شارك المقال
  • تم النسخ

جْرَادَةُ.. مَدِينَةُ “الْفَحْمِ وَالْمَوْتِ” تَنْشُدُ “الْبَدِيلَ الِاقْتِصَادِيَّ” الْمَوْعُودَ

تشتهر بمناجم الفحم الحجري، وتلقب في شرق المملكة المغربية بـ”الجوهرة السوداء”، تقع على بعد حوالي ستين كيلومترا جنوب وجدة، ويقارب عدد سكانها الـ 44 ألفا، إنها جرادة، مدينة الفحم، التي تستيقظ في كل فترة على فاجعة وفاة أحد أبنائها تحت أنقاض المناجم المتواجدة بمحاذاة المدينة.

منذ إغلاق مناجم الفحم بشكل رسمي، بداية الألفية الحالية، باتت جرادة، أشبه بمدينة من دون ملامح، بعدما فقدت موردها الاقتصادي الوحيد، في ظل المناخ شبه الصحراوي، الذي تتسم به، البارد شتاء والحار صيفا، ما يجعل من إمكانية انتعاش النشاط الفلاحي بها شبه مستحيل، بالإضافة إلى صعوبة الاعتماد على الرعي، نظرا لضرورة التحرك للبحث عن الكلأ، بسبب عدم انتظام التساقطات.

وبالرغم من إغلاق المناجم، استمر شباب المنطقة في استخراج الفحم بطرق غير نظامية، ما أسفر عن العديد من حالات الوفاة جراء انهيار الكهوف التي يعملون داخلها، ما أجبر أبناء جرادة، على الخروج في أكثر من مناسبة للاحتجاج، والمطالبة بتنفيذ وعود الحكومة التي أطلقتها منذ إغلاق المناجم بشكل رسمي سنة 2001، بتوفير بديل اقتصادي.

وكانت المدينة، قد عرفت احتجاجات واسعة سنة 2018، على خلفية مقتل شقيقين في أحد مناجم الفحم الحجري، ما دفع الساكنة للخروج حاملين رايات المغرب ومطالبين ببديل اقتصادي ينقذهم من معاناة سواء بواطن الأرض، وتهديد الموت الذي يلاحقهم بشكل يومي، ويتسبب في سقوط أرواح بين الفينة والأخرى.

عبد الرحيم (27 سنة)، ابن مدينة جرادة، قال في تصريح لجريدة “بناصا”:”إن المدينة تعيش أزمة خانقة، وظروف العيش تأزمت بشكل كبير، خاصة بعد الحملة التي قام بها عامل الإقليم، والتي عمل خلالها على إغلاق معظم الساندريات الموجودة بالمنطقة، والتي كانت الملاذ الوحيد للضعفاء”.

وتابع المتحدث ذاته، بأن الوضع وصل لأن “تشترك بعض العائلات لشراء كيس دقيق بـ 120 درهما، بسبب عدم قدرة عذدد كبير من الأسر على اقتناء الحاجيات اليومية الضرورية للعيش”، مشيرا إلى أن الظروف وصلت لأن “ترى 3 أسر، اشتركت فيما بينها، من أجل توفير ثمن كيس دقيق بحجم 50 كيلوغرام”.

وأضاف عبد الرحيم، بأن “إغلاق الساندريات، جعل الرجال يلتزمون بالبيت، ويقابلون الأطفال، في وقت اضطرت النساء للتوجه للعمل بمصنع الكروفيت، الأمر الذي ترتب عنه مشاكل زوجية عديدة، أسفرت عن ارتفاع نسبة الطلاق عرفت في الفترة الأخيرة بجردة، إلى جانب عزوف الشباب عن الزواج، بسبب البطالة التي يعانون منها، لدرجة أنه بات من النادر جدا، أن تسمع “تزوج فلان”.

وواصل:”أزمة كورونا فاقمت الوضع، وتضرر بسببها أغلب الأسر بالمدينة، وهناك من يعمل مطلقا منذ شهر مارس الماضي ولحدود غشت الحالي، بسبب الفيروس والحجر الصحي وتداعيات الظرفية الاستثنائية، مسترسلا بأن الفئات الوحيدة التي لم تتضرر من الجائحة، هي الموظفة، أو تلك التي تملك تقاعدا مريحا.

وأردف المتكلم نفسه، بأن أغلب شباب المدينة الذين يحصلون على شواهد عليا أو تكوينات، يضطرون للفرار إلى طنجة أو الدار البيضاء أو القنيطرة، للبحث عن فرص شغل، الأمر الذي تسبب في تغيير البنية الاجتماعية بجرادة، لتصير أشبه بـ”دار عجزة كبيرة”.

وأوضح عبد الرحيم، بأن “جرادة ظلت طوال الشهور الماضية، محصنة من الوباء، قبل أن تعرف في الفترة الأخيرة ارتفاعا في عدد الإصابات بالمدينة، على خلفية عودة الشباب، الذين اضطروا للهجرة إلى المدن الصناعية للبحث عن عمل، بسبب غياب أي بديل اقتصادي في منطقتهم، _عودتهم_ لقضاء العيد مع أسرهم”.

وعن طبيعة البديل الاقتصادي الذي ينشده سكان المدينة، قال عبد الرحيم، بأن “أبناء جرادة، ليس لديهم تفضيل، كل كما يرغبون فيه، هو العمل، وإنهاء معاناة الشباب مع مناجم الفحم الحجري التي تخذ أرواحهم في كل فترة، إلى جانب أن البديل المحتمل، والذي قد يكون شركات أو مصانع، سينعش الإقليم الحدودي، ويعيد الحياة إليه.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي