخاطر من المنبع، إعطاء التوجيهات والإرشادات للعمال، وهي أربعة مبادئ من المبادئ التسعة للوثيقة الفريدة لتقييم المخاطر المهنية DUERP.

وأَضافت المحكمة أنه بالنسبة للحالة الوبائية المتعلقة بكوفيد19، أصبحت بعض عناصر تجنب المخاطر تقتضي: إرتداء القفازات والكمامات ( وهي مجانية للعمال ومسؤولية المشغل بتوفيرها)، وضرورة وضع عوازل طبية لعمال صناديق الأداء، ووضع معايير محددة لدخول الزبناء للمحل وخروجهم…

وبناء على حيثيات كثيرة لا يتسع المقام لذكرها، فإن المحكمة قررت أنه :

  • بناء على الملاحظات الجيّدة لمفتش الشغل، يجب على رب العمل أن ينفذ ويتقيّد بالإجراءات الاحترازية والوقائية، وأن يقدم لمفتش الشغل في غضون ثلاثة أيام أجوبة معللة ومقنعة لتصحيح الوضع.
  • لشركة Carrefour Market  القائم عنوانها “بكذا وكذا” أن تحترم مقتضيات مدونة الشغل والإرشادات التوجيهية لوزارة الصحة في غضون ثلاثة أيام، وسوف تحتسب غرامة مالية 500 أورو عن كل عامل بشكل يومي إلى غاية تنفيذ التدابير الوقائية.

تعسفا على الحكم القضائي المكون من عشرات الصفحات باختزاله في هذه الفقرات، نطرح مسؤولية مفتشو الشغل أمام أرباب العمل والباطرونا في المغرب، خاصة وأن مدونة الشغل في المغرب لا تختلف كثيرا عن مثيلتها في فرنسا، حيث تقابل المواد السالفة الذكر في القانون الفرنسي، باب كامل (الباب الرابع) حول المخاطر من المادة 322 إلى 344، ولكن يبقى سؤال البؤر الصناعية والمهنية، أين دور مفتشو الشغل؟ وأين دور القضاء؟

سمعنا بعدد من البؤر الصناعية التي تتحمل مسؤوليتها “الباطرونا” ولكن لم نسمع بأي غرامة أو توقيف أو سحب رخصة أو متابعة أي متسبب في انتشار وباء كوفيد19.

وبناء عليه، فإن كان جنود المرحلة السابقة هم الأطباء ومهنيو قطاع الصحة، فإن جنود المرحلة المقبلة في إطار تدابير تخفيف الطوارئ الصحية هم مفتشو الشغل، ومن خلالهم سيضمن العامل:

  • حمايته من كل المخاطر وخاصة من مخاطر وباء كوفيد 19؛
  • ضمان الحصول التغطية الصحية والحماية الاجتماعية؛
  • حمايته من الاستغلال والاتجار به لصالح أصحاب “رأسمال الجشع”.
Share
  • Link copied
المقال التالي